انفراد لـ«الوفد»: الأسيرات المحررات من سجون الاحتلال يروين قصص العذاب والقهر:
جحيم خلف القضبان

رولا حسنين: حرموني من رضيعتي 10 أشهر وتعرضت لكل أنواع التعذيب
سماح حجاوي: حبسونا في زنازين أشبه بالقبور ومنعونا من الصلاة
دنيا أشتية: منعونا من مقابلة محامينا ورسائل الأهل كانت خير سلوى لنا
حنين المساعيد: الحرية لن تكون للأسرى فقط ولكنها ستشمل كل الوطن قريبًا
"أتبكي شبيهات الصخر؟ نعم، ففي ذمّة الأسر قد يبكي الصخر لكن لا ينكسر".. هكذا هو لسان حال الأسيرات الفلسطينيات، اللواتي نسجن حكايات صمودهن من رحِم معاناتهن، فتمسكن بحرية يموت دونها الحرّ ولو مصلوبًا على أعواد مشانق الاحتلال.
في سجن الدامون، موت على قيد الحياة وحياة على قيد الألم، حقوق منتزَعة وكرامة تُقتل ببطء؛ الأسوار تشهد على معارك خفية بين أجساد مقيدة وأرواح ثائرة، الزنازين مُظلمة تفوح منها رائحة القهر، والجدران صماء تتلصص على آلام الأسيرات عسى ألا يفوتها مشهد تعذيب أو تنكيل؛ عزلٌ انفرادي يُمزق النفس، تحقيقات تستنزف الأرواح، وإهمالٌ طبي يجعل المرض سلاحًا للترويض.. وسط كل هذا وقفت الأسيرات الفلسطينيات كأشجار زيتون شامخة، تضرب بجذورها في الأرض، وتتحدى الرياح العاتية، كان الأسر شهادة نصرهم الأولى على محتل غاشم لم يدرك يومًا أن الأجساد قد تُقيد، لكن الأرواح تبقى عصية على الأسر.
وبعد أن فتحت صفقة تبادل الأسرى الأخيرة أبواب الزنازين، عادت تلك البطلات يحملن في أجسادهن وجع السجون، وفي أرواحهن قوة غلّفها الاحتلال بوشاحِ الذلِ، واجهن السجان بكرامتهن، ووقفن على عتبات السجن يُرددن:
ولِلحُرية الحَمراءِ بابٌ .. بكًلّ يَدٍ مُضرَّجَةٍ يُدَق

هذا الملف شهادة حية على وحشية الاحتلال بحق الأسيرات الفلسطينيات، يغوص في تفاصيل تُكشف لأول مرة، من حوارات حصرية نستعرض معاناة الأسيرات في الزنازين، ويروي شهاداتهن حول القهر المستمر الذي تعرضن له، في وقت كانت فيه حريتهن مرهونة بشلال دماء، وبيوت مهدّمة وأطراف مقطعة وأحلام محطمة.
احتلال همجي وتفتيش قاسٍ
الأسيرة الفلسطينية المحررة رولا إبراهيم حسنين سردت لـ"الوفد" ملحمة الألم والمقاومة في سجون الاحتلال قائلة: «تعرّضت للاعتقال من منزلي في بيت لحم، بتاريخ 19 مارس 2024، حيث اقتحم جنود الاحتلال بيتي بطريقة همجية وعنيفة، رغم أنني كنت أحتضن طفلتي الرضيعة "إيلياء" والتي شعرت بالخوف الشديد من هذا الهجوم الغاشم، تم تقييدي بكل قسوة وتكبيل يداي من غرفة النوم، في مشهد لا لا يُحتمل، ومُنعت من توديع طفلتي المريضة وزوجي الدكتور شادي، قبل أن يتم اقتيادي قسرًا إلى معسكرات التوقيف والتحقيق، ثم إلى سجن الدامون».
وأضافت: «اتهموني بالتحريض بحُكم عملي في مهنة الصحافة منذ اثني عشر عامًا، كانت ظروف اعتقالي مأساوية، خاصةً أنني أم مرضعة لطفلة رضيعة أبعدوني عنها قسريًا وهي تعاني من ظروف صحية صعبة، وقال لي أحد محققي المخابرات الإسرائيلية: "بوعدك أحرمك من بنتك سنة ونصف". ورغم تهديده كنت أؤمن بأن الحكم حكم الله، وقد شاء أن يتم الإفراج عني بعد عشرة أشهر، وكانت لحظات ما بعد الاعتقال قاسية؛ تعرضت خلالها لأبشع أنواع العذاب، بدءًا من التنقلات القسرية بين معسكرات جيش الاحتلال، مرورًا بفترات التحقيق التي لا ترحم، وصولًا إلى التهديدات المستمرة، حتى السجون التي يتم فيها تجميع الأسرى الفلسطينيين، حيث تكاملت المعاناة في بيئة قاسية».
