كلام فى الهوا
طرح «ميكيافيلى» سؤالاً على الأمير فقال له: هل القلاع نافعة لحمايتك أم مؤذية لك؟ وأجاب «ميكيافيللى» على السؤال بنفسه وقال له: إن خير القلاع التى تقيمها من أفئدة الشعب» لأن ما يُفسد الأمير عندما يَحكم، هؤلاء المنافقون الذين يحاولون أن يفصلوا بين الأمير وشعبه، وأكبر حالات النفاق والمدح الزائف فى التاريخ بيت الشعر الذى نُسب إلى المتنبى عندما ضرب الزلزال مصر فى عهد «كافور» أحد مماليك مصر، فقال متملقاً لـ«كافور»: «ما زلزلت مصر من كيد ألم بها... إنما رقصت من عدلكم طرباً» بهدف نيل عطاياه شأنه فى ذلك شأن معظم الشعراء الذين يَجدون فى بلاط السلاطين ميداناً لبيع كلاماتهم ويتنافسون فيها كذباً من أجل العطايا والهدايا والتى فى العادى تؤخذ من قوت الشعب. هؤلاء يتخذون من صناعة الكلام المكتوب أو الشفوى مهنة حتى لو كان كذباً ولا يمت للواقع بصلة ولا ينسجم معه. و«المتنبى المعاصر» ليس له وطن وليس له عُمر معين أو اختصاص محدد، فقد يَلبس لباس الدين أو يَدعى الليبرالية، و يكون معه أعلى الشهادات. فهم مجرد تجار يبيعون كلماتهم لمن يشترى، يمدحون من يدفع لهم بلا وجه حق، إنهم مرتزقة كل زمان، ليبقى السؤال: هل هؤلاء يستحقون الاحترام من طرف الفقراء الذين هُدمت حياتهم؟