رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

ألقيت الكاميرا وركضت وسط الجحيم.. لأنقذ «أحمد منصور»

«الوفد» تحاور عبد ماجد بطل خيمة الصحفيين في غزة

الصحفي عبد ماجد بطل
الصحفي عبد ماجد بطل محرقة خيمة الصحفيين

غزة تكتب صحافتها بالدم.. والصمت العالمي أقسى من الرصاص
 الصحافة بدون إنسانية.. جريمة!
211 صحفيًا استُشهدوا.. ننتظر دورنا في طابور الموت
صحفيو غزة يعيشون تحت القصف والخطر
درع الصحافة لم يعد حماية بل هدفًا

نعيش في خيام لا تحمينا من الماء.. فكيف تحمينا من النار؟


في غزة لا تنقل "الكاميرا" الحقيقة فقط.. بل تحترق بها!
وفي أرضٍ اعتادت أن تُدفن فيها الأحلام تحت الركام، وأن تُكسر العدسات على وقع القصف، وقف الصحفي عبد ماجد الذي خلع عباءة "المهنة" وارتدى جلد إنسانٍ يشق طريقه وسط ألسنة اللهب، محاولًا إنقاذ زميله "أحمد منصور" الذي احترق حيًا أمام أعين الجميع! في حدث مأساوي واقعي وليس مشهدًا من فيلم!
سقطت القذيفة على "خيمة الصحفيين" وسقط معها وهم "الحماية" و"الحياد الدولي" وبقي جسد أحمد شاهدًا على جريمة دامية، ويد مُنقذٍ محترقة، اختار أن يكون إنسانًا قبل أن يكون صحفيًا - في زمنٍ باتت فيه العدسات توثّق المآسي بينما الأرواح تُزهق دون اكتراث - قرر أن يمدّ يده نحو الجمر بدل أن يُبقيها على زر التصوير فترك كاميرته وركض نحو الجحيم، غير آبهٍ بلقطة تاريخية بل بروح تُنتزع من النار.
في هذا الحوار.. لا يتحدث "عبد" عن قصة بل عن زلزال إنساني، عن حريقٍ لا تُطفئه المياه، بل يُشعل في القلب لهبًا لا ينطفئ.. عن لحظة كان فيها الصحفي هو الضحية، وهو المسعف، وهو الشاهد.. وهو من بقي ليُكمل الرسالة حين رحل الصوت الآخر إلى السماء!

وإلى نص الحوار:


*بداية.. صِف لنا اللحظات الأولى من قصف مخيم الصحفيين.. بِم شعرت حين رأيت النيران تلتهم جسد زميلك أحمد منصور؟ وما الذي دار في ذهنك وسط هذا المشهد الكارثي؟


- كانت اللحظات الأولى من الحريق صادمة وقاسية ومؤلمة لأبعد حد، تفاصيل الواقعة بدأت تفاجأنا أثناء نومنا بانفجار عنيف في مخيم الصحفيين المقام أمام مستشفى ناصر بخان يونس، الصدمة الأكبر كانت عندما أدركنا أن الانفجار استهدف خيمة صحفية معروفة للجميع بأنها مخصصة للصحفيين، وكان بداخلها عدد من زملائنا.
هذا الاستهداف أدى إلى استشهاد الزميلين حلمي الفقعاوي ويوسف الخزندار على الفور، كما أُصيب الزميل أحمد منصور إصابة خطيرة جدًا، وارتقى شهيدًا بعد حوالي خمس ساعات، كذلك أُصيب عدد من الزملاء الصحفيين، من بينهم حسن اصليح، عبد الله العطار، أحمد الآغا، محمد فايق، إيهاب البرديني، وماجد قديح.
لم أتخيل يومًا أنني سأعيش لحظة كهذه، أن أرى زميلاً لنا يحترق أمامي، شعرت وكأنني في كابوس لكن سرعان ما تحركت باتجاه أحمد الذي كان يحترق، وكان واضحًا أنه بحاجة ماسة للمساعدة، شظايا الصاروخ شلّت حركته فجعلته غير قادر على مقاومة النار، فركضت نحوه ورفعت الطاولة التي كانت أمامه حتى أفتح لنفسي مجالًا للوصول إليه.. أمسكت بقدمه وحاولت سحبه، لكن النار كانت تشتد، واضطررت للانسحاب، فعدت إليه من زاوية أخرى كانت الحرارة فيها أخف، وأعدت المحاولة، لكن جلده كان قد انصهر والتصق بيدي، وانزلقت يدي من على رجله وتمزق بنطاله. . لكننا في النهاية تمكنا من إحضار زجاجات مياه للسيطرة على الحريق، واستطعنا إخراجه ونقله إلى مستشفى ناصر.. في تلك اللحظات، فقدت الوعي وأُصبت بحروق من الدرجة الثانية في أصابع يدي اليمنى.

