صواريخ
الأحداث السريعة والمتلاحقة فى الشرق الأوسط لا تتوقف، والشذوذ الأمريكى الإسرائيلى وصل لأبعد نقطة، بعد أن استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض- الفيتو- للمرة السادسة ضد وقف الحرب فى غزة، فى تحد صارخ وفج ضد الإنسانية التى باتت تتقزز من عمليات الإبادة الجماعية والتطهير العرقى وحرق شعب بكامله فى أكبر مأساة إنسانية عرفها التاريخ.
السقطة الأمريكية فى اجتماع مجلس الأمن الأخير كشفت عن دلالات خطيرة بعد أن اتفق 4 أعضاء دائمين فى مجلس الأمن وعشرة أعضاء منتخبين على وقف الحرب التى استمرت عامين وحصدت أرواح عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ، بينما رأت الولايات المتحدة لذتها فى استمرار دعم النازية والإرهاب الإسرائيلى، وتحد العالم أجمع، فى إعلان واضح على سقوط الشرعية الدولية فى أعلى قمتها وهو مجلس الأمن الدولى، الذى بات عاجزًا ومشلولاً أمام الفيتو الأمريكى، وأصبح رهين الفاشية والخرافات الدينية والمصالح الاقتصادية، وفى دلالة على أن هذا المجلس الذى إنشئ من أجل حفظ السلم والأمن الدوليين فقد الهدف الأساسى من إنشائه وعاد بالعالم إلى عصور الظلام والعنصرية وقانون الغاب، ولم يعد هناك بديل لإنقاذ العالم إلا بإصلاح شامل للأمم المتحدة وكل المؤسسات التابعة لها.
الصدمات الإسرائيلية الأمريكية المتتالية للعالم العربى، وإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلى المتطرف نتنياهو عن إسرائيل الكبرى، وتغيير خريطة الشرق الأوسط، لم تعد مجرد سرديات وأوهام فى عقل الإدارة الحاكمة فى تل أبيب وواشنطن، وإنما حقائق تمارس على أرض الواقع فى المنطقة العربية والشرق الأوسط، ولم تكن زيارة وزير الخارجية الأمريكى مارك روبيو الأخيرة إلى تل أبيب، عقب الاعتداء الإسرائيلى على قطر، وقيام نتنياهو وربيو بزيارة- حائط المبكى- إلا إعلانًا صريحًا ورسالة دعم من الولايات المتحدة لإسرائيل فى كل ما تقوم به، وفى كل مخططاتها الشيطانية والطائشة القائمة على خرافات دينية، بعيدًا عن الواقع والتاريخ والجغرافيا وسيادة الدول وأيضًا قرارات الشرعية الدولية، وجميعها إجراءات تشكل دفعًا واضحًا نحو حرب إقليمية شاملة لإشعال المنطقة وإعادة تشكيلها من جديد.. ويبدو أن بعض الدول العربية بدأت تستفيق من الخديعة الكبرى ومزاعم الحماية الأمريكية، واكتشاف أن القواعد الأمريكية على أراضيها هى فى حقيقتها باتت تشكل مصدر تهديد لأمنها القومى وتكبل قرارها السياسى والاقتصادى وليست مصدر حماية، وفى ظل التحولات العالمية الكبيرة وصعود قوى جديدة، بات على دول الخليج إعادة حساباتها على كل المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية.
الحقيقة أن مصر تقرأ المشهد جيدًا منذ أحداث ما يسمى بالربيع العربى، وتعمل جاهدة لمنع انزلاق المنطقة لحرب شاملة- رغم استعدادها لكل السيناريوهات والاحتمالات- ولم يكن التحرك السياسى المصرى الرصين فى عدة ملفات مهمة، إلا بهدف وأد شرارة هذده الحروب التى تصر على إشعالها إسرائيل وأمريكا.. ونجحت مصر بالفعل فى التوصل إلى إتفاق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية وإنهاء ذريعة شن حرب جديدة على إيران فى ضربة سياسية مصرية حصيفة.. وبالتوازى مع التحركات السياسية المصرية فى شتى الملفات، لم يفعل الجيش المصرى الضغط العسكرى الإسرائيلى على سكان غزة والتحركات المشبوهة والخطيرة، الأمر الذى استدعى إجراءات مصرية ويقظة عسكرية تحسبًا لأى عمل إسرائيلى طائش يفرض عملية التهجير، وعدم إدراك الرد الصاعق المصرى فى أمر لا يقبل التهور والحسابات الدقيقة، وهو ما أدركته إسرائيل مؤخرًا على ما يبدو من تسريبات موقع اكسيوس، ثم جاءت الخطوة المصرية التركية بإجراء مناورات عسكرية بحرية مشتركة فى البحر المتوسط تحت مسمى - بحر الصداقة - كرسالة ردع واضحة من أكبر قوتين عسكريتين فى الشرق الأوسط، كما تبدأ نفس المناورات بين مصر والسعودية بالبحر الأحمر، فى دلالة قاطعة على قدرات مصر التى تؤكد أن حسابات التاريخ والجغرافيا لا يمكن طمسها أو تغييرها فى ظل قوة تحميها وقادرة على فرض السلام.
حفظ الله مصر