هل قول "حسبي الله ونعم الوكيل" دعاء على الظالم؟

يتردد على ألسنة كثير من الناس عند التعرض للظلم أو الأذى قولهم: "حسبي الله ونعم الوكيل"، ويُفهم هذا الدعاء أحيانًا على أنه وسيلة للانتقام من الظالم أو التشفي فيه، ولكن هل هذا صحيح من الناحية الشرعية؟ وما المعنى الدقيق لهذا الدعاء؟ ومتى يكون من المناسب قوله؟.. أسئلة عديدة يطرحها الناس، وتوضح دار الإفتاء المصرية الرأي الشرعي فيها.
المعنى الصحيح للدعاء
في هذا السياق، أوضح الدكتور عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن قول "حسبي الله ونعم الوكيل" يعني أن الله سبحانه وتعالى كافٍ للعبد فيما أهمّه وأصابه، وهو تفويض كامل لله بأن يتولى الأمر وينصر المظلوم.
وأضاف أن هذا الدعاء لا يحمل نية التشفي أو الضرر بالظالم بقدر ما يُعبّر عن الاعتماد على الله واللجوء إليه.
وأشار إلى أن من ظُلِم له أن يدعو على من ظلمه، ولا مانع شرعي من ذلك، ولكن الأفضل أن يتوجه العبد بالدعاء إلى الله ويفوض أمره إليه، لأن العفو والتسليم لله أكرم وأقرب إلى التقوى.
مشروعية الدعاء
أكد أمين الفتوى أن دعاء "حسبي الله ونعم الوكيل" مشروع وجائز شرعًا، وليس في النصوص الدينية ما يدل على النهي عن قوله، بل ورد في القرآن الكريم في مواضع مختلفة، منها قول الله تعالى:
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173].
وأوضح أن هذه العبارة تُعبّر عن الثقة بالله، وتسليم الأمر له، والاستغناء به عن سواه، وخاصة عند الشدائد والمحن والابتلاءات التي لا يملك الإنسان حيالها حيلة.
أدعية المظلوم
وفي سياق متصل، يردد كثير من الناس أدعية متنوعة عند الشعور بالظلم أو الجور، منها ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما هو من الأدعية العامة، التي تناجي الله وتطلب النصر والفرج، ومن أبرز هذه الأدعية:
"اللهم إني أعوذ بك من عين حاسدة قاطعة للرزق، ومن ناس لا تخافك، وأسألك أن تبعدهم عني".
"اللهم فرّج همي وضيقي، وارفع عني الظلم، وجبر كسري، وانصرني يا رب".
"حسبي الله ونعم الوكيل في من ظلمني. اللهم بحق جلالك وعزتك، انصرني عليه، فأنت العدل الذي لا يرضى بالظلم".
"اللهم أنت ولي قلبي إذا ضاق، وأنت حسبي إذا ضيّق عليّ أحد عبادك".
"اللهم أرنا في الظالمين عجائب قدرتك، واجعلهم عبرة لغيرهم".
"اللهم إنك القادر على كل من تجبّر وطغى، فانتقم منهم يا قوي يا جبار".
"اللهم إنك لا تُسأل عن حكمك، ونحن لا نرضى بالظلم، فاكشفه عنا وانتقم ممن تسبب فيه".
"اللهم أهلك الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين، وانصرنا نصرًا عزيزًا".
يبقى دعاء "حسبي الله ونعم الوكيل" من الأدعية الجامعة التي تحمل في طياتها معاني التوكل والاعتماد على الله وحده، دون الحاجة للانتقام أو الشكوى للناس، فهو دعاء يليق بمن تعرض للظلم ويريد أن يفوّض أمره لله، فينال الأجر والنصر والسكينة، في الدنيا والآخرة.