لحظة إنقاذ عبد ماجد زميله الصحفي أحمد منصور
لحظة إنقاذ عبد ماجد زميله الصحفي أحمد منصور


* حين اندفعت وسط ألسنة اللهب لإنقاذ زميلك.. هل كان بدافع الزمالة أم الواجب الإنساني؟


- تحركت بشكل لا إرادي دون تفكير.. فالذي كان يحترق أمامي هو إنسان أولًا قبل أن يكون زميلًا صحفيًا. اندفعت بدافع إنساني بحت، وتخيلت أنني في يوم من الأيام قد أكون في مكانه. كان هدفي الوحيد في تلك اللحظة أن أخرجه من النار، وكان لدي أمل كبير في إنقاذه.. لكن إرادة الله كانت أقوى.


* في تلك اللحظة العصيبة.. هل كنت صحفيًا يراقب الحدث أم إنسانًا يكاد قلبه ينفجر من هول المنظر؟


- في تلك اللحظات تركت الكاميرا بشكل مباشر؛ لأنني شعرت بالقهر الشديد من هول المشهد الذي كان يفوق التصور، مشهد لا يمكنني أن أتخيله في أي يوم من الأيام. اندفعت بكل ما أملك من قوة لمحاولة إنقاذ زميلنا أحمد منصور، وكأن كل شيء آخر لم يعد مهمًا.


* كنت الصحفي الوحيد الذي ألقى بالكاميرا وهرع لإنقاذ أحمد.. لماذا فعلت ذلك بينما اكتفى الآخرون بالتصوير؟


- لأن الوضع كان يتطلب ذلك.. أمامي كان إنسانًا يحترق ويحتاج للمساعدة وكان من المستحيل تجاهل شعور الإنسانية، كنت أراه بين الحياة والموت، يتعرض لأبشع أنواع العذاب، الجميع يعلم مدى الألم الذي يسببه الحرق، وصراحة، الجميع هنا أصيب بصدمة ورعب من هول المشهد، وهو ما حال دون قدرتهم على إنقاذه، وهناك من أساء التصرف دون قصد، لكنني كنت الشخص الوحيد الذي تجرأ على دخول النيران، رغم خطورة الموقف، لأنني شعرت أنني لا أملك خيارًا آخر.

* هل شعرت حينها بأن الكاميرا قد تتحول إلى أداة صامتة للخذلان؟


- نعم.. في تلك اللحظة شعرت أن حياة الإنسان الذي أمامي، وهو زميلي الصحفي الذي يعمل معنا بنفس المجال، أهم من الصورة التي لا تعني شيئًا في تلك اللحظة؛ لأن الصورة لن تنقذ حياة، بينما نحن نتعرض لأكبر خذلان من صمت العالم من حولنا، أصبحنا نشعر أن عملنا الصحفي بلا قيمة، وأنه لا جدوى من توثيق الألم، خاصة في ظل فقداننا لـ211 من زملائنا الصحفيين في الحرب دون أن يتحرك أحد.

