رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

خارج السطر

«فظيعٌ جهلُ ما يجرى/ وأفظع منه أن تدرى» كما يقول الشاعر اليمنى الكبير عبد الله البردوني (1929- 1999).

فما تمر به المنطقة من توتر، وجموح، واستفزاز، واحتقان، وصراع، واحتدام، يرجرج الألباب، ويوقظ الهمم، ويدفعنا للتحسب والتفكر والاستعداد لما نتوقعه وما لا نتوقعه.

انفلت لجام إسرائيل ولامس جنون بنيامين نتنياهو حدود اللاعودة، باعتدائه السافر على سيادة دولة تربطه بها علاقة سلام. تملكته هيستيريا الإرهاب، ليمارسه بحمق، وتمادى جموحه ليُهدد كافة الدول العربية والإسلامية بتبجح وغطرسة. صار سفاح تل أبيب السادى قاب قوسين، بل أدنى لجرجرة المنطقة كلها إلى أتون حرب عاصفة حاول الحكماء فى إسرائيل تجنبها سنينا عددا.

وُرب ضارة نافعة. فقد أزالت هذه اللحظات العصيبة كثير من الحُجب. بددت نظريات مستحدثة، وأثبتت أفكاراً قديمة تصور البعض أنها تلاشت، لتؤكد حقيقة لا يُمكن إنكارها أبداً وهى أنه لا معنى لرخاء اقتصادى أو تحسن معيشة لمواطنين فى دولة ما، دون أن يكون لديها أدوات ردع، وأمان كافية، تتمثل فى قوات مسلحة قوية، وصلبة، وجاهزة، لمواجهة الأخطار كافة.

فى مطلع الألفية الثالثة كان البعض يراهن على نماذج الدول المتقدمة اقتصادياً، والمحدودة استراتيجياً، باعتبارها دولة المستقبل فى عالم ظن كثير من المفكرين أنه ودع الحروب إلى الأبد. ونتذكر جميعاً عبارة توم فريدمان الأثيرة فى كتابه «السيارة لكزس وشجرة الزيتون» بأنه «لن تقوم حروب بين دولتين لديهما مطاعم ماكدونالدز». وهكذا ردد البعض كلاماً إنشائياً عن توجيه كل الموارد للتنمية الاقتصادية فقط، وتقليص ما يُنفق على التسليح والجيوش. لكن سريعاً انكشفت أوهام توم فريدمان وفوكاياما، وخلال ربع قرن تالٍ قامت حروب طاحنة، وارتكبت مذابح، وسُفحت دماء، وعجز النظام العالمى عن فعل أى شىء يحفظ للعدالة قيمتها.

إنه لا شك لدينا أن القوة هى أساس سيادة وريادة الدول وامتلاكها ضرورة قصوى فى عالم تسيَّده القتلة والسفاحون. كان المهاتما غاندى (1869-1948) فى الماضى يقول: «ليست القوة هى الحق، ولكن الحق هو القوة»، وهى عبارة جميلة بليغة لكنها غير واقعية. فالضعفاء يتسابقون على الموت فى غزة كل يوم رغم يقين العالم كله بحقهم فى الحياة والأمن والكرامة والوطن.

يقول الروائى الروسى فيودور ديستوفسكى (1821-1881) «ما أنا بحاجة إليه هو القوة، فنحن دونها لا شىء»، ونحن فى اللحظة الراهنة مطالبين بالاستنفار هذا يدفعنا للتوحد وإرجاء أى خلافات أو اختلافات على المستوى العربى العربى. فما جرى فى الدوحة، ومن قبلها بيروت، ودمشق، وطهران، وبغداد من ارهاب صهيونى قابل للتكرار فى أى عاصمة عربية.

وبالمثل، فإن الجبهة الوطنية الداخلية يجب توحيدها، وتأكيد تماسكها وصلابتها، لتصطف وطنياً فى مواجهة الأخطار المحتملة. إنها فرصة لترتيب البيت الوطنى، لذا فإننا ننتظر اصطفافاً شعبياً حقيقياً، توسيعاً للحماية الاجتماعية، إصلاحاً سياسياً مؤجلاً، انفراجاً واسعاً فى حرية التعبير، تفعيلاً للحوار وتبادل الآراء والأفكار. نتوقع تصالحاً وتسامحاً وعفواً عن سجناء الرأى والسياسة. فتلك هى لزوميات اللحظات الراهنة.

والله أعلم.

 

[email protected]