هل يُنهي الذكاء الاصطناعي عصر زيارات المواقع الإلكترونية؟.. جوجل ترد
في خضمّ الجدل المتزايد حول تأثير الذكاء الاصطناعي على حركة مرور الويب، خرجت شركة جوجل بتصريحات رسمية تحاول تهدئة المخاوف، مؤكدة أن الأمور ليست بالسوء الذي يُصوّره البعض.
فقد نشرت ليز ريد، نائبة رئيس جوجل ورئيسة قسم البحث بالشركة، تدوينة رسمية أكدت فيها أن حركة المرور من محرك البحث إلى المواقع الإلكترونية ما تزال "مستقرة نسبيًا"، بل وتشهد تحسنًا في جودة النقرات.
تصريحات ريد جاءت في أعقاب تقرير تحليلي صادر عن مركز بيو للأبحاث في يوليو الماضي، رسم صورة مقلقة عن مستقبل النشر الإلكتروني في ظل اعتماد جوجل على تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة مثل "نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي" (AI Overview).
وبحسب تدوينة ريد، فإن ملخصات الذكاء الاصطناعي لا تضر بالمواقع، بل تعزز من تفاعل المستخدمين وتدفعهم لطرح أسئلة أكثر تعقيدًا، مما يفتح المجال لمزيد من الروابط والنقرات.
وتقول: "نرى أن الناس يجرون عمليات بحث أطول وأكثر تعقيدًا، ويشاهدون روابط أكثر على صفحة النتائج، وهو ما يزيد من فرص ظهور المواقع الإلكترونية".
رغم هذا التطمين، لم تُرفق جوجل أي بيانات رقمية تدعم هذه الادعاءات، فلا وجود لنسب أو أرقام تفصيلية توضح حجم النقرات أو مقارنتها بالأعوام السابقة، ما يترك الباب مفتوحًا للتساؤل حول مدى دقة الطرح الرسمي.
في المقابل، جاء تقرير مركز بيو بنتائج مقلقة، إذ أشار إلى أن المستخدمين الذين شاهدوا ملخصات الذكاء الاصطناعي من جوجل نقروا على نتائج البحث التقليدية في 8 بالمئة فقط من الحالات، بينما بلغت هذه النسبة 15 بالمئة في حالة عدم عرض أي ملخص بالذكاء الاصطناعي.
الأسوأ من ذلك أن 1 بالمئة فقط من المستخدمين نقروا على الروابط المدرجة ضمن ملخصات الذكاء الاصطناعي نفسها، هذا الانخفاض في التفاعل يعزز القلق من أن محركات البحث لم تعد بوابة للمواقع الإلكترونية، بل أصبحت هي المصدر الأساسي للمعلومة، مما يقلل من فرص المواقع في جذب الزوار.
تُضيف ريد أن أنواعًا معينة من عمليات البحث مثل الأسئلة البسيطة باتت تُجاب مباشرة في صفحة النتائج عبر الذكاء الاصطناعي، ما يقلل الحاجة للنقر.
ومع ذلك، تؤكد أن المستخدمين ما زالوا ينقرون على الروابط عندما يتعلق الأمر بقرارات الشراء أو البحث المتعمق، وتعتبر جوجل أن هذه النقرات "أكثر قيمة" لأنها ناتجة عن رغبة حقيقية في الاستكشاف، وليست مجرد تفاعل سطحي.
أما ماثيو برينس، الرئيس التنفيذي لشركة Cloudflare، فقد عبّر صراحة في يونيو عن قلقه من مستقبل النشر الرقمي، موضحًا بالأرقام أن عدد الزوار المحالين من جوجل إلى المواقع الإلكترونية يتناقص بسرعة.
وقال إن جوجل كانت ترسل زائرًا واحدًا لكل صفحتين تُفحصان قبل عشر سنوات، بينما أصبح المعدل في بداية هذا العام زائرًا لكل ست صفحات، وفي يونيو وصل إلى زائر لكل 18 صفحة.
وبينما تُشير جوجل إلى تغيرات في سلوك المستخدمين كعامل في تحولات حركة المرور، يرى منتقدوها أن الذكاء الاصطناعي قد يكون السبب الأهم في تقليص فرص النشر الرقمي التقليدي، فالمستخدم يحصل على إجابة جاهزة داخل محرك البحث، ولا يرى حاجة لزيارة المصدر الأصلي، ما يُهدد مستقبل الصحافة الرقمية والمدونات ومواقع المحتوى المتخصص.
في ظل هذا التباين بين الطرح الرسمي لجوجل وتحذيرات مراكز الأبحاث والخبراء، يبدو أن مستقبل حركة الويب لم يعد كما كان، ويبقى السؤال مطروحًا: هل تقود ملخصات الذكاء الاصطناعي إلى تحسين تجربة المستخدم فقط؟ أم أنها تُعيد تشكيل بيئة الإنترنت بشكل يُهدد بقاء كثير من المواقع الإلكترونية؟