رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

قطار الخصخصة يصل إلى المستشفيات.. ولا عزاء لغير القادرين

بوابة الوفد الإلكترونية

قطار الخصخصة يصل إلى المستشفيات

مخاوف من سيطرة المستثمرين على القطاع الصحى وحرمان الغلابة من العلاج

مؤسس وحدة أورام الكبد: الشراكة طريق مضمون بدلاً من الاستحواذ

 

 

فى مستشفى هرمل الشهير بمستشفى دار السلام، بدأت أولى خطوات خصخصة المستشفيات العامة، حيث خرج المستشفى الذى كان مخصصا لعلاج الأورام من دائرة المستشفيات الحكومية، ليصبح تابعا إداريا لمعهد جوستاف روسيه الفرنسى لعلاج الأورام، وتم تطوير المستشفى وتجديده على مدار عام ونصف -وفقا لبيانات وزارة الصحة- قبل منحها للمستثمر الأجنبى، الذى ما إن جاء حتى تحققت كل مخاوف المتشائمين من خصخصة المستشفيات، حيث أغلقت أبواب المستشفى فى وجه المرضى كما تم إلغاء التعاقد مع عدد كبير من العاملين فيها، وهو ما يهدد بتكرار نفس السيناريو فى أى مستشفى آخر سيخضع لنفس النظام.. ولا عزاء للمرضى.

فما حدث فى هذا المستشفى يجب أن يكون محلا للدراسة قبل تطبيق قانون منح إدارة المستشفيات العامة للقطاع الخاص، على نطاق واسع، وإذا كانت التجربة خير برهان، فالتجربة التى أمامنا يجب ألا تمر مرور الكرام، حتى لا يصبح آلاف المرضى فى الشارع دون علاج بعد تطبيق القانون.

وإذا كان البعض قد استبشر خيرا بعد تولى معهد جوستاف روسيه، أحد أكبر مراكز علاج الأورام الفرنسية، مسئولية إدارة مستشفى هرمل عقب توقيع عقد شراكة، فى فبراير الماضى، بين الحكومة المصرية وشركة إليفيت برايفت أكويتى، بالشراكة مع المعهد، بهدف تطوير المستشفى وتشغيله وتحويله إلى مركز دولى تابع للمعهد الفرنسى لعلاج الأورام فى مصر، إلا أن ما حدث عكس هذه البشرى تماما، وهذه هى الحقيقة التى كشفها الدكتور إبراهيم الزيات، عضو مجلس نقابة الأطباء، وأحد الاستشاريين المتعاقدين مع المستشفى سابقا، والذى أوضح أن من يدير المستشفى حاليا مصريون وليسوا فرنسيين، وتم تقليل أعداد المرضى المستفيدين من الخدمة العلاجية، وإنهاء التعاقد مع نسبة كبيرة من العاملين بالمستشفى.

وأضاف «الزيات»: إن قانون منح القطاع الخاص حق إدارة وتشغيل المستشفيات العامة، يسمح فى حقيقته بسيطرة القطاع الخاص على تقديم الخدمة الصحية والعلاجية للمواطنين، ولن يكون فى مقدور وزارة الصحة فيما بعد التحكم أو الرقابة على المستشفيات.

وكان قانون منح القطاع الخاص حق إدارة وتشغيل المستشفيات العامة دخل حيز التنفيذ فى سبتمبر 2024، بعد تصديق الرئيس عبدالفتاح السيسى عليه، والذى نص على جواز منح التزامات المرافق العامة للمستثمرين المصريين أو الأجانب سواء كانوا أشخاصًا طبيعيين أو اعتباريين لإنشاء وإدارة وتشغيل المنشآت الصحية، أو لإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية القائمة.

ووفق القانون تُقدم نسبة من إجمالى الخدمات الصحية للمنشأة للمنتفعين بخدمات العلاج على نفقة الدولة أو التأمين الصحى أو منظومة التأمين الصحى الشامل، بحسب الأحوال، بذات الأسعار التى تحددها الدولة لتقديم تلك الخدمات.

وألزم القانون فى مادته الثانية المستأجر باستمرار تشغيل نسبة لا تقل عن 25% كحد أدنى قابل للزيادة من العاملين بالمنشأة الصحية.

فى هذا السياق، يرى «الزيات» أن القطاع الخاص سواء خارجى أو محلى سيكون المتحكم الرئيسى فى المنظومة الصحية، مدللا على ذلك بما حدث سابقا باستحواذ الشركات على المستشفيات الكبرى مثل دار الفؤاد وكليوباترا والسلام الدولى ومصر الدولى وغيرها، بالإضافة إلى معامل التحاليل ومراكز الأشعة الكبرى التى استحوذت عليها شركات تابعة لدولة بعينها، وأصبحت هى المتحكم الرئيسى فى تقديم الخدمات للمواطنين حاليا ولا تستطيع الحكومة التحكم أو السيطرة عليها.

