مصطفى سنجر مستشار مجلس الإدارة لشئون الاستثمار بشركة «زالدى» للاستثمارات:
البورصة تعيد رسم وعى الأجيال من الإنفاق إلى فن الاستثمار
3 مستهدفات تعزز ريادة الشركة
العظماء لا تُنحت أسماؤهم بمحض الصدفة، والخالدون لا تُخلّد إنجازاتهم على جدران الزمن عبثًا، بل العثرات هى من تصوغهم، والألم هو من يشحذ عزيمتهم، والتحديات هى من تدفعهم إلى قمم المجد.. الطريق السهل لا يخلق الأساطير، إنما الدروب الوعرة وحدها هى التى تصنع المجد وتكتب أسماء الخالدين بحبرٍ من كفاح ووهج لا ينطفئ.. خطِّط لحلمك كما يخطّ الرسّام لوحته، بهدوء، بشغف، وبصبرٍ لا يُقهر. فالسعادة لا تهبط من السماء، بل تولد من بين أناملنا حين نزرع الحلم.. وكذلك محدثى فلسفته العزيمة ترسم الطريق نحو المستحيل، تمهّده بالإصرار، وتُزهِر معه إنجازات لا تُنسى.
إمكاناتك هى البوصلة التى تحدد مدى قدرتك على بلوغ القمة… فإن قصرت عن طموحك، فلن تبلغ مرادك مهما حلّقت أحلامك.. أما إن ساوت طموحك أو جاوزته، فستبلغ القمة وتظل شامخا فوقها، لا تهزّك ريح.. وعلى هذا كانت مسيرته منذ الصبا.
مصطفى سنجر مستشار مجلس الإدارة لشؤون الاستثمار بشركة «زالدى» للاستثمارات.. يبحث عن النجاح الذى يزرع البهجة، إيمانه أن الرحلة لا تمضى فى خط مستقيم، بل تتأرجح بين هبوط يعلم، وصعود يكافئ، منهجه أن فى كل انكسار درسا، وفى كل انتصار معنى وهو ما يمنحه التفرد.
280 مترًا عبارة عن لوحة طبيعية، يطوّقها سور خرسانى يضفى خصوصية، يصطف بمحاذاته صف من الأشجار المثمرة، المساحات العشبية تتوزع على هيئة أحواض أنيقة، تنبض بالحياة عبر نباتات عطرية، وأشجار زينة، تتخللها ممرات مائية تنساب بهدوء، وعلى ضفافها زُرعت أزهار وورود بألوان تبهر العين.
وفى قلب ذلك ينطلق طريق صُمم بأحجار جمالية، يقود بسلاسة نحو الواجهة الأكثر سحرًا.. عند المدخل الرئيسى، يلتقى الذوق العصرى بسحر التفاصيل.. حيث يتناغم الديكور المودرن مع الحوائط المدهونة بألوان جمالية، لوحات فنية تنبض بجمال الطبيعة تزيّن الجدران، وكأنها تحاكى الزائر بألوانها الهادئة وإيحاءاتها البصرية الرقيقة.
على جانبى الممر المؤدى إلى الطابق العلوى، تتوزع الفازات والرسوم، تضفى على المسار لمسة فنية راقية تقودك بسلاسة نحو عالم مختلف.. غرفة المكتبة، حيث الطابع المكتبى يفيض بهدوء التركيز ودفء المعرفة، أرفف تزاحمت بالكتب والملفات التى تعكس مسيرته المهنية والعلمية، فى مشهد يعكس عقلًا نهمًا للمعرفة.. سطح المكتب، حيث كل ملف مستقر فى موضعه، قصاصات ورقية مبعثرة بعناية، تدون تفاصيل يومه، كأنها نبض يومى لحركة لا تهدأ.. فى ركن خاص، تستقر أجندة الذكريات.. صفحاتها ليست عادية، بل تحكى ملحمة نسجت بخيوط البحث، وسطور الدراسة، وتحديات العمل.. محطات مؤثرة نقشت فيها قصة نجاح، سُطرت بالعزيمة، وختمت بالإصرار.. كل حرف فيها شاهد على مشوار صعود بدأ من الحلم، وانتهى إلى القمة.
