الحكايات الأسطورية للطيور في مصر القديمة جديد عدد "الموروث"
عدد من الدراسات التي أضاءت على الموروث المصري من الأساطير الشعبية، وكذا متاحف مصر ومقتنياتها من القطع الأثرية التي تُمثل تراثاً للإنسانية جمعاء، احتواه العدد الجديد، رقم ٣٩ من مجلة الموروث الفصلية المحكمة المعنية بالتراث، والتى يصدرها معهد الشارقة للتراث .
هذا وقد تضمن العدد مجموعة من الموضوعات التي تدور في فلك التراث، والتي تناولها الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس التحرير بالنقاش في مقاله الافتتاحي الذي تصدر صفحات المجلة.
وفي موضوعات العدد، نُطالع دراسة لمصطفى الكيلاني: بعنوان "حكاية الدم ورموزه من إينوما ايليش" إلى الكتاب الأحمر لكارول غوستاف يونغ"، حيث تتناول تلك الدراسة تاريخ سرد الحكايات، بدءاً من حكاية الخلق البابلية المكتشفة في مكتبة آشور بانيبال منتصف القرن التاسع عشر، وصولاً إلى السيرة الذاتية لعالم النفس غوستاف يونغ. حيث ركّز "الكيلاني" في دراسته على ثيمة الدم كعنصر أساسي في النفس البشرية، متتبعاً ظهورها في ملحمة جلجامش و"ألف ليلة وليلة". يجمع البحث بين التناول الفلسفي والتراثي والتاريخي، مطروحاً تساؤلات عن دوافع القتل والحروب وإمكانية التحرر من هذا الإرث الدامي.
وفي حقل الدراسات أيضاً، يُقدّم الباحث منتظر الحسني دراسة ميدانية عن" الموروث الثقافي للغجر في العراق"، مركزاً على أحد المجمعات السكنية التي تقطنها هذه الفئة. ويكشف البحث عن السمات الثقافية والفلكلورية المُميزة للغجر، ويستعرض تأثير المتغيرات السياسية والاجتماعية على حياتهم وأنماط عيشهم. وقد اعتمد "الحسني" على الأسلوب الشفاهي لجمع مادته، مُقدماً صورة عن الحرف الشعبية، الأزياء التقليدية، الفنون، والطقوس التي تُميز هذه الجماعة.
وعلى صفحات هذا العدد من "الموروث" يُقدم لنا الباحث علي حداد دراسة عن "شعرية الأبوذية" شجن العراق الأصيل، وهو أحد أشكال الشعر الشعبي الغنائي الذي نشأ في بيئة العراق قبل أن ينتقل إلى بيئات عربية أخرى، ويُقدم "الحداد" قراءة تحليلية تتناول تسمية هذا الفن، وتاصله التاريخي وعناصر تشكيله، مع استعراض أنواعه التي يظهر فيها، مُبرزاً أهميته كجزء من التراث الشفاهي العربي.
وقدم الباحث الزبير مهداد دراسة عن حرفة الفخار اليدوي التقليدية التي تمارسها النساء في المناطق الريفية بالمغرب. مُسلّطاً الضوء على استخدام المواد الطبيعية والتقنيات البسيطة الموروثة لإنتاج أوانٍ متشابهة في أشكالها وزخارفها. كما يستعرض "مهداد" صناعة الفخار الدولابي الذي ينتجه الرجال في معامل المدن، ويتميز بتطور تقني وفني أكبر، مما يعكس التنوع في هذه الحرفة التقليدية.
ونبقى في المغرب أيضاً، حيث احتوى هذا العدد من المجلة على مقاربة تحليلية للباحث محمد رمصيص، تناول فيها الأزياء التراثية المغربية وعلاقتها بالهوية والطبيعة، مُتتبعاً ظهور هذه الأزياء وتطورها، كما صنّفها طبقياً، مقدمًا تفكيكاً للرسائل المشفرة التي تحملها، مما يبرز أهميتها كجزء من الهوية الثقافية المغربية.
