رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

كتبت من قبل عن حاجتنا عند التخطيط لجذب استثمارات ضخمة للمشروعات المختلفة فى مصر لقصص نجاح عملية على أرض الواقع.

من هُنا، سعدت وتحمست وازداد تفاؤلى كثيرا بإعلان الحكومة قبل أيام عن إسناد مشروعات إنشاء وحق استغلال خمس محطات محولات كهرباء جديدة للقطاع الخاص، باستثمارات تقارب 18 مليار جنيه. وسبق أن أعلنت الحكومة قبل أكثر من شهر عن مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات تنفيذ واستغلال محطات محولات كهرباء فى العاشر من رمضان، والقاهرة الجديدة.

ولاشك أن هذا يأتى متوافقا مع تعهد الحكومة بخفض الإنفاق على الموازنة العامة، وتوسيع دور القطاع الخاص فى مختلف الأنشطة الاقتصادية، والعمل على تخفيف أعباء خدمة الدين. وهو ما يعنى تفعيل فكرة مشاركة القطاع الخاص فى المشروعات التنموية الكبرى بدلا من الاقتراض من الخارج أو الداخل. وهذا هو بالفعل ما يُسرع من وتيرة النمو، ويوفر فرص عمل متنوعة، ويُحسّن الخدمات ويزيد كفاءتها. والأهم من كل ذلك أنه يقدم قصص نجاح عملية للقطاع الخاص فى مختلف الأنشطة.

وإذا كانت البيانات المعلنة لوزارة التخطيط تشير إلى استهداف مصر رفع الاستثمارات الخاصة لتصبح 63% من إجمالى الناتج المحلى، مقابل 37 % للاستثمارات العامة، فإننا نتطلع لما هو أبعد من ذلك، لتصل نسب مشاركة استثمارات القطاع الخاص لأكثر من 80 % من الناتج الإجمالى.

فعلى مدار عقود، ظلت الدولة المصرية تتحمل العبء الأكبر فى تمويل وتنفيذ مشروعات البنية التحتية، بما فى ذلك الكهرباء، والطرق، والموانئ، والمطارات. ورغم النجاحات التى تحققت فى هذه المجالات، إلا أن اعتماد الدولة وحدها على موازنتها العامة أدى فى كثير من الأحيان إلى ضغوط مالية متزايدة، بل تأجيل بعض المشروعات أو تنفيذها على مراحل أطول مما هو مخطط له. من هنا تأتى أهمية إتاحة الفرصة أمام القطاع الخاص للمشاركة بفاعلية فى استثمارات استراتيجية تمثل عصب النمو الاقتصادى.

وفى رأيى، فإن دخول القطاع الخاص بقوة وفاعلية إلى مشروعات البنية التحتية يتيح للحكومة خفض الأعباء المالية المباشرة على الموازنة العامة، ويؤدى إلى توجيه الموارد المتاحة نحو قطاعات مهمة مثل الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية. وهذا يمثل نقلة نوعية فى إدارة الموارد، حيث لا تصبح الدولة هى المستثمر الوحيد، بل المنظم والمشرف، بينما يتولى القطاع الخاص التمويل والتنفيذ والتشغيل.

كما أن هذه الشراكة تضمن قدرًا أكبر من الكفاءة والسرعة فى إنجاز المشروعات، نظرًا لما يتمتع به القطاع الخاص من مرونة فى الإدارة، وقدرة على الابتكار، وسرعة فى اتخاذ القرار، وهى مزايا غالبًا ما تكون محدودة داخل الجهاز الحكومى.

ولا شك أن تجربة إشراك القطاع الخاص فى قطاع الكهرباء يمكن أن تصبح نموذجًا يحتذى به فى مجالات أخرى مثل الطرق، والمطارات، والموانئ. فهذه القطاعات تمثل شرايين الاقتصاد القومى، وتطويرها يتطلب استثمارات ضخمة يصعب على الدولة تحملها بمفردها، خاصة فى ظل التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة.

وعلى الرغم مما تحمله هذه الخطوة من إيجابيات، إلا أن نجاحها يتوقف على وجود إطار تشريعى وتنظيمى واضح يضمن التوازن بين مصالح الدولة والمستثمرين. ويشمل ذلك تحديد آليات شفافة للرقابة، ووضع معايير واضحة لتسعير الخدمات، وضمان عدم تحميل المواطن أعباء إضافية غير مبررة. كما يجب العمل على خلق بيئة استثمارية مستقرة من خلال سياسات اقتصادية واضحة ومعلنة، وحوافز تشجع المستثمرين، إلى جانب توفير آليات لحل النزاعات بشكل عادل وسريع.

ومن المهم كذلك أن تكون هناك رؤية استراتيجية متكاملة تحدد أولويات المشروعات التى سيتم فتحها أمام القطاع الخاص، بحيث يتم اختيارها وفقًا لاحتياجات التنمية الحقيقية، وليس بناءً على اعتبارات آنية أو ضغوط مرحلية.

وسلامٌ على الأمة المصرية.