كشفت الصحفية المحررة مظاهر القسوة داخل سجون الاحتلال قائلة: «كنا نواجه قمعًا جماعيًا شديدًا، وقمعًا فرديًا بأساليب وحشية متنوعة. أتذكر أننا بذكرى السابع من أكتوبر، تعرضنا لاعتداءات عنيفة؛ سحلونا على الساحة وعصّبوا عيوننا وكبّلوا أيدينا وأرجلنا وأجلسونا ساعتين على أرجلنا وهدّدونا، ذلّونا وسبّونا بأفظع الشتائم، ناهيك عن عمليات التفتيش الليلية، فكانوا يقتحمون الزنازين بشكل مفاجئ ومرعب بطريقة مهينة، وصل الأمر إلى التفتيش العاري المتكرر وانتهاك خصوصياتنا، وكنا نحتسب كل هذا القهر عند الله».

وأكملت "رولا": «تعاملت مع فكرة الاعتقال والوحدة كفرصة للخلوة مع الله، أعادت فيها تقييم كل شيء حولي، وتتبع الاحتلال معنا سياسة ممنهجة من التنكيل والتجهيل، كنا نعيش في عزلة تامة عن العالم الخارجي، بعيدين عن أهلينا وأحبائنا، دون أي وسيلة للتواصل معهم. كنا محاطين بجدران سميكة تحجب عنا كل شيء، في عالم غريب مجهول. سجون الاحتلال كانت مقابر للأحياء، حرمونا من أبسط حقوقنا في العيش بكرامة، وأصعب مشاعر عشتهافي الأسر كانت تلك التي تزامنت مع قدوم عيد الفطر، أول عيد في حياة ابنتي "إيلياء" وأنا بعيدة عنها، وكذلك ذكرى ميلادها الأولى. هذه التواريخ شكلت حالة قهر إضافية عليّ، فكنت أضع وسادتي بين يديّ كي أستشعر شيئًا من وجودها، حتى لا أشعر بالفقد الجسدي».
وأوضحت: «دعمتني عائلتي خلال فترة الأسر، وعملوا جاهدين من أجل حريتي، ووكّلوا عددًا من المحامين لمتابعة قضيتي أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وكانت الأسيرات الجُدد يخبرونني بأن في الخارج أصوات حية ترفض ظلم الاحتلال وتطالب بالعدالة لنا، وأنا هناك مظاهرات خرجت في باريس تطالب بحريتي، وأخرى في الدول العربية، تتضامن مع قضيتي، كنت أشعر بفرحة غامرة وعميقة، تُطمئنني بأننا لسنا منسيين في غياهب السجون».
صرّحت "رولا": «علمت بخبر الإفراج عني قبل نصف ساعة فقط من تنفيذ القرار، حيث جاءت إدارة السجون وأخبرتنا بضرورة تجهيز أنفسنا وارتداء ملابسنا استعدادًا للتحرر الذي كان حلمًا بعيدًا، وصل عددنا في المعتقل لـ94 أسيرة، وعندما صدر قرار الإفراج عننا في الصفقة، كنا 77 أسيرة، خرج 67 أسيرة، وتبقى 10 أسيرات نأمل أن يتم الإفراج عنهن في القريب العاجل، وأود أن أوجه لهن رسالة أمل وصبر: اصبروا وصابروا ورابطوا، فأنتم أصحاب الحق، والحرية تليق بكم، وستكون قاب قوسين أو أدنى.. كُنتن خير أسيرات، وأثبتن قوتكن في وجه المعاناة».
وأشارت المناضلة المحررة: «لقد أعادت صفقة التبادل قضية الأسرى إلى الطاولة مجددًا، بعد فترة من التهميش نتيجة الحرب المدمرة التي تعرضت لها غزة. ورغم هذا، كانت مشاعرنا مليئة بالحماسة والأمل، وقلوبنا تخفق بشدة ونحن نرغب في الحرية بكل جوارحنا، لأن الإنسان الحر لا يقبل إلا بالتحرر. نوجه تحية شكر وعرفان لكل من ساهم في إنجاح الصفقة، وكل من كان له يد في دعم قضيتنا. كما نخص بالتحية الشعب المصري، الذي لطالما كان الشقيق الأكبر لغزة وفلسطين، ونأمل أن يستمر في تقديم الدعم والمساندة لنا كما عهدناه دائمًا».