ونقرأ في ملف الدراسات، ما كتبه إبراهيم إبراهيم عبدالفتاح، عن "تراث مدينة القاهرة في ضوء كتابات عالم المصريات جيمس هنري بريستد، راصداً كيف تمكن "بريستد" من تقديم تجربة سياحية افتراضية عبر كتاب أنتج بالتعاون مع إحدى الشركات الرائدة في التصوير الفوتوغرافي المجسم. يتيح الكتاب للقارئ استكشاف معالم مصر الأثرية والإسلامية عبر عصورها المختلفة دون مغادرة مكانه، مع عرض لعادات المصريين وتقاليدهم وثقافتهم بمنهج أثنولوجي، مما يجمع بين التوثيق التاريخي والتجربة البصرية.
وأما الباحث أحمد سعد الدين عيظة، فقدم دراسة بعنوان "إبداعية الأداء في الموسيقى الشعبية المصرية" توقف خلالها عند التفاعل بين المؤدي والجمهور من خلال السرد الحكائي، موضحاً كيف يتجاوز المؤدي دور الراوي إلى التأثير العاطفي والخيالي في المتلقين.
وكان موضوع دراسة الباحث أحمد مصطفى حسين"الأغنية الشعبية وتنمية الطفل العربي"، حيث استعرض دور الأغنية الشعبية في النمو المعرفي للطفل العربي في ظل العولمة والثورة الرقمية. وناقش التحديات التي يواجهها الجيل الجديد في ظل هيمنة الذكاء الاصطناعي، مقدماً توصيات لتعزيز السلوك الإيجابي وتنمية التفكير الإبداعي من خلال الأغنية الشعبية.
ونعود للمقاربات، حيث نُطالع للباحث حجاج سلامة دراسة عن الحكايات الأسطورية المرتبطة بالطيور بين سكان المناطق الأثرية في مصر، حيث ركّز "سلامة" على النصوص والنقوش الموجودة على جدران المعابد والمقابر والتي توثق الكثير من الحكايات الأسطورية عن الطيور في مصر القديمة، مُستعرضاً الروايات الشفاهية المرتبطة بها، متجاوزاً الحكايات الأسطورية إلى المعتقدات المقدسة والنقوش التاريخية، مُقدماً سرداً لتاريخ هذه الظواهر الثقافية.
ويأخذنا الباحث عبد المقصود محمد في رحلة إلى خمسة متاحف مصرية تعكس الثراء الحضاري لمصر القديمة هي: المتحف المصري الكبير بالجيزة، المتحف المصري القديم بالقاهرة، المتحف القومي للحضارة المصرية، متحف الإسكندرية القومي، ومتحف الأقصر. وقدم الباحث استعراضاً للشواهد الأثرية التي تكشف عن إبداع مصر القديمة، موفراً للقارىء تجربة ثقافية دون الحاجة إلى السفر.
وفي عروض الكتب، جالت بنا الباحثة نادية بلكريش بين فصول وصفحات كتاب "حومات ودروب مدينة مراكش العريقة" للباحث إبراهيم صفاء الفيلالي، حيث يُقدم الكتاب دراسة إثنولوجيا أحياء مراكش، مثل حومة المواسين، القصور، بن صالح، وأزبزط سيدي إسحاق، موثقاً ذاكرة المدينة المهددة بثقافة العصر، في جهد يتجاوز التوثيق إلى حفظ التراث الحي.
يُذكر أن مجلة "الموروث "هي مجلة فصلية تعني بالموروث الثقافي وتصدر عن معهد الشارقة للتراث، ويرأس تحريرها الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس المعهد، ومدير التحرير الدكتور صالح هويدي، وتضم الهيئة الاستشارية للمجلة الدكاترة: حمد بن صراي، وخزعل الماجدي، وسعيد يقطين، وضياء الكعبي، وعبد الحميد بورايو، ومحمد الجويلي، ومحمد حسن عبد الحافظ، فيما تضم هيئة التحرير الدكاترة: راشد المزروعي - عبد الله المغني، عبدالله يتيم - مبروك بوطقوقة - فيما تتولى لطيفة المطر وشي السكرتارية التنفيذية، والتصميم والإخراج لمنير حمود، والتدقيق اللغوي لبسام الحفل.