هدوء يسبق كل فكرة، وعمق يحيط بكل تحليل، وتفسيره دائمًا يستند إلى الأرقام، رؤيته تتجاوز اللحظة، تحلّق فى أفق التفاؤل، تبنى على الممكن وتستشرف القادم بثقة العارف الواثق.. يقول إن «الاقتصاد الوطنى مرَّ بمحطات عصيبة، وأزمات طاحنة خلّفت آثارًا عميقة، تأثرًا بعوامل خارجية متقلبة، كانت لها تداعيات مباشرة على استقرار سعر الصرف، واختلال ميزان المدفوعات، ليظل المشهد يترنح بين العجز والبحث عن حلول، لكن برزت صفقة رأس الحكمة التى حملت فى طياتها أثرًا إيجابيًا واسعًا، خاصة على قطاع التشييد والبناء، بما يضمه من صناعات متكاملة تمثل رافدًا حيويًا للنمو.
تداعيات هذه الصفقة لم تتأخر، بل تسللت بسرعة إلى أوصال الاقتصاد، وامتدت آثارها إلى سوق الأسهم، ذات الطابع العقارى، وهو ما يعد مؤشرًا إيجابيًا، خاصة فى ظل العدد الكبير من الشركات العقارية المقيدة بالبورصة، والتى باتت تقف على أعتاب مرحلة جديدة من النمو والانطلاق».
تابع قائلا إن «تأثيرات المتغيرات الخارجية تتباين من دولة لأخرى، إلا أن وقعها يكون أشد على الدول التى تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، مما يجعلها أكثر عرضة للهزات العالمية، لكن ما يزيد المشهد تعقيدًا، هو التحديات الداخلية التى تُثقل كاهل الاقتصاد، وفى مقدمتها فلسفة ثقافة الاستهلاك التى طغت على روح الاستثمار والإنتاج، وهذا الاختلال الثقافى والاقتصادى يتطلب تحوّلًا عميقًا فى الفكر، يبدأ من الوعى».
إذ تمتلك الدولة عناصر قوة حقيقية، تبدأ بالكثافة السكانية، وتمر بثروتها البشرية، وتنتهى عند مفاتيح النهوض الصناعى، ومن هنا، تبرز الحاجة إلى استراتيجية وطنية تُعيد توجيه البوصلة نحو الاستثمار فى الصناعات الثقيلة، مع أولوية قصوى لتوطين الصناعات الحيوية كصناعة الدواء والمنسوجات، بما يضمن تقليل الاعتماد على الخارج، وفتح أبواب النمو المستدام من الداخل.
لا يطلق الكلمة عبثًا، فكل حرف عنده محسوب، وكل رأى يحمل بصمة مسئولية. يتناول ملف «الأموال الساخنة» بقدر كبير من التوازن والموضوعية،. فبرؤيته العميقة، يرى أن رفع أسعار الفائدة يرتبط حتميًا بجذب الأموال الساخنة؛ إذ يعتبرها فى النهاية مجرد مسكنات مؤقتة تُستخدم لسد العجز، لا أكثر. فالحكومة – كما يؤكد – لم يكن هدفها الأساسى استقطاب تلك التدفقات السريعة الزوال، بل انصبت جهودها على التصدى لمعدلات التضخم المرتفعة، وقد نجحت بالفعل فى كبح جماحها إلى حد ملموس، محققة بذلك جزءًا من أهدافها الاقتصادية، بالإضافة إلى أن الأموال الساخنة ذات طبيعة خاصة تقوم على تحقيق أعلى العوائد، ولا ينتظر أن تتحول إلى استثمارات أجنبية مباشرة.
