رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

الناصية

يبدو أنه كان لزاماً على الروائى صنع الله إبراهيم الموت 13 أغسطس 2025 بعد أن اطمأن على موت الموسيقار زياد رحبانى 26 يوليو 2025!

ليس لأنهما صديقان بل لأنهما غريبان فى بلاد غريبة.. وماذا يفعلان فى حياة بلا حياء؟.. موهبتان فى مستنقع بلا كفاءة، أو لأنهما آخر عماليق الأدب والفن العربى وما أندر مواهبنا حاليًا وما أكثر التافهين.. فلا يليق بصدق صنع الله الإنسانى والأدبى أن يرتاح ويترك خلفه قرينه الصادق الصدوق فنيًا وإنسانيًا فى هذا الزمان المخادع والملاوع وأبو ألف وجه ووجه خاصة بعد ان طأطأ الذل أعناق الرجال وسقطت ورقة التوت الأخيرة من على أجسادنا فى الوقت الذى تنتهك وتتمزق فيه الخريطة العربية من كلاب ضالة وحفنة من السفهاء!

ربما الكلام يبدأ ولا ينتهى عنهما وإن كان جرح رحيل زياد تجلطت دماؤه ومع ذلك ما زال ينزف فإن جرح رحيل صنع الله ما زالت دماؤه سائلة وتتدفق!

لم تتجل تجربة صنع الله إبراهيم الروائية فى سجون جمال عبدالناصر عام 1959 ولا فى رفضه لجائزة نظام مبارك عام 2003، ولكن تجلت من صوته الخاص ورؤيته المتفردة فى الحكى وكتابة تجربته الحياتية اليومية بدون اجترار للذكريات وإلا الكتابة على الفاضى كما يفعل الكثير من مدعى الكتابة الذين يقولون على أنفسهم روائيين!

إن محاولات اختطافه من اليسار باعتباره أديبهم، وكذلك محاولات اختطافه من النظام فى حياته وحتى بعد مماته، هى محاولات يائسة لمجموعات أكثر يأسا لأن موهبته أكبر منهما، وما كان انحيازه اجتماعيًا للمهمشين لأنه كان مهمشاً بل لأنه أجبر فى مجتمع بأس أن يكون فى مواجهة السلطة!

وأعتقد أن صنع االله إبراهيم، مثله مثل زياد رحبانى، لو تركا مواهبهما للفن والإبداع الحر الطليق لكان لدينا أكثر من جارسيا ماركيز (أديب كولمبي) وأكثر من ريمسكى كورساكوف (موسيقار روسي)!

قد يرى البعض أن موقفهما الاجتماعى وانحيازهما لليسار السياسى هو الذى خلقهما ولكن ببعض التفكير الحر سنكتشف أن مواقفهما خنقت مواهبهما.. وأن الحقيقة، إنهما حوتان، فى الادب والموسيقى وضعا أنفسهما فى حوض اسماك صغيرة.. ونحن اكتفينا بالنظر لهما من الخارج وتوهمنا أن سوادهما ملون!

تصوروا موهبة فذة مثل نجيب محفوظ كانت محصورة فى اليسار، أو العقاد وطه حسين.. وتصوروا الاخوين الرحبانى، لو تعاملا مع إبداعهما كسياسيين لا فنانين، وانخرطا فى العمل السياسى وتمزقا بين الطائفية.. وموهبتان نادرتان مثل الشاعر أمل دنقل والقاص يحيى الطاهر عبدالله كانا فى مساحة أكبر وأرحب من دورهما السياسى الذى انتقص من دورهما كأديبين!

ربما ظروف مجتمعاتنا أجبرت معظم مبدعينا على الانحياز والاصطفاف فى طابور المضطهدين والضعفاء مثلهم مثل شعوبهم، وإنه كان من المخجل أن يكونوا على غير ما تكون أوضاع عامة الناس.. ولكن أعتقد هذه الظروف التى ظهرت فيها مواهبهم، قلصتها أيضاً ونالت منها وجعلتها أصغر مما صنعه الله!

[email protected]