الأرجان.. "الذهب السائل" المغربي هل يجد موطئ قدم في الأراضي المصرية؟

بينما تنفرد بعض الدول بزراعة أنواع نادرة من الأشجار، تظل المغرب متفردة باحتضانها لأشجار الأرجان النادرة، التي يُستخرج منها زيت يُلقّب عالميًا بـ"الذهب السائل"، نظرًا لفوائده الصحية والتجميلية الاستثنائية. ومع تصاعد الاهتمام بالموارد الطبيعية، يُطرح سؤال ملح: هل يمكن زراعة الأرجان في مصر؟
ما هي شجرة الأرجان؟
شجرة الأرجان من الأشجار دائمة الخضرة، يبلغ ارتفاعها نحو 10 أمتار، ويمكن أن تعيش لأكثر من قرنين من الزمان. تتميز بأوراقها الصغيرة المتفرقة، وثمرتها الصلبة الخضراء التي يصل طولها إلى 3 سم، وتضم بداخلها بذورًا ثلاثية تُشبه حبات اللوز، وهي المصدر الرئيسي لاستخلاص الزيت.
وتُعد المغرب الموطن الأصلي والوحيد لهذه الشجرة عالميًا، حيث تنتشر فيها نحو 21 مليون شجرة، ضمن منطقة تُعرف بـ"غابة الأرجان"، والتي أعلنتها اليونسكو محمية طبيعية منذ عام 1998.
هل يمكن زراعتها في مصر؟
في مصر، بدأت محاولات بحثية محدودة لاستزراع الأرجان، خاصة في مناطق واحة سيوة، الوادي الجديد، صحراء سيناء، والبحر الأحمر. وتهدف هذه التجارب إلى اختبار مدى ملاءمة المناخ والتربة المصرية لنمو الشجرة، وسط آمال بإدراجها في خطط التنمية المستدامة، نظرًا لقيمتها الاقتصادية العالية.
لكن هذه المحاولات لا تخلو من تحديات أساسية:
بطء النمو والإثمار: تحتاج الشجرة من 8 إلى 10 سنوات قبل أن تُنتج أول ثمارها.
خصوصية التربة: تتطلب تربة جيدة التصريف ومعايير خاصة يصعب توفرها في بعض المناطق.
آلية التلقيح: تعتمد على الرياح، مما يُصعّب من فرص الزراعة التجارية المكثفة.
الاعتماد على الشمس: تحتاج لأشعة الشمس المباشرة ولا تنمو في الظل، ما يحد من أماكن زراعتها.
لماذا تستحق الأرجان الاهتمام؟
رغم العقبات، تحمل زراعة الأرجان في مصر فوائد بيئية واقتصادية واعدة:
زيادة الرقعة الخضراء ومكافحة التصحر.
تثبيت الكثبان الرملية، ما يُعزز من استقرار البيئة الصحراوية.
توفير علف طبيعي للمواشي.
إنتاج الوقود الحيوي من خشبها.
القدرة على النمو في تربة فقيرة بالعناصر الغذائية، ما يتيح زراعتها في الأراضي الصحراوية (خاصة ذات درجة حموضة بين 6.5 و7.5).
الخلاصة
رغم الصعوبات الفنية والبيئية، تمثل تجربة زراعة الأرجان في مصر فرصة واعدة لتعزيز الاكتفاء الذاتي من الزيوت الطبيعية وتقديم حل زراعي مستدام في مواجهة التغيرات المناخية. وبين الواقع والتحدي، تبقى الأرجان مشروعًا زراعيًا ينتظر من يستثمره علميًا واستراتيجيًا.