*بماذا تصف مشهد من يُصوِّر زميله وهو يحترق دون أن يتحرك خطوة لإنقاذه؟


- من يفعل ذلك هو صحفي فقد إنسانيته وأخلاقيات مهنته، فصحافة دون إنسانية لا تعد مهنة؛ الصحافة هي واجب إنساني قبل أن تكون مهنة، وهي صوت من لا صوت لهم، وهي مرآة لآلام المظلومين ومعاناتهم.

*هل قال لك أحمد شيئًا أثناء محاولتك إنقاذه؟ هل تذكر ملامح وجهه أو صوته في تلك اللحظة؟


- أحمد ظل صامتًا لا حراك ولا صوت، كان عاجزًا تمامًا وهو يحترق، وكأن صمته كان رسالة للعالم: "تركتمونا نواجه الموت وسط النيران دون أن يتحرك أحد".. رحل بجسده من نار الدنيا إلى جنة الآخرة.


* بعد أن عايشت هذا الحدث المأساوي.. أي لحظة كانت هي التي كسرت قلبك وجعلتك تشعر بأنك لم تعد كما كنت؟


- اللحظة التي انكسر فيها قلبي كانت عندما تلقينا خبر استشهاد أحمد بعد ساعات من وجوده في العناية المركزة.. شاركت في جنازته، وكانت الصدمة أكبر حين علمت أن أحمد ترك وراءه ثلاثة أطفال، وهذا زادني حزنًا وألمًا فوق ألم الفقد.

*هل شعرت أنك قصّرت في إنقاذه؟ أم ترى أنك قدمت ما تستطيع وواجهت المستحيل؟


- لا أعلم إن كنت قد قصرت أم لا.. لكن هناك شعور في داخلي يؤكد أنني فعلت ما في وسعي أمام موقف كان أقرب إلى المستحيل.

* عندما تشاهد الفيديو.. ما الذي يؤلمك أكثر: المشهد نفسه أم ردود فعل الناس أم صمت العالم؟


- يشعرني الفيديو بالقهر كلما شاهدته، لأنه يعيدني إلى تلك اللحظات القاسية والموجعة.. أحيانًاألوم نفسي على ما كان يمكنني فعله لو تصرفت بشكل مختلف، لكن في النهاية، هذا ما قدره الله.

* هل فقدت شيئًا بداخلك يوم استُشهد الصحفي أحمد منصور؟

فقدت الإحساس بالأمان، وفقدت الاطمئنان والراحة. أصبح كل يوم مليئًا بالخوف والرعب والقهر.. مشاعر مختلطة لكنها مؤلمة وتترك أثرًا سيئًا.

الشهيد الصحفي أحمد منصور
الشهيد الصحفي أحمد منصور

* ما الرسالة التي توجهها لكل صحفي وثّق المشهد بالصوت والصورة وم يُحرّك ساكنًا؟


- الرسالة مطلوبة ونقل الصورة والحقيقة هو واجب وطني، لكن كما تعلمنا، إذا كنت وحدك أمام خيار إنقاذ حياة إنسان أو توثيق الخبر، فإن حياة الإنسان تظل الأولوية. رسالتي لكل الزملاء: "تصرفوا دائمًا بحس إنساني لأن الإنسان قبل الخبر".

* ماذا تقول لعائلة الشهيد أحمد منصور، خاصة لأطفاله الذين نشأوا على حكاية والدهم وألمه؟


- أتقدم بخالص التعازي والمواساة لذوي الزميل أحمد، وأدعو لهم دائمًا بالصبر والسلوان.. لهم الفخر أن أحمد ارتقى شهيدًا أثناء تأدية واجبه الوطني في نقل معاناة أهلنا في قطاع غزة الذين يعيشون حرب إبادة مستمرة منذ أكثر من 17 شهرًا، وأتمنى لأطفاله حياة كريمة، وأن يسيروا على درب والدهم بأخلاقه وشهامته وسمعته الطيبة التي تركها لنا.


