حكاية وطن
أدين بالاعتذار لأهلى من الفلاحين على التأخير فى الكتابة عن عيدهم الذى مر مرور الكرام يوم 9 سبتمبر، على المستوى الرسمى دون تطييب خاطر الفلاحين الذين يمثلون حوالى 45٪ من عدد السكان لطمأنتهم لإحداث خفض فى أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعى، أو رفع أسعار المنتجات الزراعية، لإحداث التوازن بين العائد من المحاصيل الزراعية وتكلفة الإنتاج لتحقيق هامش ربح مناسب للفلاح يقيم به ظهره الذى انحنى على الفأس، ويستر به أسرته، ورغم ذلك ما زال الفلاح يغنى مع المغنين: «محلاها عيشة الفلاح» منتظرًا غدًا أفضل يشجعه على الانتظام فى الزراعة والحصاد.
عيد الفلاح تقرر يوم 9 سبتمبر 1952، عندما صدر قانون الإصلاح الزراعى وقيام الرئيس عبدالناصر بتوزيع عقود الأراضى على المزارعين الذين أصبحوا لأول مرة ملاك للأرض. كما يواكب مناسبة سابقة لقانون الإصلاح الزراعى، وهى وقفة «عرابى» خلال الثورة العرابية فى 9 سبتمبر 1881، أمام الخديو توفيق فى قصر عابدين، حيث اصطف الفلاحون وقال عرابى: «لقد ولدتنا أمهاتنا أحراراً ولم نخلق تراثاً أو عقاراً، ولن نستعبد بعد اليوم».
طبعاً الفلاح عماد التنمية الزراعية وإحدى ركائز النهضة الاقتصادية وشريك أساسى فى بناء الجمهورية الجديدة، ويطلق على الفلاحين جيش مصر الأخضر، لدورهم المهم فى تحقيق الأمن الغذائى، وتعتبر الفلاحة مصدر الغذاء لكل البشر، وهى مهمة شاقة تتطلب الجهد والمثابرة والصبر، وإذا كنا نحيى الفلاح على كفاحه من أجل ملء سلة الغذاء من القمح والذرة والسمسم والسكر وباقى المنتجات فإننا لا نغفل دور زوجته الفلاحة الأصيلة الصلبة، السند والظهر لزوجها فى كل أعمال الزراعة والتى تقوم بالدور الأكبر من أعمال الرعاية المنزلية داخل الأسرة، وهى السند لوطنها، حيث تمثل النساء نسبة كبيرة من القوى العاملة الزراعية وتعول بعض النساء أسراً كاملة فى الأرياف، ولنجعل عيدهم.. عيد الفلاح فى كل ربوع الوطن فرصة للتعبير عن الفخر والاعتزاز بتراث الفلاحين المصريين ودورهم الحيوى فى الاقتصاد الوطنى، وفى نفس الوقت لا بد من التصدى لكل من يتهكم على الفلاحين ويحولهم إلى مادة للسخرية بتوقيع أقصى عقوبة عليهم، ومعاملتهم معاملة الذين يضرون بالاقتصاد الوطنى.
ما يطمئن الفلاح وأهلنا الفلاحين فى طول البلاد وعرضها، أن الرئيس السيسى أخذ على عاتقه منذ توليه مسئولية البلاد، الاهتمام بالقطاع الزراعى بشكل غير مسبوق، لا سيما زيادة الدعم المقدم من الدولة للفلاح تقديراً لمسيرته وعطائه وتكليلاً لجهوده فى تأمين غذاء المصريين، وقدمت الدولة منذ ثورة 30 يونيو كافة سبل الدعم المتاحة للفلاحين إيماناً منها بضرورة إرساء دعائم التنمية الزراعية التى تظل ركناً رئيسياً من أركان الاقتصاد الوطنى، كما وجه الرئيس السيسى بتخفيف الأعباء عن المزارعين والتوسع فى المشروعات والأنشطة الزراعية وتحديث وتطوير منظومة الرى.
اهتمام الدولة بالفلاح مشكور، لكن هذه الجهود فى حاجة إلى رقابة شديدة للضرب بيد من حديد على من يعملون على إذلال الفلاح واسألوا مزارعى القصب عما يحدث معهم، وراقبوا المحليات وما أدراك ما المحليات، ومدراء الجمعيات الزراعية ومذلة البحث عن كيس سماد! امسحوا دموع الفلاحين، وامنحوهم حقوقهم قبل أن يهجروا الأرض، وقولوا لهم «كل عام وأنتم بخير» وهم يصرفون مستحقاتهم المتأخرة عن توريد محصول قصب العام الماضى لتفادى الغرامة والحبس عن القروض المتأخرة، معذرة فأنا فلاح ابن فلاح ولى الفخر.