حين نقرأ سيرة سيدنا رسول الله نبى آخر الزمان محمد صلى الله عليه وسلم، نجد أنفسنا أمام رجل لم يعرف التاريخ له مثيلًا، رجل عاش يتيمًا ليعلّمنا أن القوة لا تأتى من كثرة السند، بل من صدق القلب وقوة الإيمان.
ولد فى مكة، حيث قسوة الصحراء وجفاف القلوب، لكنه جاء بقلـب يفيض رحمة، ولسان لا ينطق إلا صدقًا، ويدٍ لا تمتد إلا عطاءً، لم يكن نبيًّا عاديًّا، بل كان رحمةً تمشى على الأرض، وكان قلبه يتسع للجميع؛ فكان إذا جاع آثر غيره، وإذا أُوذى دعا لمن آذوه بالهداية قائلًا: «اللهم اهدِ قومى فإنهم لا يعلمون».
فى لحظة الانتصار يوم فتح مكة، لم يتعالَ، بل قال: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ»، كان صلى الله عليه وسلمكريم رحيم فكان يمسح على رأس اليتيم، ويقول: «أنا وَكافلُ اليتيمِ فى الجنَّةِ كَهاتين، وأشارَ بأصبُعَيْهِ يعنى: السَّبَّابةَ والوسطى».
و كان إذا صلى، دمعت عيناه خشيةً من الله، وإذا ضحك صلى الله عليه وسلم، أضاء وجهه كالبدر فى ليلة تمامه. عاش زاهدًا، وترك الدنيا وهى لو شاء صلوات ربى وسلامه عليه لكانت بين يديه ذهبًا وفضة، لكنه قال: «مالى وللدنيا إنما مثلى ومثلُ الدُّنيا كراكبٍ استظلَّ تحت شجرةٍ ثم راحَ وتركها».
حمل همّ البشرية كلها، وبكى شوقًا لأمته قائلًا: «وَدِدْتُ أنِّى لقِيتُ إخوانى»… يقصد أنا وأنت وكل من آمن به ولم يره.
و ختامًا: محمد صلى الله عليه وسلم ليس مجرد نبي… بل هو معلم الإنسانية، ومصدر النور الذى أخرج العالم من ظلام الجهل والظلم إلى عدل ورحمة رب العالمين.
* محمد صلى الله عليه وسلم ليس ذكرى تُروى، بل قدوة تُتّبع، وحبٌّ يُسكن القلوب، ونورٌ يُضىء الدروب.
فلنجعل من سيرته منهجًا، ومن سنته حياة، ومن حبه زادًا فنملأ قلوبنا حبًا له،حتى نلقاه عند الحوض الشريف.
فنشرب من يده الشريفة شربةً لا نظمأ بعدها أبدًا.
«صلوا عليه وسلموا تسليمًا… اللهم صلِّ وسلم على حبيب القلوب وشفيع الأمة محمد صلى الله عليه وسلم».
الأستاذة بجامعة الأزهر الشريف