* برأيك.. هل الإنسانية ماتت تحت الركام أم لا تزال على قيد الحياة في قلوب بعض الصحفيين؟


- الصحفيون هم أقرب الناس إلى معاناة الشعب، عاشوا مع الناس في كل الظروف الصعبة، وما زالوا مستمرين في أداء رسالتهم السامية التي تروي الحقيقة وتعكس معاناة المظلومين في قطاع غزة.. هذا الطريق اخترناه بإرادتنا، ولن نتوقف عنه حتى تتوقف حرب الإبادة ويعيش أهلنا في سلام وأمن واستقرار.


* هل غيّرك هذا المشهد؟ هل "عبد ماجد" بعد الحريق هو نفس الشخص قبله؟

ـ الحرب كلها منذ 7 أكتوبر هي التي غيّرتني.. صحيح أن حادثة أحمد كانت الأصعب، لكنها لم تكن الأولى! عشنا ظروفًا قاسية ومواقف مؤلمة، ومن الصعب أن نتعافى من كل ما مررنا به في غزة، قد نحتاج لسنوات حتى نتجاوز آثار كل ما عشناه.


* كيف تلقيت ردود فعل الناس بعد انتشار صورك أثناء محاولتك إنقاذ زميلك؟ هل شعرت أن هذا الموقف غيّرك أو أضاف لك شيئًا؟


- تفاجأت بانتشار الصورة والحدث وبأن الجميع يتحدث عني، لكن في تلك اللحظة كنت في حالة صدمة وحزن شديد، فالمصاب كان جللًا علينا جميعًا.. صحيح أن الناس أبدت الكثير من التقدير والثناء، لكنني أرى ما فعلته تصرفًا طبيعيًا يصدر عن أي إنسان يحمل بداخله نخوة وشهامة، لم أكن أبحث عن الظهور أو التقدير بقدر ما كنت أتمنى أن أتمكن من إنقاذ أحمد، لكن هذه مشيئة الله.. ومع ذلك، كانت ردود فعل الناس بمثابة مواساة حقيقية ساعدتني على تجاوز قسوة المشهد ولو قليلًا.

* كيف أثّرت هذه الحادثة على رؤيتك لمهنة الصحافة؟ هل ما زلت تؤمن أن الكلمة أقوى من الرصاصة؟


- الصحافة هي واجب وطني وديني وإنساني قبل أن تكون مجرد مهنة، فما حدث لن يثنينا عن مواصلة رسالتنا.. سنظل صوت المظلومين في قطاع غزة نروي معاناتهم وننقل حقائقهم حتى تتوقف هذه الإبادة وتنتهي معاناتهم.


* إن عاد بك الزمن لحظة حرق زميلك أحمد.. هل كنت ستتخذ القرار ذاته مرةً أخرى؟


- أتمنى ألا يعود بي الزمن لأعيش هذا الموقف مرة أخرى.. ولو عاد، فلن أتردد في اتخاذ القرار نفسه وسأظل ثابتًا في موقفي.


* كيف تصف واقع الصحفيين في غزة وسط الحرب والإبادة المستمرة؟


- الصحفيون في غزة يعيشون أوضاعًا صعبة للغاية، نحن بين نارين، إما أن نكون إلى جانب أهالينا النازحين الذين يعانون كما يعاني باقي السكان، أو نواصل أداء مهامنا الصحفية وسط مخاطر كبيرة. نحن نواجه استهدافًا متعمدًا، وحركتنا مقيدة، بلا أمان أو حصانة كما يتمتع بها الصحفيون في بقية دول العالم. نحن حالنا مثل حال بقية النازحين، نعيش في خيام لا تحمينا من الماء فكيف تحمينا من النار؟
المفترض أن يكون الصحفيون في مكاتب مجهزة، مع الإنترنت والكهرباء وجميع مستلزمات العمل، لكن مع بداية الحرب فقدنا كل هذه الإمكانيات وأصبحنا نعمل بأدوات ومعدات شبه معدومة حتى الأدوات التي كانت لدينا تعرضت للتلف بسبب الاستعمال المستمر في ظروف قاسية.. كنا شاهدين على العديد من المجازر التي ارتكبت بحق عائلاتنا. الوضع في غزة كارثي من جميع النواحي؛ حرب إبادة استهدفت كل جوانب الحياة: لا صحة، لا تعليم، لا كهرباء، لا مياه صالحة للشرب، لا رعاية صحية، ولا حتى أمان. أما الغذاء، فهو متوفر بأسعار باهظة بسبب نقصه، والناس تعيش على الطوابير: طابور المياه، طابور التكية، وحتى طابور الحمام والدواء..  مع استمرار الحرب، تتفاقم الأزمة بشكل يومي وضعنا كصحفيين لا يختلف عن وضع باقي الناس؛ نحن وأهالينا نعيش في مخيمات أو مناطق يدعى أنها آمنة، ولكن لا يوجد مكان آمن في غزة.


