حكايات الغريب .. أوراق من دفتر البطولات المنسية

محمد مظهر.. أنشأ فنار الإسكندرية والقناطر الخيرية..
«عبدالعاطى» و«المصرى» و«رزق الله».. أبطال أكتوبر
«فرحانة» و«فاطوم» و«فلاحة فايد».. بطولات نسائية
ربما كان وجها عاديا، يحمل من الملامح ما اعتادت العين أن تراه، بين زحام الحياة يمر، بين ملايين الوجوه يمر، لكنه، فى لحظة فارقة يقرر أن يصبح غير عادى، فى لحظة واحدة، تتبدى فيها ملايين ملايين السنين من الحضارة والشجاعة والعزة والنبل، يقرر فيها أن يتحمل مسئوليته التاريخية عن الحدث، فيسطر بطولة غير عادية، ويخلد اسمه فى سجل قلوبنا.
هكذا المصرى.. يبدو عاديا، لكنه فى حقيقته بطل لا مثيل لبسالته..
وكان هو عاديا.. عادى جدا، لكنه فى تلك اللحظة غير العادية فعل ما أبهر العالم أجمع.. خلف ظهره أطاح بحياة كاملة، لم يفكر فى مستقبله ومستقبل أولاده، كان بإمكانه أن يفر بنفسه، لكنه اقتحم الموت وواجه النيران، لينقذ آلاف الأرواح، ليصير اسم خالد محمد شوقى، قائد شاحنة الوقود الأشهر، بطلا مصريا نبيلا، أنقذ مدينة العاشر من رمضان من كارثة أكيدة، فأعاد لأذهاننا عشرات البطولات التى نمر أمامها مرور الكرام دون أن تستوقفنا أسماء منفذيها..
واليوم قررنا أن نشير إلى بعض تلك الأسماء، ممن ترددها ألسنتنا يوميا دون أن نعرف طبيعة ما قدموا للوطن من بطولات، سواء كانت فى ساحة الحروب، أو فى معارك الحياة اليومية.
* الشهيد أحمد عصمت
ويحمل الشارع الأشهر بعين شمس اسمه، ولد أحمد عصمت بمنطقة «عين شمس الشرقية» التابعة لمحافظة القاهرة يوم 30 نوفمبر 1922، والده كان مهندسًا وشغل منصب وكيل مديرية بنى سويف.
التحق بمدرسة الجزويت، وبعدها التحق بالجامعة الأمريكية سنة 1940 بالقاهرة، ولكنه تعثر فيها، وعمل بعد ذلك طيارًا مدنيًا فى شركة مصر للطيران.
أحمد عصمت بطل فدائى:
بعد إلغاء معاهدة 1936 وعندما بدأت أحداث المقاومة بمنطقة القنال، انطلقت الجموع من شباب الجامعة المصرية والفدائيين وغيرهم لمواجهة الجيش الإنجليزى، وأراد أحمد عصمت أن يساهم فى نقل السلاح إلى الفدائيين بمنطقة القناة.
وقد تطوع أحمد عصمت بنفسه فداء للوطن لمواجهة الجيش البريطانى المحتل لجميع أراضى مصر، فقد سمع عن مجازر الإنجليز البشعة ضد المقاومين المصريين فى يومى 12و13 يناير 1952 فى منطقة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية، حين استشهد عدد كبير من الشهداء المصريين من بينهم الطالب أحمد فهمى المنسى بكلية الطب وعمر شاهين بكلية الآداب المصرية وغيرهما من الشهداء الأبرار. ومن هنا قرر الشهيد أحمد عصمت التطوع بنفسه لمواجهة هؤلاء المحتلين، فودع زوجته السيدة فردوس عباس الهراوى وأولاده الصغار فاطمة الزهراء وبهى الدين وأحمد، وذهب إلى منطقة القتال حيث كانت المقاومة هناك بين الجنود الإنجليز والمقاومين المصريين، فكان ينقل السلاح إلى الفدائيين فى منطقة القناة.
استشهاد أحمد عصمت:
فى صباح يوم 24 يناير من عام 1952 كان أحمد عصمت فى طريقه من الإسماعيلية إلى بورسعيد ينقل الإمدادات للفدائيين، واستوقفته دورية انجليزية فى التل الكبير بهدف تفتيش سيارته ضمن حملة مكثفة لوقف الإمدادات والعتاد إلى الفدائيين.
أصرت الدورية على تفتيش أحمد عصمت ولكنه رفض النزول للتفتيش وتصاعد النقاش بينه وبين أفراد دورية التفتيش حتى فوجىء الجميع بأحمد عصمت يخرج مسدسه وأطلق النار على قائد دورية التفتيش الانجليزية الذى سقط قتيلًا، ثم أطلق النار على حارسه.
