رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

حفنة كلام

فى أثناء تدريسى اللغة العربية للناطقين بغيرها أكتشفُ اختلاف الثقافات والنظرة للآخر وتَغَيُّر المصطلحات فعندما طلبتُ من الطلاب غير العرب  أن يُعرّفوا "العنف" وآثاره قال أحد طلابى من دولة عُظمى: "يجب تجنّب العُنف إلا إذا كنتَ الأقوى" وهذا التعريف مدهش ومفاجئ لأنه يربط العنف بالوجود القوى، وأن استخدامه واجب على الدول القوية، وهذا يُضعف القيم الإنسانية التى غدتْ رُكاما تاريخيا تتحسّر عليه البشرية؛ لكن يجب أن نفهم كيف يفكر الآخرون، وفى حديثنا عن تعريف "السفير" قال أحدهم وهو طالب دكتوراه فى العلوم السياسية بجامعة عالمية كبرى: "السفير هو الذى يكذب ويكذب من أجل دولته" وهذه الرؤى الميكافيلية من طلاب سيغدون عما قريب سفراء ووزراء بدولهم تجعلنا ننتبه كيف تتفكك المفاهيم من مضمونها، وأذكر أننى عندما ذهبتُ إلى جامعة بون فى 1998 لنيل درجة الدكتوراه فوجئت بعد شهرين من وصولى لألمانيا بخطاب يصل إليّ من قاعدة أمريكية بفرانكفورت يعرضون عليَّ تعليم الضباط والجنود الأمريكان اللغةَ العربية ودهشت كيف عرفونى، ولماذا أنا بالذات؟ فذهبت مُسْرعا إلى العميد وهو المستشرق الألمانى الكبير اشتيفان فيلد وقلت له: لا أريد أن أعلّمهم العربية ولا لغة الجن فلْيذهبوا بعيدا عني؛ فأثنى على موقفى وأرسلتُ لهم: إننى لا أرغب فى ذلك، على الرغم من أن العرض كان مُغريا ماليا، ورحت أتساءل لماذا الجنود الأمريكان يودون تعلّم اللغة العربية فى قاعدة أمريكية بفرانكفورت؟ ولم أقتنع بأية إجابة لكن بعد سنوات طوال كانت الإجابة الفعلية عندما قالت وكالات الأنباء ليلة سقوط بغداد فى 2003 إن القوات الأمريكية التى دخلت بغداد كانت قادمة من قاعدة فرانكفورت وكان أفرادها يجيدون اللغة العربية.. هنا أدركت كيف نفكر "نحن" وكيف يفكرون "هُم" وكيف يخططون؟ 

مختتم الكلام:

قال طرفة بن العبد:

سَتُبدى لَكَ الأَيّامُ ما كُنتَ جاهِلًا

وَيَأتيكَ بِالأَخبارِ مَن لَم تُزَوِّدِ

وَيَأتيكَ بِالأَخبارِ مَن لَم تَبِع لَهُ

بَتاتًا وَلَم تَضرِب لَهُ وَقتَ مَوعِدِ

[email protected]