*وسط كل هذه الخسائر المتتالية في صفوف الصحفيين.. هل شعرت يومًا أن ما تفعلونه بلا جدوى؟ وأنكم تصرخون في عالم لا يسمع؟


- في لحظات كثيرة شعرنا أن لا جدوى من كل ما نفعله، أننا نصرخ في فراغ لا يسمعه أحد.. لمن نصوّر؟ لمن ننقل؟ لا أحد يسمع، لا أحد يشعر بنا.. هذا الصمت العالمي المرعب مؤلم إلى حد لا يُحتمل، نعيش في خوف دائم، بلا أمان، بعد أن فقدنا 211 زميلًا.. 211 أخًا، لكل واحد منهم عائلة وأحلام وطموحات اختُطفت مع أرواحهم، أحيانًا نشعر أننا على وشك الانهيار، وأننا لم نعد قادرين على الاستمرار، حتى أحاديثنا اليومية صارت عن الدور القادم: من التالي؟ من سنودّع؟ أصبحنا مجرد أرقام.. من سيكون الرقم 212 أو 213؟ لم نعد نعيش، بل ننتظر!


* في ظل الاستهداف المباشر والتقييد المستمر.. هل ما زالت لديكم مساحة للعمل الصحفي بحرية داخل غزة؟


- لا يمكننا العمل بحرية على الإطلاق، حتى درع الصحافة، الذي من المفترض أن يحمينا ويُظهر هويتنا كصحفيين، بات يشكّل خطرًا علينا أصبحنا نُستهدف لمجرد أننا نحمل الكاميرا.. لا حرية حركة، ولا تنقل، ولا حتى وسائل مواصلات متوفرة لا سيارات، لا بنزين، لا سولار.. الظروف قاسية، والخطر يحيط بنا من كل اتجاه.


*ما هي رسالتك للعالم؟.. وكيف ترى دوركم كصحفيين في نقل هذه معاناة شعب غزة؟


- رسالتي إلى العالم، وبالأخص إلى العالم الغربي الذي يدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان ورفع شعار الإنسانية: "كفى صمتًا وخذلانًا".. إن صمتكم يقتل فينا أكثر من القصف والموت والنزوح، ما يؤلمنا بحق هو هذا التجاهل المستمر لمعاناة شعب يُحب الحياة، يعشق السلام، ويتمنى فقط أن يعيش بأمان.. فشعب غزة ليسوا أرقامًا في نشرات الأخبار بل بشرٌ لهم طموحات وأحلام يسعون لبناء مستقبل كما يسعى إليه أي إنسان في هذا العالم، نناشدكم أن تتحركوا لوضع حد لحرب الإبادة التي تستهدف أطفالنا ونسائنا بشكل مباشر، فالمأساة أكبر من أن تُختزل في عناوين، وأعمق من أن تُخفى خلف صمتٍ دولي مريب.
أما رسالتي كصحفي.. فقد اخترنا هذا الطريق بإرادتنا الحرة، وسنكمل فيه حتى آخر نفس، لن نصمت وسنواصل نقل معاناة شعبنا في غزة، مهما كانت الظروف، ومهما كان الثمن.