رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

مراجعات


 


في زمن «الانفتاح الاقتصادي»، وتحديدًا في العام 1981، عُرضت لأول مرة، مسرحية «أهلًا يا دكتور»، كواحدة من أهم روائع تاريخ المسرح المصري والعربي، والتي قام ببطولتها الفنانان الراحلان سمير غانم وجورج سيدهم.
مسرحية تحمل رؤية ورسالة، بطريقة ساخرة، حيث تناقش معاناة الأطباء في المجتمع، بعيدًا مما نشاهده الآن من إسفاف مبتذَل وخدش حياء، و«دوافع» تجارية، أو نزعات الربح والشُّهْرة و«التريند» عند بعض «مرتزقة الفن»، أو تقديم محتوى هابط، غير صالح للاستخدام الإنساني.
تلك المسرحية دقت ناقوس الخطر مبكرًا، عندما جسَّدت حياة طبيب يعمل في مستشفى حكومي، ويواجه صعوبات وتحديات كبيرة، لتثير مبكرًا تساؤلات حول واقع الطب في مصر، وظروف الأطباء في المنظومة الصحية، مما جعلها عملًا فنيًّا خالدًا، ذا أبعاد ثقافية واجتماعية عميقة.
ما بين «أهلًا يا دكتور» في «عصر الانفتاح».. و«وداعًا يا دكتور» في «الجمهورية الجديدة»، نتابع الآن ما يحدث من «موجات» هجرة غير مسبوقة للأطباء إلى الخارج، في ظاهرة متنامية، لم يلتفت إليها المسؤولون، رغم تأثيراتها الكبيرة على المنظومة الطبية، لتمثل أزمة حقيقية، ونزيفًا متواصلًا، وإهدارًا للطاقات والعقول والكفاءات.
ربما تكون هجرة الأطباء «ظاهرة غير جديدة»، إذ تمتد لعقود، إلا أنها استفحلت خلال العشرية الأخيرة، لتصبح واحدة من أخطر التحديات التي تواجه تطوير المنظومة الصحية، خصوصًا أنه ـ بحسب نقيب أطباء مصر ـ هناك نحو 7 آلاف طبيب يهاجرون سنويًّا، من مجموع الخريجين البالغ عددهم 9000 فقط! 
خلال الأيام الفائتة، تابعنا الجدل الحاصل بشأن ملف «هجرة الأطباء»، أعقب تصريحات رئيس الوزراء، عن زيادة عدد الخريجين خلال الـ6 سنوات المقبلة، ليصل إلى 29 ألف طبيب، ثم دخول بعض الإعلاميين، ومَن يُسَمَوْنَ أنفسهم خبراء على خط الأزمة، لإثارة الجدل، رغم أن الأزمة قائمة منذ سنين، وحلولها معروفة، ولا تحتاج إلى كل هذا اللغط!
اللافت أن «هجرة الأطباء» أسفرت عن أزمة حادَّة في نقص أعدادهم، خصوصًا في المستشفيات الحكومية، إذ لا تقتصر على حديثي التخرج، بل تشمل أيضًا ذوي الخبرة والكفاءات العالية، بحثًا عن فرص عمل أفضل، وظروف حياة مستقرة.
إذن، المشكلة ليست في زيادة أو نقصان أعداد الأطباء، مقارنة بعدد السكان، لكن فتح الباب على مصراعيه لزيادة أعداد الخريجين بهذا الشكل، سيكون على حساب التفوق العلمي، الذي سينعكس بالضرورة على مستوى الطبيب والمهنة، وبالتالي يجب إيجاد حلٍّ دائم لـ«هجرة الأطباء»، من خلال تطبيق حقيقي لميزانية «الصحة»، التي حدَّدها الدستور. 
أخيرًا.. يجب علاج الأزمة من جذورها، من خلال إرادة حقيقية لمعالجة الأجور المتدنية، وسوء بيئة العمل، وغياب الحوافز، ونقص التدريب، وتحسين البنية التحتية للمستشفيات والمراكز الصحية، فالطبيب المصري لم يعد يبحث عن رفاهية، بل عن الحدِّ الأدنى من الكرامة والعدالة.

فصل الخطاب:

تقول الشاعرة الروسية «مارينا تسفيتايفا»: «سوف ننام جميعنا قريبًا تحت الأرض.. نحن الذين لم نسمح لبعضنا البعض بالنوم فوقها».

 

[email protected]