وتابع: «كذلك الحال سيكون فى مسألة منح القطاع الخاص حق إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية».

ولفت «الزيات» إلى أن أولى تجارب القانون فى مستشفى هرمل خير دليل على ذلك، وما شاهدناه من زحام على أبواب المستشفى وتقليل أعداد المرضى المستفيدين من الخدمة العلاجية، بعد استلام المستشفى من القطاع الخاص.

وأوضح عضو مجلس نقابة الأطباء أن ما يقال عن أن الشركة التى تدير مستشفى هرمل للأورام حاليا تابعة لمعهد جوستاف روسيه الفرنسى غير صحيح، وفى حقيقة الأمر الشركة التى تدير المستشفى حاليا هى شركة إليفيت للرعاية الصحية وأصحابها مصريون منهم وزيرة سابقة، وليست لها سابقة أعمال، على حد قوله.

وتابع: «الشركة جديدة قامت بتأجير مستشفى هرمل بعد انتهاء أوراقها فى هيئة الاستثمار بشهرين فقط، وما حدث حتى الآن هو انتحال لاسم جوستاف روسيه، كما يحدث فى المطاعم والمحلات من تقليد لاسم المحلات الكبرى، لأن من يدير المستشفى على أرض الواقع حاليا مستثمرون مصرون».

وأشار «الزيات» إلى أنه بعد حصول الشركة على حق إدارة مستشفى هرمل تم تخفيض عدد المرضى الذين يستقبلهم المستشفى، واكتفت بعدد محدود، ولذلك شاهدنا الزحام على أبوابه خلال الفترة الماضية، وظهرت شكاوى من توقف العلاج.

وأوضح أن القانون يسمح للقطاع الخاص بأن تكون نسبة العلاج فى المستشفى 70% على نفقة الدولة والتأمين الصحى، و30% خاص، لكن السؤال المهم هنا هل وزارة الصحة تمتلك جهازا إداريا يستطيع الرقابة على المستشفيات وتحديد ما إذا كانت تلتزم بهذا النص من القانون أم لا، والإجابة معلومة فهى لا تمتلك ذلك، وبناء عليه سنشهد تأثيرا واضحا على الرعاية الصحية المقدمة للمرضى غير القادرين.

وأردف قائلا: «الشركة بعد استلامها للمستشفى قررت إنهاء التعاقد مع عدد كبير من العاملين سواء أطباء استشاريين كبار أو تمريض، ولم يتبق سوى بعض العمال والإداريين، تنفيذا للمادة التى تنص على الإبقاء على 25% من العاملين بالمستشفى».

وأكد عضو مجلس نقابة الأطباء، أن ما حدث فى مستشفى هرمل سيتكرر فى باقى المستشفيات التى ستطرحها الحكومة على القطاع الخاص، وسيكون لذلك تأثير كبير على المرضى.

واختتم «الزيات» تصريحاته بقوله إننا يمكننا تشبيه ما يحدث فى القطاع الصحى الآن بأن الحكومة كان تمتلك منزلين وسمحت بتمليك الأول من خلال استحواذ الشركات على المستشفيات الكبرى والمعامل ومراكز الأشعة، ثم قامت بتأجير المنزل الثانى تحت مسمى الإدارة، مضيفا «كان عندى بيتين وجه حد اشترى واحد والتانى إيجار، هل تقدر بعدها تقولى مين يدخل البيت ومين لا».

إيجابيات وسلبيات

ومن جهته، قال الدكتور محمد عزالعرب، مؤسس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومى للكبد، المستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء، إن دخول القطاع الخاص فى تطوير المستشفيات الحكومية له إيجابيات وسلبيات.

وأضاف «عزالعرب» أن أبرز الإيجابيات تتمثل فى الاستفادة من خبرات الكيانات الدولية التى يمكن التعاقد معها فى نقل خبراتها إلى المنظومة الصحية المصرية سواء فنيا أو إداريا.

وأوضح المستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء، أن هناك بعض التخوفات تتمثل فى احتمالية حرمان المريض المصرى الفقير من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة المنصوص عليها فى المادة 18 من الدستور، بالإضافة إلى التخوف من استغلال بند السماح بالإبقاء على 25% من العمالة والاستغناء عن 75% سواء أطباء أو فريق معاون أو تمريض وإداريين.