للمرأة الفلسطينية دور في صمود الوطن ومجابهة الاحتلال. هذا ما فسّرته المناضلة المحررة حيث قالت: «دور المرأة الفلسطينية في المقاومة لا يمكن أن يُستهان به، فهي عنصر محوري في كل مرحلة من مراحل النضال الفلسطيني. فالمرأة تشكل نصف المجتمع، وهي التي تُربي الأجيال القادمة وتغرس فيهم القيم والمبادئ التي تحافظ على هوية الأمة وتواصل نضالها. متى صلحت المرأة، صلح المجتمع بأسره، لأنها الأساس في بناء جيل قوي ومتماسك. وما تقدمه المرأة الفلسطينية هو جزء يسير من واجبها تجاه وطنها، فهي ليست منفصلة عن آهات المجتمع الفلسطيني، بل هي أفضل من مثلت المعاناة، وتحملت الصعاب بكل شجاعة وصبر. فكانت المرأة أيقونة الصمود والتضحية، وأثبتت أنها أكثر الفئات قدرة على تحمل مرارة الاحتلال ومواجهته بكل الأشكال الممكنة».
وفيما يخص طبيعة علاقتها مع الأسيرات استرسلت "رولا": «كنت أنا والأسيرات نُمارس بعض الأنشطة الجماعية داخل الأسر والتي كانت بمثابة فسحات من النور وسط الظلام، حيث تنوعت تلك الأنشطة بين جلسات فقهية ودينية، ودروس لحفظ القرآن الكريم، فضلًا عن جلسات للنقاش الاجتماعي والفكري والثقافي والصحي. كانت هذه الأنشطة تعكس مستوى عاليًا من الوعي والتفاعل، فقد كانت غالبية الأسيرات من نُخبة المجتمع المتعلمة، وكن متعلمات وأمهات وعاملات، مما جعل تلك الأجواء داخل الأسر مليئة بالحيوية والإيجابية، رغم القسوة والظروف الصعبة.. فرغم كل ما مررنا به من معاناة، إلا أننا كنا نستمد قوتنا وأملنا من صبرنا على القهر، وكنا دائمًا نُذكّر أنفسنا بأن معاناتنا - رغم شدتها - لا توازي عذابات أهلنا في غزة. فقد كانوا يعانون في مواجهة حرب إبادة جماعية، من أجل قضيتنا، وكان هذا يزرع فينا الأمل ويعزز ثقتنا بأن هناك من يسعى جاهدًا لتحريرنا. هذا الوعي والتضامن كان يشعل في قلوبنا شعلة من الأمل والقوة، ويمنحنا القدرة على الصمود أمام كل الصعاب».

واستفاضت "الأسيرة المحررة": «بعد الإفراج عني، أصبحت طريقة تعاملي مع الحياة أكثر هدوءًا وانضباطًا، وربما يعود ذلك إلى القهر العميق الذي اختزنته داخل نفسي طوال فترة الأسر. ومع ذلك، أدركت أن من كل محنة يمكن أن نصنع منحة، وأنه لا بد لنا من الاستفادة من التجربة في بناء حياة أكثر قوة وثباتًا. أما بالنسبة للتحديات التي أواجهها الآن بعد تحرري، فهي كبيرة. أشعر أحيانًا وكأنني ما زلت في حلم، أنظر إلى ما حولي بتلقائية، بلا شعور كامل أو انتباه كافٍ، لأن في داخلي شرخًا كبيرًا من القهر الذي عشته. هذا القهر لا يزال يؤثر في مشاعري وتصرفاتي. سأوثق تجربتي بكل تفاصيلها، لأنني أدرك أن ما مررت به يجب أن يُسمع، وأن تُروى قصص الأسرى لتبقى في ذاكرة الأجيال القادمة، عسى أن يكون لها صدى في تغيير الواقع».
ووجهت "رولا" رسالة للمجتمع الدولي قائلة: « الأسرى الفلسطينيون ليسوا مجرمين، فالنظرة السائدة تجاهنا غالبًا ما تكون مشوهة، ويُتهم الفلسطيني بالإرهاب ويُقال إنه ارتكب أخطاء، بينما الحقيقة هي أننا نواجه احتلالًا ظالمًا يسلب منا حقنا في الحرية والحياة.. وأناشد العالم بأنه من الضروري ألا يُترك أي أسير في سجون الاحتلال، فهم يعانون الويلات بطرق مرعبة ومؤلمة؛ نحن نتحدث اليوم عن أكثر من مليون أسير فلسطيني منذ نكبة 1948 وحتى يومنا هذا، ومع ذلك، لا تزال معاناتنا مستمرة ، ففي عصر الإنترنت أصبح واقعنا مُعلنًا للجميع ، لكن هناك من يختار أن يرتدي النظارات السوداء».