ولم تمر ثوان حتى أطلق باقى أفراد نقطة التفتيش النار على جسد ورأس أحمد عصمت، والذى أستشهد على الفور فى 14 يناير 1952.
تكريم الملك فاروق لأسرة الشهيد أحمد عصمت:
وفى 19 يناير 1952 قرر الملك فاروق أن يسدد مصاريف تعليم أبناء أحمد عصمت الثلاثة، وأن يخصص لهم راتبًا شهريًا، وإهداء الأسرة بعض شهادات التقدير والأوسمة، وقامت «الأميرة فريال» أبنة الملك فاروق الكبرى بإهداء أسرة الشهيد مصحفًا كبيرًا.
** محمد مظهر.. مهندس مصرى فذ
قال عنه الدكتور «كلوت بك»، مُنشئ أول مدرسة للطب فى مصر: «مظهر أفندى لنا الحق أن نفخر به، وهو المهندس المصرى الذى تلقى العلم فى فرنسا، ويوجب مدحُه والثناء عليه».
وأطلق اسمه على شارع بالزمالك، ولد فى عام 1809 بمصر من أب عثمانى وأم مصرية، تعلم فى مدرسة «رأس التين»، ثم أرسل فى بعثة دراسية إلى فرنسا فى مايو عام 1826 لدراسة الهندسة البحرية، وتخصص فى دراسة الرياضيات والهندسة ونبغ فيهما، وهو فى السابعة عشرة من عمره. وزامل رفاعة الطهطاوى، وتفوق محمد مظهر وحصل على الجائزة الأولى فى الإنشاء الفرنسى، وحصل ايضاً على الجائزة الأولى فى علمى الجبر والهندسة.
تتلمذ مظهر على يد «أوجست كونت» مؤسس المذهب الوضعى الذى يرى أنه لا سبيل إلى المعرفة إلا بالملاحظة والخبرة، لذلك تأثر مظهر بفلسفة كونت الوضعية.
وظل محمد مظهر فى فرنسا لمدة عشر سنوات، وقد امتدحه رئيس البعثة «المسيو جومار» فى رسالته عن أعضاء البعثة، قائلاً: «إن نبوغ مظهر أفندى فى الرياضيات لمما يسترعى النظر».
وقد نجح محمد مظهر فى دراسته، وكان ترتيبه السابع بين 60 طالبا فرنسيا، ولهذا قدموه إلى الفيلسوف والمفكر الفرنسى «جون ستيوارت ميل» كواحد من أنبغ الناجحين،ثم سافر من فرنسا وانجلترا فى اكتوبر سنة 1835 للسياحة وتطبيق العلم على العمل، وكان مرتبه الشهرى أربعمائة قرش، ثم عاد إلى مصر.
أعماله المهنية:
عندما عاد محمد مظهر إلى مصر عينه «محمد على باشا»، والى مصر، ناظرًا لمدرسة المدفعية (الطوبجية)، ونال رتبة بكباشى، وتولى وظائف هندسية متنوعة. وبعدها أسند إليه بناء فنار الإسكندرية الكبير القائم بطرف شبه جزيرة فى رأس التين، والذى يعد من أفضل وأهم أعماله.
وفى عام 1844 شارك فى تصميم وبناء حوض لترميم السفن الحربية لصالح الأسطول المصرى، كما اشترك مع «المسيو موجيل» فى بناء القناطر الخيرية، التى صُنفت كمعجزة هندسية عالية فى وقتها، ولأن محمد مظهر كان مجتهدا ومتفوقا أسند إليه الإشراف على إنشاء الجزء الخاص بفرع رشيد من القناطر. وتمت ترقيته إلى رتبة أميرالاى.
وبعد فترة ظهر خلل فى بعض عيون القناطر يجب صيانتها، فسافر محمد مظهر لفرنسا ليتشاور مع المهندس الفرنسى موجيل بك لتصميم برنامج لإصلاح هذه العيون. وبعد عودته من فرنسا أشرف على تنفيذ البرنامج، ولهذا منحه الخديو إسماعيل رتبة الباشوية (الميرميران)، وترقى إلى وزير الأشغال، وتوفى عام 1873.
* محمد المصرى صائد الدبابات:
فى نوفمبر ٢٠٢٤ ودّعت مصر أحد أبطالها العظماء، الحاج محمد المصرى، الذى رحل عن عالمنا عن عمر يناهز 76 عامًا، البطل الذى خلد اسمه فى صفحات التاريخ بمآثره فى حرب أكتوبر المجيدة، حيث تمكن من تدمير 27 دبابة إسرائيلية، من بينها دبابة عساف ياجورى، قائد اللواء 190 مدرع، الذى وقع فى الأسر آنذاك.
