زوكربيرج يكشف خطة "الذكاء الخارق الشخصي" ويضخ مليارات في Meta لتحقيقها

خلال الأشهر الماضية، كثّفت شركة Meta من جهودها في مجال الذكاء الاصطناعي، وخصّصت مليارات الدولارات لبناء ما يُسمى بـ"الذكاء الخارق الشخصي"، في خطوة استراتيجية يقودها مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي للشركة.
وقد نشر زوكربيرج مؤخرًا مذكرة طويلة شرح فيها رؤيته لهذا التوجه الجديد، معتبرًا أن الذكاء الاصطناعي قادر على إحداث ثورة في حياة البشر وتمكينهم بطرق غير مسبوقة.
في المذكرة التي تبدو أقرب إلى بيان فلسفي منها إلى خطة عملية، عبّر زوكربيرج عن "تفاؤله الكبير" بقدرة الذكاء الاصطناعي الخارق على تسريع تقدم البشرية، وخلق عصر جديد من التمكين الشخصي، حيث يمتلك الأفراد أدوات ذكية تُساعدهم على تحقيق أحلامهم والتأثير في العالم من حولهم بطريقة فردية ومباشرة.
ويشير إلى أن الرؤية الأساسية لميتا تقوم على إتاحة هذا النوع من الذكاء للجميع، بدلًا من تركه حكرًا على الشركات أو الحكومات.
رغم هذه الطموحات الكبيرة، لم تُحدّد المذكرة بدقة ما هو المقصود بـ"الذكاء الخارق"، أو كيف ستبنيه Meta، أو حتى كيف سيُستخدم، لكن زوكربيرج أشار إلى أن الشركة ستكون أكثر ملاءمة من غيرها لتطوير هذه التكنولوجيا، موجهًا انتقادًا ضمنيًا لبعض المنافسين الذين يرون أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُستخدم في أتمتة الأعمال فقط، في حين تسعى Meta لجعله أداة شخصية بيد كل فرد.
التحرك الجديد يأتي في ظل تغييرات داخلية سريعة في فرق الذكاء الاصطناعي داخل Meta، حيث استثمرت الشركة مؤخرًا نحو 14.8 مليار دولار في شركة Scale AI، ما مكّنها من تعيين مؤسسها ألكسندر وانج رئيسًا تنفيذيًا للذكاء الاصطناعي في Meta.
وتزامن ذلك مع حملة توظيف ضخمة شملت خبراء من شركات كبرى مثل Apple وOpenAI، من بينهم شنجيا زاو، الذي ساعد في تطوير نموذج GPT-4، وأعلن انضمامه لميتا الأسبوع الماضي.
كما أفادت تقارير بأن Meta عرضت على بعض الباحثين رواتب بمبالغ ضخمة تتراوح بين عشرات ومئات الملايين من الدولارات، وأبدت استعدادها لتقديم عروض تفوق المليار دولار لبعض الشركات الناشئة، مثل Thinking Machines Lab، التي أسستها ميرا موراتي، المديرة التقنية السابقة لـOpenAI.
وعلى الرغم من نفي بعض التفاصيل من قِبل إدارة العلاقات العامة في Meta، إلا أن هذه التحركات تُظهر بوضوح مدى جدية الشركة في السباق على مستقبل الذكاء الاصطناعي.
في المقابل، تأتي هذه الموجة من الاستثمارات بعد تعثرات في تطوير نموذج Llama 4، الذي تأخر إطلاقه عدة أشهر، ما تسبب في إحباط لدى زوكربيرج ودفعه لإعادة تقييم سياسة المصادر المفتوحة داخل الشركة.
وتُشير توقيتات الإعلان عن هذه المذكرة إلى أن Meta تسعى لتعزيز ثقة المستثمرين قبل ساعات من إعلان نتائج أرباحها الفصلية، إذ يُتوقع أن تتناول خططها للإنفاق المكثف على مشاريع الذكاء الاصطناعي خلال الفترة المقبلة.
يبدو أن زوكربيرج يراهن على الذكاء الاصطناعي لإنهاء اعتماد Meta على منصات الهواتف المحمولة، وبالأخص على Apple، التي كثيرًا ما انتقدها بسبب سياساتها الصارمة في إدارة متجر التطبيقات. وفي هذا السياق، يشير إلى أن الأجهزة المستقبلية مثل النظارات الذكية ستُصبح المنصة الحاسوبية الأساسية للمستخدمين، وهو توجه يتماشى مع استثمارات الشركة في الواقع المعزز والواقع الافتراضي خلال السنوات الماضية.
في النهاية، تمثل خطة "الذكاء الخارق الشخصي" فصلًا جديدًا في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، حيث تسعى Meta لتثبيت أقدامها كمنافس قوي، ليس فقط من خلال التكنولوجيا، بل من خلال فلسفة جديدة تركّز على تمكين الفرد وليس فقط خدمة السوق أو المؤسسات.