< ما تقييمك لموقف الديون الخارجية، وكيفية التعامل معها؟
- لحظات من الصمت تخللتها نظرات عميقة، كأنّه ينقب فى التفاصيل قائلا: «إن اتجاه الدولة نحو مبادلة الديون خطوة جيدة، تحمل فى طياتها تخفيفًا لأعباء الدين، وتفتح الباب لتوسيع دائرة الشراكات، سواء مع القطاع الخاص المحلى أو الأجنبى. كل ذلك – كما يرى – ليس مدعاة للقلق، طالما أن الاقتراض يتم ضمن الحدود الآمنة. فالمعادلة لا تُقرأ من زاوية الدين فقط، بل من نمو الناتج المحلى أيضًا، والذى يسجّل تحسنًا يعزز من قدرة الدولة على الوفاء والتوسع دون اختلال فى التوازن».
عقلانية لا تعرف الانفعال، وتحليلاته دائمًا مدعومة بالأرقام.. يتناول ملف السياسة المالية بمرونة وواقعية، مؤكدًا أهمية الدور الذى تقوم به وزارة المالية فى تعظيم الحصيلة الضريبية، وتوسيع قاعدة الممولين.
ويشدّد على أن استقطاب الاقتصاد غير الرسمى يمثل خطوة محورية، لا بد من العمل عليها بجدية، سواء عبر أدوات إلزامية تُفرض بالتدرج، أو من خلال حوافز فعالة، تشمل حزم دعم موجهة، وجهودا تسويقية تُقنع هذا القطاع بالاندماج، دون تهديد أو نفور.
حصيلة عقود من التجربة والممارسة شكّلت رؤيته، وصقلت خبراته، حتى بات يتعامل مع ملف الاستثمارات الأجنبية المباشرة بأكثر احترافية.. يرى أن السوق المحلى، بما يمتلكه من موارد طبيعية وبشرية، وبما يتمتع به من مقومات استثمارية، يملك ما يؤهله لتعزيز ميزته التنافسية ليس فقط لجذب الأموال الأجنبية، بل لدفع الاستثمارات المحلية نحو التوسع والنمو. فالمعادلة – كما يؤكد – لا تقف عند حدود الخارج، بل تبدأ من الداخل.. فى جعبته الكثير من الحكايات فى هذا الصدد؛ إذ يؤمن بأن المرحلة تتطلب اتفاقات استراتيجية مع الكيانات الصناعية الكبرى لتوطين الصناعات الثقيلة والضرورية محليًا، مع ضرورة حصر السلع المستوردة، والعمل على إحلال بدائل إنتاجية محلها. خطوة كهذه – برأيه – لا تقتصر على خفض فاتورة الاستيراد، بل تسهم فى بناء قاعدة إنتاجية مستدامة.
ويشدد على أهمية تقديم حوافز استثمارية حقيقية، وإعفاءات ضريبية مدروسة، لخلق مناخ استثمارى متكامل قادر على جذب رؤوس الأموال. وفى الوقت ذاته، لا يغفل التحديات التى يواجهها المستثمر المحلى، وعلى رأسها تقلبات سعر الصرف، والتعقيدات البيروقراطية، التى ما زالت تمثل عائقًا حقيقيًا أمام نمو الأعمال وتوسعها.
< إذاً كيف ترى تجربة القطاع الخاص؟
- بدت على وجهه علامات ارتياح، قبل أن يجيب بثقة أن «القطاع الخاص يعانى أزمات متراكمة، أبرزها عدم استقرار سعر الصرف، وغياب المنافسة العادلة. ورغم أنه يمثل العمود الفقرى لأى نمو اقتصادى مستدام، إلا أن دوره ما زال مكبلًا بقيود تُضعف من قدرته على المساهمة الفاعلة فى التنمية».
يتابع: «إن الحكومة مطالبة بدعم هذا القطاع ليس فقط بالمحفزات والإعفاءات الضريبية، بل أيضا بضمان وصول الطاقة والمحروقات بأسعار عادلة، مع الأخذ فى الاعتبار خصوصية كل صناعة وما تتطلبه من مدخلات مختلفة».
يتوقف لحظة، قبل أن يتساءل بنبرة لا تخلو من الواقعية.. «هل يملك القطاع الخاص حقًا القدرة على إدارة مشروعات استثمارية كبرى؟».. يعود ويجيب قائلاً: «ربما لا.. ليس بعد، فإمكاناته الإدارية لا تزال محدودة، ولا تؤهله منفردًا لتحمّل هذا النوع من المسؤوليات الضخمة، لذا، فإن الحل يكمن فى إدارة تشاركية بين الدولة والقطاع الخاص، تُمكنه من اكتساب الخبرة، وتحمل مسؤولية المشروعات الكبرى».