ولد محمد المصرى عام 1948 فى قرية سنهوت بمحافظة الشرقية، وتجنّد فى سلاح الصاعقة فى 24 سبتمبر 1969. وخلال حرب أكتوبر 1973، ضرب أروع الأمثلة فى الشجاعة والتفانى، مما جعله رمزًا للبطولة والتضحية.
فى حياته اليومية، عُرف المصرى ببساطته وحبه الشديد لأسرته ووطنه، وكان دائم الإشادة بدور والدته التى غرست فيه القيم والمبادئ الوطنية.
توفى فى مركز أبوالمطامير بمحافظة البحيرة.
* عبدالعاطى صائد الدبابات
بطل آخر يحمل اللقب ذاته، فى يوم 24 رمضان الموافق 9 ديسمبر 2001 رحل البطل الأسطورى محمد عبدالعاطى أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة وأشهر صائد للدبابات فى العالم، البطل الذى أبكى العدو وأذل جيشه وأذاقه مرارة الهزيمة ودمر له بمفرده 23 دبابة و3 عربات مصفحة.. رحل فى عمر 51 عاما.
محمد عبدالعاطى عطية شرف، من قرية سيبة القش بمركز منيا القمح محافظة الشرقية والمولود فى 15 ديسمبر 1950، حصل على بكالوريوس الزراعة، التحق على الفور بالقوات المسلحة، حيث تم تجنيده يوم 15 نوفمبر 1969 فى وقت كانت فيه البلاد تقوم بالتعبئة الشاملة استعدادًا لمعركة النصر.
أنضم عبدالعاطى لسلاح الصاعقة، ثم انتقل إلى سلاح المدفعية، ليبدأ مرحلة جديدة بالتخصص فى الصواريخ المضادة للدبابات، وبالتحديد فى الصاروخ «فهد» الذى كان وقتها من أحدث الصواريخ المضادة للدبابات التى وصلت للجيش المصرى، وكان يصل مداه إلى 3 كيلو مترات، وكان له قوة تدميرية هائلة.
لكن الصاروخ فهد كان يحتاج إلى نوعية خاصة من الجنود، من حيث المؤهلات ومدى الاستعداد والحساسية وقوة التحمل والأعصاب، فعملية توجيه الصاروخ تتطلب سرعة بديهة وحساسية تمنح الضارب قدرة على التحكم منذ لحظة إطلاقه وحتى وصوله إلى الهدف بعد زمن محدود للغاية، الاختبارات كانت تتم بصورة شاقة ومكثفة.
تفوق «عبدالعاطى» والتحق بمدفعية الفرقة 16 مشاه بمنطقة بلبيس، التى كانت تدعم الفرقة بأكملها أثناء العمليات، وبعد عملية ناجحة لإطلاق الصاروخ تم تكليفه بالإشراف على أول طاقم صواريخ ضمن الأسلحة المضادة للدبابات فى مشروع الرماية، الذى حضره قيادات الجيش المصرى وعلى رأسها الفريق محمد فوزى وزير الحربية الذى أمر بترقية عبدالعاطى إلى رتبة رقيب مجند.. وكانت هذه هى المرة الأولى التى يحصل فيها مجند مؤهلات عليا على هذه الرتبة.
* بطولته فى أكتوبر
يوم 6 أكتوبر العاشر من رمضان كان عبدالعاطى هو أول فرد من مجموعته يتسلق الساتر الترابى لخط بارليف مجموعة كتيبة المقدم عبدالجابر أحمد على «المعروفة باسم عفاريت عبدالجابر.
فى يوم 8 أكتوبر وهو اليوم الذى كان يعتبره البطل عبدالعاطى يومًا مجيدًا للواء 112 مشاة وللكتيبة 35 مقذوفات وله هو على المستوى الشخصى، بدأ هذا الصباح بانطلاقة قوية للأمام، فى محاولة لمباغتة القوات الإسرائيلية التى بدأت فى التحرك على بعد 80 كيلو مترًا باللواء 190 المصحوب بقوات ضاربة مدعومًا بغطاء من الطائرات.
