خارج المقصورة
ملحمة ستظل محفورة فى سجلات الرقابة المالية، كُتبت فصولها باحترافية، وصيغت بحرفية تليق بتاريخها وإنجازاتها.. استطاعت الرقابة، بقيادة الدكتور محمد فريد، أن تتصدر المشهد، لا بالشعارات، بل بالعمل، والتطوير المستمر القائم على الإبداع، وإحداث طفرات متتابعة فى القطاع المالى غير المصرفى، لتصبح نموذجًا يُحتذى فى النهج المؤسسى الفاعل.
عزف فريق الرقابة المالية سيمفونية متكاملة الأركان، امتزجت فيها النغمة الإجرائية بالإيقاع التشريعى، وتجلّت فيها مهارة الرقابة فى صياغة منظومة متطورة، جمعت بين الانضباط والابتكار، فارتفع لحن الإبداع ليغطى كافة القطاعات، ويعيد رسم ملامح سوق المال المصرى برؤية أكثر انفتاحًا وكفاءة.
12 إجراء جعل القطاع المالى غير المصرفى فى «حتة تانية»، كل قرار وكأنه حجر أساس فى بناء صرح جديد، فكانت ثماره وافرة وأثره ملموسًا.. بدأت الرحلة بالتحول الرقمى الشامل، ورقمنة المعاملات المالية غير المصرفية، مع تركيز خاص على قطاع التأمين، ذلك العملاق النائم الذى أُهمل طويلًا، ليبدأ الآن فى استعادة مكانته، بوصفه المارد القادم فى المشهد المالى.
هذه الإجراءات لم تكن مجرد قرارات إدارية، بل محركات تغيير جعلت من كل قطاع قيمة مضافة لاقتصاد الدولة، ولفتت الأنظار إلى قدرته على الابتكار. ومن أبرزها الإطار التنظيمى الجديد لصناديق الاستثمار فى المعادن، وعلى رأسها صناديق الاستثمار فى الذهب، التى فتحت أبوابًا واسعة أمام المواطنين لتنويع محافظهم الاستثمارية والاستفادة من بدائل مالية غير تقليدية.
فى قلب هذه الإنجازات، يبرز الإجراء الاستثنائى الذى سهّل الاستثمار فى وثائق تمثل حصصاً ملكية على المشاع فى وحدات عقارية، عبر خطوات سريعة وبسيطة، مهّدت الطريق لإطلاق منصات إلكترونية عقارية بدأت بالفعل توفيق أوضاعها، بتأسيس صناديق استثمار، والحصول على تراخيص للترويج وتغطية الاكتتاب، بما يفتح آفاقًا جديدة أمام سوق العقار والاستثمار المؤسسى.
الإجراءات «حدِّث ولا حرج» آخرها كان تحديد القيم العادلة للأصول غير الملموسة وفقًا لمجموعة من المعايير والمبادئ العلمية الدقيقة، فى خطوة تهدف إلى توفير مرجعية واضحة وموثوقة لتقييم تلك الأصول، بما يضمن وضع تقديرات عادلة لأصول الشركات، ويعزز ثقة المستثمرين فى ضخ أموالهم داخلها.
هذا الإجراء لم يكن مجرد تنظيم فنى، بل نافذة تكشف عن القيمة الحقيقية للتكنولوجيا والفكر الإبداعى الذى تحمله الشركات، وتضعه فى إطار مالى يمكن قياسه وتقديره. كل ذلك جاء متوازيًا مع التطوير المستمر لقواعد قيد وشطب الأوراق المالية، بما يرفع من جودة السوق ويجعله أكثر جذبا واستدامة.
< يا سادة.. ليس عيبًا أن نشيد بكل ما يخدم المصلحة العامة، بل هو واجب إذا كان الأمر يمس جوهر الاستدامة ويدفع بعجلة النمو إلى الأمام.