الشهيد خالد عبدالعال.. بطل خُلّد بشارع وعزاء ومساعدة مالية

في لفتة إنسانية نبيلة تعبّر عن التقدير والوفاء لأبطال الحياة اليومية، قرر المهندس علاء عبد اللاه مصطفى، رئيس جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان، إقامة عزاء رسمي يليق بمقام السائق البطل خالد محمد شوقي عبدالعال، الذي قدّم حياته ثمنًا لإنقاذ المدينة من كارثة محققة، بعدما واجه النيران بجرأة استثنائية وأبعد شاحنة وقود مشتعلة عن محطة تزود بالوقود، مانعًا بذلك انفجارًا كان يمكن أن يودي بحياة العشرات.
ومن المقرر إقامة العزاء يوم الأربعاء الموافق 11 يونيو 2025، عقب صلاة المغرب، في دار المناسبات بمنطقة الأردنية بمدينة العاشر من رمضان، بمشاركة قيادات الجهاز، ومسؤولي المحافظة، وأهالي المدينة، في مشهد مجتمعي يعكس مشاعر الحزن والفخر تجاه هذا النموذج الإنساني النادر.
وفي سياق متصل، أعلن رئيس الجهاز عن تقديم مساعدة مالية عاجلة بقيمة 50,000 جنيه لأسرة الشهيد، تقديرًا لما قدمه من عمل بطولي استثنائي، ومساهمة في التخفيف من الأعباء التي خلّفها رحيله المفاجئ، مؤكدًا أن هذا القرار يأتي ضمن مسؤولية الجهاز الاجتماعية في تكريم النماذج التي تمثل ضمير المجتمع وقدوته.
كما قرر الجهاز إطلاق اسم الشهيد خالد عبدالعال على أحد الشوارع الحيوية بالمدينة، تخليدًا لذكراه، وتوثيقًا لموقفه البطولي في وجدان الأجيال المقبلة.
وقال المهندس علاء عبد اللاه: إن مدينة العاشر من رمضان لا تنسى أبناءها الأوفياء، وخالد عبد العال ليس مجرد سائق، بل بطل كتب اسمه في سجل الشجاعة بأحرف من نور، ما قام به يستحق أن يُروى، ويُحتذى، ويُخلَّد».
تعود تفاصيل الحادث إلى صباح السبت 1 يونيو، حين اندلعت ألسنة اللهب فجأة داخل محطة وقود بالمجاورة 70 إثر اشتعال شاحنة نقل مواد بترولية أثناء التزود بالوقود، وبينما ارتفعت ألسنة اللهب وعمّت الفوضى المكان، وسط ذعر المواطنين والعاملين، كان شبح الانفجار يهدد المنطقة بالكامل.
في هذه اللحظة الحاسمة، لم يتردد السائق خالد عبدالعال في اتخاذ قرار مصيري، حيث انطلق بالشاحنة المشتعلة خارج المحطة بسرعة فائقة، متحديًا ألسنة النار والدخان، ليبعدها لمسافة آمنة حالت دون انتقال الحريق إلى خزانات الوقود أو المنازل المجاورة.
هذا التحرك السريع والشجاع أنقذ الأرواح والممتلكات، لكنه كلفه حياته، فقد أصيب السائق خالد بحروق بالغة من الدرجة الثانية والثالثة، وتم نقله إلى مستشفى بلبيس المركزي، ثم إلى مستشفى "أهل مصر" للحروق، حيث خضع لعلاج مكثف داخل وحدة العناية المركزة، قبل أن يفارق الحياة بعد أيام من الصراع مع الألم.
برحيله السائق البطل، خيّم الحزن على أرجاء مدينة العاشر من رمضان، وأصبحت قصة خالد عبد العال حديث الساعة بين الأهالي وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، حيث لقّبه الكثيرون بـ «شهيد الشجاعة» و«بطل العاشر"»، وانتشرت صوره ومقاطع توثق الحادثة وسط دعوات بالرحمة ومطالبات بالتكريم.
وقد تفاعل جهاز المدينة سريعًا مع تلك المطالبات، عبر تنظيم عزاء رسمي، وتقديم دعم مالي مباشر لأسرته، إلى جانب إطلاق اسمه على شارع حيوي، في خطوة تعكس تقدير الدولة والمجتمع لمثل هذه النماذج الإنسانية النادرة.
تُمثل قصة خالد محمد شوقي عبد العال أكثر من مجرد حادث عرضي، فهي درس حي في معنى البطولة الحقيقية، وتُبرز كيف يمكن لإنسان عادي أن يتحوّل في لحظة إلى رمز، حين يقدّم نفسه فداءً للآخرين.
ويقول المواطن عادل جلال، أحد سكان المجاورة 70 «خالد لم يكن جنديًا نظاميًا، لكنه جُنّد بالضمير، وما فعله سيبقى محفورًا في قلوبنا، نتمنى أن تُدرّس قصته للأجيال لتعرف أن البطولة لا تحتاج إلى زي رسمي، بل إلى ضمير حي وشجاعة نادرة».
بهذا التكريم الرسمي والشعبي، لا تكرّم العاشر من رمضان اسم بطلٍ واحد، بل تكرّم قيمة كاملة، أن من يعمل بإخلاص ويضحّي في سبيل الخير العام، يستحق أن يُرفع اسمه عاليًا ويُذكر على مرّ الزمان.