قام «عبدالعاطى» بإطلاق أول صاروخ والتحكم فيه بدقة شديدة حتى لا يصطدم بالجبل، ونجح فى إصابة الدبابة الأولى، ثم أطلق زميله بيومى قائد الطاقم المجاور صاروخا فأصاب الدبابة المجاورة لها، وتابع هو وزميله «بيومى» الإصابة حتى وصل رصيده إلى 13 دبابة ورصيد «بيومى» إلى 7 دبابات فى نصف ساعة، ومع تلك الخسائر الضخمة قررت القوات الإسرائيلية الانسحاب واحتلت القوات المصرية قمة الجبل وأعلى التبة، وبعدها اختاره العميد عادل يسرى ضمن أفراد مركز قيادته فى الميدان، التى تكشف أكثر من 30 كيلو مترا أمامها.
فى يوم 9 أكتوبر، استطاع عبدالعاطى أن يصطاد 17 دبابة.
جاء يوم 10 أكتوبر، حيث فوجئ مركز القيادة باستغاثة من القائد أحمد أبوعلم قائد الكتيبة 34، فقد هاجمتها ثلاث دبابات إسرائيلية، وتمكنت من اختراقها، وكان «عبدالعاطى» قد تعوّد على وضع مجموعة من الصواريخ الجاهزة للضرب بجواره، وقام بتوجيه ثلاثة صواريخ إليها فدمرها جميعًا، كما استطاع اصطياد إحدى الدبابات التى حاولت التسلل إليهم يوم 15 أكتوبر، وفى يوم 18 أكتوبر، دمر دبابتين وعربة مجنزرة ليصبح رصيده 23 دبابة و3 مجنزرات.
بعد تحقيق النصر طلب اللواء حسن أبو سعدة قائد الفرقة الثانية مشاة فى حرب أكتوبر عبدالعاطى، فذهب له وعند دخوله وجد القائد الإسرائيلى عساف ياجورى، الذى طلب أن يلتقى المجند الذى اصطاد دبابته، وعندما علم بأن عبدالعاطى من فعل ذلك، قام بتحيته عسكريًا.
بعد الحرب والنصر سجلوا اسمه فى الموسوعات الحربية كأشهر صائد دبابات فى العالم، وأثناء قيام المشير أحمد إسماعيل على وزير الحربية بافتتاح معرض الغنائم بأرض المعارض بالجزيرة فى ديسمبر 1973 طلب من عبدالعاطى قص الشريط فى حضور قادة الجيش ومسئولى الدولة وآلاف الزوار.
ويوم 18 فبراير 1974 وداخل مجلس الشعب منحه الرئيس السادات وسام نجمة سيناء ومنحه القائد الليبى معمر القذافى وسام الشجاعة الليبى.
** الشهيد أحمد حسن صائد الطائرات:
واحد من ضمن الضباط الذين كانوا أحد مفاتيح الانتصار فى حرب أكتوبر المجيدة، إنه الشهيد المقدم أحمد حسن ابن محافظة الشرقية، الذى سجل رقما قياسيا فى إسقاط طائرات العدو، وكان من أشهر أهدافه إسقاط مقاتلتين بصاروخ واحد.
وحاز الشهيد أحمد حسن على لقب صاحب أول صاروخ مضاد للطائرات بالحرب، إذ كان موقع كتيبته متقدما على باقى الكتائب غرب القناة، وكان من نصيبه ضرب أول طائرة إسرائيلية تحاول إحباط عمليات العبور ظهر ٦ من أكتوبر.
تمكن الشهيد خلال ١٣ يوما عاشها فى الحرب من الإشراف على إسقاط ١٣ طائرة إسرائيلية.
ونجح الشهيد فى إسقاط تشكيل ٤ مقاتلات فانتوم كانت تنوى ضرب قائد الجيش الثالث اللواء سعد مأمون، وسقطت جميعا وكان منها طائرتان سقطتا بنفس الصاروخ، وفرح اللواء سعد بما رآه وأرسل للقائد جميل طه وطلب منه تقبيل أفراد كتيبة الشهيد واحدا واحدا.
وتسببت واقعة ضرب الـ٤ طائرات فى امتناع قائد سلاح الجو الإسرائيلى عن مواجهة كتائب الدفاع الجوى المصرية وكانت المرة الأولى أن يحدث ذلك الامتناع بتاريخ الجيش الإسرائيلى.
وتحلى الشهيد بحرص شديد على سلامة زملائه، فقبيل استشهاده بفترة وجيزة، خرج بنفسه للبحث عن ٣ مفقودين بالصحراء ولم يعد حتى عثر عليهم وأنقذهم من الموت عطشا.
واستشهد المقدم أحمد حسن يوم ١٨ أكتوبر، أثناء معارك الثغرة حينما كان ينقذ قاعدة صواريخ مضادة للطائرات من حفرة سقطت بها وكانت الطريقة التى استخدمها تدرس عقب استشهاده بالكليات العسكرية.