علامات ارتياح ترتسم على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلا: «إن القطاع الخاص يواجه العديد من الأزمات والمعوقات، ومنها عدم استقرار سعر الصرف، وعدم توافر المنافسة العادلة، رغم أنه اللاعب الرئيسى لنمو الاقتصاد، وتحقيق التنمية المستدامة، لذا على الحكومة دعم القطاع بالمحفزات، والإعفاءات الضريبية، ودعمه أيضا بالطاقة والمحروقات، خاصة أن كل صناعة لها خصائصها».
قال متسائلا: «هل القطاع الخاص لديه القدرة على إدارة مشروعات الاستثمارية الكبيرة؟.. يعود ليجب أن الأمر يتطلب إدارة تشاركية بين القطاع الحكومة، والقطاع الخاص، حتى يتمكن تحمل مسئولية وإدارة المشروعات الاستثمارية الكبرى، حيث لا تزال خبرة القطاع الخاص محدودة ولا تؤهله لإدارة مشروعات كبرى».
تحمّل المسؤولية هو أول الطريق نحو الاكتفاء الحقيقى والتميّز المستدام، ومن هذا اليقين ينطلق فى تحليله لبرنامج الطروحات الحكومية، حيث لا يرى أزمة فى اختيار آلية الطرح، سواء عبر مستثمر استراتيجى أو من خلال البورصة، لكن رؤيته تذهب إلى ما هو أعمق، بأن الطرح الأمثل، هو ما يتم عبر زيادة رؤوس أموال الشركات، لا بيع حصص منها فقط، فبهذه الطريقة يتحقق الهدف، وهو ضخ تمويل جديد يدعم التوسع والنمو، مع تقليص حصة الحكومة تدريجيًا دون تخارج كامل يفقد الدولة دورها التوجيهى.
يرى أن البورصة المصرية مؤهلة تمامًا لاستيعاب طروحات ضخمة من «العيار الثقيل»، خاصة فى قطاعات استراتيجية كالصناعة والتكنولوجيا، مؤكّدًا أن نجاح السوق لا يُقاس فقط بالأرقام، بل بقدرته على جذب جيل جديد من المستثمرين الشباب، يحملون فكرا استثماريا، ويعدون نواة لرجال أعمال كبار.
الإنجاز المستمر يولد من فكر حى لا ينام، وكذلك الرجل حفر اسمه بحروف مضيئة، فى رحلته الطويلة، بواحدة من المؤسسات والجهات الرقابية، نجح خلال سنوات عمله بالبورصة أن يترك بصمة إلى أن حول مساره، ليكون ضمن فريق واحدة من الشركات ذات الوزن الثقيل، منذ يومه الأول ونجح فى إحداث أثر عبر إعادة هيكلة المساهمات بالشركات المستثمر بها لنحو 6 شركات، وكذلك إضافة بعض الأنشطة للشركة يتصدرها نشاط الترويج والتغطية، وزيادة الحصة السوقية للشركة بالسوق، إلى جانب أيضا العمل على تحقيق 3 مستهدفات يتصدرها التوسع بالخارج فى الأسواق الخليجية، والتوسع فى المنتجات ومحفظة كبيرة من صناديق الاستثمار المتنوعة التى تخدم وتغطى السواد الأعظم من المستثمرين، والوصول بالأصول المدارة إلى 10 مليارات جنيه.
الأفكار الإيجابية تُحدث فرقًا هائلًا فى شخصيته، حيث ترفع سقف طموحاته، تجده مغرما برياضة المشى لما تمنحه من صفاء بالذهن وقدرة على التفكير، محبا للألوان التى تحمل الرسمية، يحث أولاده على التعلم المستمر، والاستثمار بالنفس، لكن يظل شغله الشاغل الوصول مع مجلس إدارة الشركة إلى الريادة، فهل ينجح فى تحقيق ذلك؟