رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

النهضة الصناعية في المغرب تقودها السيارات والطائرات

العاهل المغربي الملك
العاهل المغربي الملك محمد السادس

شهدت المملكة المغربية خلال العقد الأخير تحولا نوعيا في مسارها الصناعي، لتنتقل من اقتصاد يعتمد بدرجة كبيرة على الزراعة والفوسفات، إلى قوة صناعية إقليمية ودولية تتصدرها صناعة السيارات والطائرات، وبفضل رؤية استراتيجية واضحة، مدعومة باستثمارات كبرى وشراكات عالمية، بات المغرب اليوم نموذجا يحتذى به في التنمية الصناعية المستدامة.

صناعة السيارات.. الحصان الرابح

تحولت صناعة السيارات في المغرب من مجرد قطاع تجميع إلى صناعة متكاملة، قادرة على المنافسة عالميا، فقد حقق القطاع سنة 2023 إيرادات قاربت 14 مليار دولار، بفضل منظومة صناعية تضم حوالي 250 مصنعا تنتج أكثر من 570 ألف سيارة سنويا، وبحلول 2024، ارتفع الإنتاج إلى أكثر من مليون سيارة سنويا بمعدل سيارتين في الدقيقة، لتتجاوز العائدات 17 مليار دولار، مع توقعات بالوصول إلى مليون ونصف سيارة بحلول 2030.

ويُعتبر مجمع طنجة لصناعة السيارات أحد أكبر المصانع في إفريقيا بطاقة إنتاجية تتجاوز 400 ألف سيارة، إلى جانب مصنع القنيطرة الذي يركز على النماذج الكهربائية والهجينة، هذا التطور مكن المغرب من استقطاب التكنولوجيا والخبرات العالمية، وتوسيع قاعدة موردي قطع الغيار والمكونات.

كما عزز المغرب مكانته عبر دخول مجال السيارات الكهربائية والهيدروجينية، حيث نجح في إنتاج أكثر من 40 ألف سيارة كهربائية، إلى جانب الإعلان عن أول سيارة مغربية 100%، وأول نموذج لسيارة تعمل بالهيدروجين من تطوير كفاءات محلية.

موقع استراتيجي وبنية تحتية عالمية

لم يكن هذا النجاح وليد الصدفة، بل ثمرة عوامل عديدة، أبرزها الموقع الجغرافي الذي يجعل المغرب بوابة بين إفريقيا وأوروبا، إلى جانب موانئ متطورة مثل ميناء طنجة المتوسط الذي تفوق على ميناء الخزيرات الإسباني، ما عزز قدرة المغرب التصديرية، كما ساهمت الإعفاءات الضريبية، والتسهيلات الجمركية، وتوفر اليد العاملة المؤهلة، في جذب استثمارات كبرى من علامات عالمية مثل "رونو" و"ستيلانتيس".

الفوسفات.. الذهب الأبيض للمغرب

رغم الطفرة الصناعية، يبقى الفوسفات ركيزة استراتيجية للاقتصاد المغربي، حيث يمتلك المغرب احتياطيا يناهز 50 مليار طن، بقيمة تقدر بحوالي 7.5 تريليون دولار بأسعار اليوم، وهو ما يجعل المملكة أكبر مصدر عالمي لهذه المادة الحيوية التي تدخل في صناعة الأسمدة والطاقة.

الطيران.. صناعة المستقبل

لم تقتصر النهضة الصناعية المغربية على السيارات والفوسفات، بل شملت أيضا قطاع صناعة الطائرات الذي يعرف نموا لافتا،  فقد تمكن المغرب من استقطاب أكثر من 140 شركة عالمية مثل “بوينغ”، “إيرباص”، و”سافران”، ما جعله ضمن أكبر 20 دولة مصنعة لأجزاء الطائرات في العالم.

وبلغت صادرات المغرب من الصناعات الجوية حوالي 3 مليارات دولار في 2024، مع توقعات بارتفاعها بفضل استثمارات جديدة في مناطق صناعية متخصصة أبرزها منطقة النواصر قرب الدار البيضاء، التي تضم مصانع متطورة وبنية تحتية لوجستية حديثة.

وفي 2025، حقق المغرب قفزة جديدة في صناعة قطع غيار الطائرات، إذ رسخ مكانته كقاعدة إقليمية ودولية بفضل جودة التصنيع والتزامه بالمعايير العالمية، إلى جانب تكوين مهندسين وفنيين مهرة عبر برامج تدريب وشراكات تعليمية متقدمة.

رؤية شاملة نحو التنمية المستدامة

تشكل الصناعة اليوم حوالي 24% من الاقتصاد المغربي بما يعادل 37 مليار دولار، وتشغل نحو مليون عامل، وتعكس هذه الأرقام نجاح المغرب في بناء اقتصاد متنوع قادر على المنافسة، قائم على الابتكار والطاقة المتجددة، حيث تلعب السياسات الحكومية دورا محوريا في دعم البحث والتطوير وتعزيز سلاسل القيمة العالمية.

من السيارات إلى الطائرات، ومن الفوسفات إلى الطاقة المتجددة، يخطو المغرب بثبات نحو موقع ريادي عالمي، جامعا بين التصنيع المتطور والاستدامة، وما هذه الطفرة الصناعية إلا بداية لمسار طويل نحو اقتصاد حديث، يجعل من شعار "صُنع في المغرب" علامة للجودة والابتكار، ومفتاحا لمستقبل واعد على المستويين الإقليمي والدولي.