وكانت آخر ما قاله لزملائه قبل استشهاده (قولوا لأمى وخالد ونهلة يسامحونى إنى نسيتهم وافتكرت مصر).
* البطل محروس رزق الله
كان البطل محروس رزق الله ضمن كتيبة فهد مظلات، قائد صواريخ مضادة للدبابات، حيث كانت مفاجأة أكتوبر، هى صواريخ صقر التى جعلت من سيناء مقبرة للدبابات، فقد تم إجراء تعديلات على هذا الصاروخ وكان البطل محروس رزق الله أحد من قفز بالصاروخ بمظلة، وهو ما لم يحدث من قبل وكانت تجربة ناجحة وأصبح الصاروخ سلاحا هجوميا وليس دفاعيا.
وكان محروس ممن عبروا فى اللحظات الأولى لتأمين من عبروا بعده وقام وزملاؤه بغارات وكمائن على دبابات العدو وكبدته خسائر، ودمر محروس رزق الله ١٣ دبابة وحصل على وسام الجمهورية.
* فرحانة.. شيخة مجاهدى سيناء.. فجرت قطارا إسرائيليا
السيدة فرحانة حسين، هذه السيدة السيناوية التى لقبت بشيخة المجاهدين فى سيناء، لدورها ضد إسرائيل خلال فترة ما بعد نكسة 1967 واحتلال سيناء وحتى تحريرها.
وكانت فرحانة من قبيلة الرياشات، ولها 4 أبناء، تعيش بمنزل فى الشيخ زويد بشمال سيناء، والتى انضمت إلى منظمة سيناء العربية التى أنشأتها الحكومة المصرية وقامت بتدريبها العسكرى، فكانت تستغل عملها فى تجارة القماش وانتقالاتها من وإلى قلب سيناء فى زرع القنابل وتفجيرها ونقل الرسائل من وإلى رجال المقاومة.
كما نجحت فى نقل معلومات حول العدو الإسرائيلى، مثل نيته بناء مطار فى قرية الجورة بالشيخ زويد، حيث نقلت صور ووثائق معسكرات بمنطقة ياميت وخريطة مطار الجورة.
وبحسب المجموعة «73 مؤرخين»، فإن دور فرحانة كان مهمًا ومكملًا لمحاربة العدو واستنزافه قبل بداية حرب أكتوبر، لما قامت به من أعمال متميزة نالت بسببها نوط الامتياز من الطبقة الأولى من الرئيس الراحل أنور السادات بعد انتهاء الحرب.
وكان تفجير قطار للعدو فى مدينة العريش يحمل معدات وبضائع لجيش الاحتلال بجانب بعض الجنود والأسلحة، أول عملية لفرحانة، حيث زرعت القنبلة قبل قدوم القطار ليتفجر بالكامل، وأعقب ذلك عمليات أخرى طالت سيارات للجنود بصحراء سيناء.
* الست فاطوم وفلاحة فايد.
كانت الست فاطوم فى محافظة السويس، ولم تكن تملك أى إمدادات غذائية فى ظل القصف والأوضاع الصعبة فى مدن القناة خلال فترة حرب الاستنزاف، ولكن هذا لم يثنها عن تقديم يد المعونة إلى رجال المقاومة بالسويس، فقررت ذبح 10 دجاجات لرجال المقاومة المصرية حسبما ذكر الكاتب الصحفى مصطفى عبيد فى كتابه «هوامش التاريخ.. حكايات منسية».
وذكر عبيد فى فصل الكفاح المسلح للمرأة المصرية، نقلا عن الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودى، أن السيدة فاطوم كانت تضمد جراح المقاتلين وتنقل الذخائر رغم القصف المستمر والظروف الصعبة فى مدن القناة وخلال فترة ما قبل حرب أكتوبر.
ولا تختلف قصة الست فاطوم عن السيدة المعروفة باسم «فلاحة فايد» التى كانت تقيم كذلك بمدينة فايد التابعة لمحافظة الإسماعيلية، إحدى مدن قناة السويس، إلا أنها كانت بمثابة جاسوسة ضد الاحتلال الإسرائيلى، تنقل أماكن تمركز الآليات والمجنزرات فى منطقة فايد وسرابيوم قبيل حرب أكتوبر.
وفى كتابه «بطولات حرب أكتوبر» روى المشير الراحل حسين طنطاوى عن هذه السيدة، أنها لم تكفها المخاطرة بروحها، بل أخذت ابنها معها لأماكن تمركز العدو وحملته على كتفها للتمويه، والأغرب أنها قامت بعملية الاستطلاع وطلبت قنابل أو أى سلاح يدمر دبابات العدو.