شواكيش
الحُزن والكآبة أصبحا يسيطران على حياتنا اليومية وعلاقتنا الاجتماعية.. فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تحيط بنا.. لدرجة إننا لا نستطيع العيش بدون الحُزن.. لأنه لا طعم للسعادة بدون حُزن.. والحُزن شيء تعودنا عليه وأصبح لانقدر الاستغناء عنه.. ولا وجود لشيء اسمه «السعادة» فى ظل أسعار ملتهبة فى أسواق الغلاء!
> وعندما نبحث عن قواميس السعادة فى حياتنا اليومية.. نجد أن السعادة والفرح والتفاؤل أصبحت مُفردات غريبة من لغة نجهلها.. ربما تذكرنا أننا كنا نعرفها يومًا ما.. ولكن بطعم العلقم والصبار.. وعندما يملأ الفرح أيامنا والبهجة ليالينا.. لا يزال هناك مكان صغير لبعض الحزن ولبعض الخوف.. حتى لو كانت ذكريات بعيدة نشعر بأنها يمكن أن تعود فى أى لحظة!
> لو سألنا أنفسنا: لماذا يسهل الكتابة عن الحزن أكثر من السعادة؟ ولماذا نشعر برغبة أكبر فى الكتابة فى أوقات الحزن أكثر من أوقات السعادة والفرح؟! تأتينا الإجابة بلغة التشأوم: الحزن أصبح شبح يطارد حياتنا وحياة الناس.. حُزننا يسكنا فى قمة سعادتنا.. صِيرنا نحزن حتى أصبحنا لا نستطيع العيش بدون الحزن والكآبة!
> لحظات الحزن التى نمر بها ليست إلاّ تذكيرًا بنعمة الله بطعم السعادة التى نعيشها لحظات وربما نفقدها كثيرًا فى براكين وزلازل الحياة الصعبة.. ولكن الواقع المؤلم أن الإنسان فى لحظات السعادة والفرح قد يجد الكثير من الناس حوله.. ولكن فى لحظات الحزن فإن العكس يحدث تمامًا.. والحمد لله أننا فى هذه الأيام الدوارة.. نجد فئة من الأصدقاء الأوفياء والمخلصين.. رغم انهم قلة ولكنهم موجودون!
> «كلنا عاوزين سعادة.. بس إيه هيه السعادة؟ قوللى يا صاحب السعادة».. بمناسبة الحديث عن السعادة.. تذكرت كلمات المنولوج الساخر الذى غناه سفير السعادة الفنان إسماعيل ياسين بصوته وحركاته البهلوانية فى فيلم «الدنيا لما تضحك».. وانتظرنا طويلًا من صاحب السعادة أن تضحك لنا الدنيا.. كما تضحك اليوم لأهل وناس العلمين.. ولكن يبدو أن السعادة خرجت من شاطئ حياتنا.. وحل محلها الحُزن والكآبة.. لماذا لا ندرى؟!
> حقًا.. الحزن فى أيامنا الصعبة سيطر علينا.. ولأننا نمارس السعادة كأننا نمارس عمل غير مشروع وإذا حلمنا نقول: «اللهم اجعله خير» وكأن السعادة والفرح مدخلان حتميان للحزن!
> فى النهاية أقول لكم بنبرات يكسوها التفاؤل والأمل: أيام السعادة آتية ولكنها ستمر سريعًا.. ربما ستفاجئنا حكومتنا الرشيدة بتوزيع أقراص السعادة الذهبية على بطاقات التموين الذكية.. تحت مبادرة : «اضحك كركر وخُدلك كيس سُكر بودر»!
آَخِر شَوْكَشَة
تصادف جلوسى على مقهى شعبى فى «درب سعادة» بباب الخلق.. حيث طلبت مشروب «عناب» أروق به دمى فى الطقس الحار.. وفوجئت بالجرسون الشاب يتجه نحو «النصبة» ليصيح بأعلى صوته: «.. وعندك واحد سعادة» فأعترضه مداعبًا: «بلاش سعادة يا عسل.. كفاية عليّا أشوف الناس فى كآبة بالملايين فى ميدان السعادة الكبير».. وعجبى ع السعادة اللى فى زمن الكآبة!