رصد أكبر اندماج كوني حتى الآن..اصطدام اثنين من الثقوب السوداء
في حدث غير مسبوق، رصد العلماء اندماجًا بين اثنين من الثقوب السوداء الضخمة يقعان على بعد نحو 10 مليارات سنة ضوئية من الأرض، ما شكّل أعنف تصادم سجله العلماء حتى الآن باستخدام أجهزة رصد الموجات الثقالية.
وبحسب صحيفة “اندبيدنت” البريطانية، يمتلك اثنان من الثقوب كتلة تعادل مئة مرة كتلة شمسنا، وكانا يدوران حول بعضهما البعض قبل أن يصطدما بسرعة تقارب الحدود القصوى التي تسمح بها قوانين الفيزياء المعروفة.
اكتشاف يهز النظريات الفيزيائية
وقع هذا الحدث الكوني الهائل في 23 نوفمبر 2023، وتمكن مرصدا "ليجو" في ولايتي واشنطن ولويزيانا الأمريكية من التقاط تموجات الزمكان الناتجة عن الاندماج في التوقيت نفسه، مما أكد حجم الظاهرة ودقتها.
أظهرتالإشارة التي حملت اسم GW231123 ، إضافة إلى الكتل الضخمة، أن اثنين من الثقوب كانا يدوران بسرعة فائقة تقارب الحد المسموح به في النسبية العامة لألبرت أينشتاين.
وصف البروفيسور مارك هانام من جامعة كارديف هذا الحدث بأنه "أضخم ثنائي ثقوب سوداء نرصده عبر الموجات الثقالية"، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة تطرح تحديات كبيرة أمام فهمنا لتكوين الثقوب السوداء. وتشير التقديرات إلى أن الاندماج نتج عنه ثقب أسود جديد بكتلة تصل إلى 265 ضعف كتلة الشمس، محطمًا الرقم القياسي السابق المسجل في حدث GW190521.
دور التكنولوجيا في فتح أبواب الكون
صممت المراصد المتخصصة مثل "ليجو" في الولايات المتحدة، و"فيرجو" في إيطاليا، و"كاجرا" في اليابان، خصيصًا لالتقاط أدق التشوهات في نسيج الزمكان الناتجة عن أحداث كونية فائقة العنف.
وأشارت الدكتورة صوفي بيني من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا إلى أن هذا الحدث "دفع قدراتنا في الرصد وتحليل البيانات إلى أقصى الحدود الممكنة".
بينما يعد السيناريو الأقرب للواقع هو اندماج اثنين من الثقوب السوداء، إلا أن بعض العلماء لم يستبعدوا وجود سيناريوهات أكثر تعقيدًا قد تفسر بعض السمات غير المتوقعة لهذا الحدث، ما يجعل منه موضوعًا خصبًا للدراسة في السنوات القادمة.
أشار الدكتور جريجوريو كارولو من جامعة برمنجهام إلى أن "فك رموز هذا النمط المعقد من الإشارة قد يستغرق سنوات".
الحدث في دائرة الضوء العلمي العالمي
من المقرر عرض تفاصيل الاكتشاف في المؤتمر الدولي الرابع والعشرين حول النسبية العامة والجاذبية (GR24)، الذي يُعقد هذا الشهر في مدينة غلاسكو.
ويتوقع أن يتبادل العلماء أحدث ما توصلوا إليه بشأن هذا الاندماج الضخم الذي قد يغيّر فهمنا للكون، ويعيد النظر في حدود ما تعتبره الفيزياء الكونية ممكنًا.
نحو مستقبل أكثر إدراكًا للكون
حدث GW231123 لا يمثل فقط رقمًا جديدًا في سجل الاكتشافات، بل هو دليل على مدى التقدم الهائل في علم فلك الموجات الثقالية.
ومع كل ظاهرة جديدة، يزداد إدراكنا لعمق وغموض هذا الكون، وتُفتح أمامنا أبواب لفهم أكثر دقة لكيفية تشكّل البُنى الكونية، ومتى وأين قد تحدث تلك الانفجارات العنيفة القادمة.