وأشار «عزالعرب» إلى أن التعاون مع القطاع الخاص والاستفادة منه لابد أن تكون من خلال بناء مستشفيات جديدة وليس الاستحواذ على المستشفيات القائمة، كما يجب منح الأولوية للقطاع الخاص الوطنى، خاصة أننا شهدنا هجمة خلال السنوات الماضية لاستحواذ عدد من الكيانات التابعة لدول خارجية على المعامل ومراكز الأشعة الهامة فى البلاد، بالإضافة إلى عدد من المستشفيات، مؤكدا أن صحة المصريين أمن قومى ولا يجب تركه لدول أخرى تسيطر عليه.

وطالب بوضع قوانين ملزمة للقطاع الخاص بأسعار تقديم الخدمات العلاجية للمواطنين، وأن تتضمن المستشفيات التى ستشهد شراكة مع القطاع الخاص قسما للعلاج الاقتصادى والمجانى لغير القادرين.

وأوضح «عزالعرب» أن الحكومة تبذل جهودا فى تطوير المستشفيات، لكن لا يزال المريض يواجه صعوبات، خاصة فى الحصول على سرير رعاية مركزة، التى تصل أعدادها إلى 10 أو 11 ألف سرير 50% منها فى المستشفيات الجامعية، وهى أعداد غير كافية لتلبية احتياجات المواطنين.

وتابع «لذلك نحتاج إلى دخول القطاع الخاص فى شراكة مع الحكومة لبناء مستشفيات جديدة وإضافة أسرة رعاية مركزة جديدة، خاصة أن تكلفة سرير الرعاية عالية جدا»، مشيرا إلى أننا نحتاج لضخ استثمارات فى القطاع الصحى تتراوح بين 30 و50 مليار جنيه.

هامش ربح بسيط

فيما قال الدكتور مكرم رضوان، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، إن القطاع الخاص هو من يقوم بالتنمية فى كل دول العالم، ولا توجد دولة فى العالم تقوم على القطاع العام فقط.

أضاف «رضوان»: «لكن فى قطاعى الصحة والتعليم مطلوب ألا يسعى القطاع الخاص إلى تحقيق مكاسب عالية مراعاة لظروف المواطن والدولة، ولابد أن يكون الاستثمار فى القطاع الصحى بهامش ربح بسيط مع تقديم دور مجتمعى وخدمة للمواطن».

وأوضح عضو لجنة الصحة بمجلس النواب أن قانون منح القطاع الخاص حق إدارة وتشغيل المستشفيات العامة، ينص على أن القطاع الخاص يحتفظ بـ25% على الأقل من العمالة الموجودة فى المستشفى، وبالتالى الإلزام هنا فى الاحتفاظ بـ25% من العمالة، لكن قد يحتفظ الشريك بأكثر من ذلك سواء 50% أو 75 و80%، مشيرا إلى أن وضع هذا البند جاء كنوع من التسهيلات لجذب المستثمرين.

وأكد «رضوان» أن الحكومة يجب أن تجتذب شركاء من القطاع الخاص سوف تستفيد منهم بالفعل فى القطاع الصحى وسيقدمون خبرات فنية وإدارية وتكنولوجية جديدة.

وتابع «لدينا حاليا 14 سريرا لكل 10 آلاف مواطن، بينما النسبة العالمية 29 سريرا لكل 10 آلاف مواطن، أى إننا نحتاج إلى مضاعفة هذا الرقم، والدولة لا تستطيع أن تقوم بذلك بمفردها، ولذلك كان لابد من دخول القطاع الخاص فى المنظومة الصحية».

وذكر أن بناء مستشفى بـ100 سرير يتكلف 2 مليار جنيه، وبالتالى كان لا بد أن تمنح الدولة حوافز تشجيعية لجذب القطاع الخاص للاستثمار فى القطاع الصحى، سواء فى أسعار الأراضى أو السماح بالبناء بجوار الحيز العمرانى فى المناطق التى ليس لها ظهير صحراوى مثل مدن الدلتا، أو إعفاء جمركى على الأجهزة المستوردة التى تستخدم فى المستشفيات، بالإضافة إلى إعفاءات ضريبية، خاصة أن هامش الربح سيكون بسيطا.

وأشار إلى أن منح هذه الحوافز يعطى الحكومة قوة الرقابة على القطاع الخاص وإلزامه بهامش ربح محدد، ومطالبته بعلاج المواطنين على نفقة الدولة وأسعار المؤسسات التأمينية، موضحا أنه من المهم دعم القطاع الخاص خلال الفترة المقبلة حتى يضيف للمنظومة الصحية ويساهم فى سد الفجوة الحالية.

وفيما يتعلق بإسناد مستشفى هرمل للأورام للقطاع الخاص، قال «رضوان» إن علاج المرضى فى المستشفى سيظل على حساب الحكومة سواء تأمين صحى أو قرارات على نفقة الدولة، وبالتالى الشراكة مع القطاع الخاص لن تؤثر على المريض.

إبراهيم الزيات
إبراهيم الزيات