رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

"كارولينا".. وفاة فتاة جامعية بسبب قلة الأكل بعد وصول وزنها لـ22 كيلو

كارولينا
كارولينا

في ديسمبر 2024، لفظت البولندية كارولينا كشيزاك أنفاسها الأخيرة في غرفة فندق هادئة في جزيرة بالي، بعد رحلة طويلة ومؤلمة مع اضطراب الأكل تبنّت خلالها نظامًا غذائيًا صارمًا يُعرف بـ"الفروتاريانية"، وهو نظام يقتصر على تناول الفواكه النيئة فقط. 

وكانت كارولينا، البالغة من العمر 27 عامًا، كانت تزن قبل وفاتها 3.5 ستون، ما يعادل 22 كج تقريبًا، تعاني من هشاشة عظام متقدمة ونقص حاد في البروتين أدى إلى تورم جسدها وانهيار قواها الجسدية.

ولدت كارولينا في وارسو، بولندا، وبدأت صراعها مع صورة جسدها منذ مراهقتها المبكرة. في عمر الخامسة عشرة، كتبت على فيسبوك: "لماذا أبكي؟ لأنني سمينة." في الثامنة عشرة، غادرت بولندا إلى المملكة المتحدة للدراسة في جامعة ليدز، حيث بدأت اهتمامها باليوغا ثم التحول للنظام النباتي. تطور هذا الاهتمام لاحقًا إلى الفروتاريانية، مدفوعة بتأثير قوي من منصات التواصل الاجتماعي و"مجتمع العافية" الرقمي.

رحلة قاتلة إلى جزيرة العافية

في 8 ديسمبر 2024، وصلت كارولينا إلى منتجع "سومبيركيما هيل" في بالي، وحجزت الفيلا عبر تطبيق واتساب، وطلبت أن تُقدَّم لها فقط وجبات من الفواكه، تُسلَّم إلى غرفتها دون تواصل مباشر.

إلا أن ظهورها أثار قلق موظفي الاستقبال فورًا؛ كانت هزيلة للغاية، عظام الترقوة تبرز من جسدها، وعيناها غائرتان. لم تستطع المشي وحدها إلى غرفتها، واضطر أحد الموظفين لمساعدتها. عرضوا عليها استدعاء طبيب لكنها رفضت مرارًا. خلال الأيام التالية، تدهورت حالتها بسرعة حتى إنها احتاجت مساعدة لتقليب جسدها في السرير.

في اليوم الثالث، تلقى الفندق اتصالًا من صديقة محلية لكارولينا تُدير مقهى نباتيًا في أوبود، بعد أن توقفت عن الرد على الرسائل. حينها، اقتحم الموظفون غرفتها ليجدوها جثة هامدة، هامدة على الأرض، بشعر رمادي وبشرة باهتة.

تغذية سامة... ومجتمع رقمي خطر

كارولينا كانت ناشطة على مواقع التواصل، تنشر صورًا لأطباق فواكه ملونة، وتستقبل إشادات متكررة من متابعيها على جسدها النحيف. عبارات مثل "عظمة الترقوة رائعة!" كانت مألوفة في تعليقاتهم. هذه الإشادات شجعتها على الاستمرار، رغم ظهور أعراض واضحة لسوء التغذية كاصفرار الأظافر وتسوس الأسنان.

في 2017، تواصلت مع مؤثرة نباتية تُدعى "دانييلا" وسألتها إذا كان من الممكن الشفاء من فقدان الشهية عبر نظام فواكه فقط. أجابتها بالإيجاب، لتبدأ كارولينا فصلًا جديدًا من الانحدار الجسدي والنفسي. رفضت النصائح الطبية، وعادت إلى النظام الفروتاري بمجرد خروجها من مركز علاجي.

هل كانت وفاة كارولينا حتمية؟

رغم إشارات التحذير المتكررة، لم تتلقَ كارولينا الدعم الكافي، سواء من عائلتها، أو المجتمع الرقمي، أو حتى مؤسسات الصحة النفسية. أحد أصدقائها السابقين صرّح: "كارولينا كانت بحاجة إلى علاج طبي ونفسي، لكن ما حصلت عليه كان تصفيقًا خطيرًا من مجتمع يغلف الجوع بكلمات مثل النقاء والتطهير."

موتها يعيد تسليط الضوء على تصاعد أنظمة التغذية المتطرفة، وتأثير منصات التواصل في تعزيز سلوكيات الأكل المضطربة، خصوصًا بين الشباب.

وليست مأساة كارولينا كشيزاك قصة فتاة توفيت نتيجة حمية غذائية فقط، بل هي شهادة على مدى خطورة تطبيع الجوع على منصات التواصل، والترويج لنُظم غذائية غير مدروسة على حساب الحياة نفسها. 

وبينما تنبض صور الفواكه بالحيوية على إنستغرام، كانت كارولينا تموت بصمت، جائعة في فردوس مزيف.