واختتمت: «نأمل أن تعيش الشعوب العربية ضمن حياة كريمة، وأن تكون فلسطين هي بوصلتهم الدائمة، وأن يدعموا شعبها المكلوم بكل ما يملكون من قوة ووعي.. فالقضية الفلسطينية هي قضية كل عربي، وبالنسبة للفلسطينيين، ففلسطين هي حق أصيل لنا، ولا حق لأحد في الأرض سوانا. ونحن نثق في الوعي العربي ونُراهن على وعي هذا الجيل الشاب الذي يمتلك من المعرفة والفكر ما يمكنه من أن يكون قوة فاعلة في دعم القضية الفلسطينية، ويُسهم في إبقاء فلسطين حية في الضمير العربي والعالمي، سأوثق تجربتي بكل تفاصيلها، لأنني أدرك أن ما مررت به يجب أن يُسمع، وأن تُروى قصص الأسرى لتبقى في ذاكرة الأجيال القادمة».
اعتقال في ذكرى الطوفان
تحررّت من الأسر بجسدٍ صامد وروح تقاوم، خبّأت خلف ابتسامتها دمعةٌ تأبى السقوط، ونغزة ألم ولا زالت حتى اليوم تتجرع مرارته.. إنها الأسيرة المحررة سماح حجاوي من مدينة قلقيلية فلسطين.
روت سماح حجاوي لـ"الوفد" فصول الألم من داخل زنازين الاحتلال قائلة: «اعتقلوني من بيتي فجر يوم السابع من أكتوبر، كان هذا الاعتقال الثاني لي، وأحاطت به ظروف صعبة خصوصًا أنه كان يحمل "ذكرى الطوفان" سلبوني حريتي في هذا اليوم عشت لحظات من القهر، أُغمضوا عيني كرهًا وقيدوا يداي وقدماي بقوة. وبعد مرور فترة طويلة من المعاناة، تم تحريري في 19 يناير 2025 من خلال صفقة تبادل الأسرى، ونُسميها نحن "صفقة وفاء الأحرار"، وللمرة الثانية يُفرج عني بفضل هذه الصفقات، بعد أن تم الإفراج عني في الصفقة الأولى بتاريخ 24 نوفمبر 2023. قبل الأسر كنت أعمل بمجال تصميم الجرافيك، وكانت حياتي هادئة عكّر الاعتقال صفوها».
وكشفت: «كنت أخاف من الاعتقال ليلًا، ففي المرة الأولى اعتقلوني بالنهار، لكن عندما صرت تحت وطأة الواقع المفروض انكسر حاجز الخوف في لحظتها، وتأثرت بشدة لفكرة البعد عن أهلي وأصدقائي وبيتي وحريتي التي قيّدتها أسوار سجن الدامون. عندما خرجت بالصفقة الأولى، تركت السجن في وضع سيئ، وعندما عدت إليه مجددًا، كان الوضع أسوأ بكثير؛ قمعات متواصلة، وممارسات غير إنسانية من تفتيشات ليلية بالغرف الساعة 4 فجرًا، وطلوع بالمطر، أيام القمع كانوا يُخرّجوننا بالساحة مكبلين الأيدي للوراء ويجروننا على الأرض بعنف يضربوننا بكل قسوة ويسحلونا دون رحمة، يغمضون أعيننا بقوة ويجبروننا على الركوع على الأرض، ولم يكتفوا بذلك، بل كانوا يصوروننا ويسحبون حجاباتنا عنوة، ويرشوننا بالغاز، كانت هناك سياسة إهمال طبي متعمدة بحقنا، حيث عانيت من أزمة ربو حادة، ورغم حالتي الصعبة، تعاملوا معي بشكل قاسٍ».

وواصلت: «كانوا يسحبون ملابس الأسيرات بشكل مهين، أما عن الطعام الذي يُقدّم لنا فقد كان ضئيلًا للغاية، كانت الحصص الغذائية عبارة عن سبع ملاعق أرز لكل أسيرة، وملعقة لبنة، وربع حبة بندورة، المياه مليئة بالصدأ والكلور. وبالنسبة الملابس، فلكل أسيرة بلوزة وبنطلون فقط، بالإضافة إلى لباس موحد يُسمى "شاباص"، وكان محظور علينا ارتداء أي شيء آخر غيره. أما الغيارات الداخلية، فلم يكن هناك إلا غيار واحد فقط، في حين لم يتوفر أي نوع من المنظفات الشخصية».
وتابعت: «تم اعتقالي على خلفية انتمائي لحركة حماس، التي صنفوها كتنظيم إرهابي، وحاكموني بإجراءات إدارية ظالمة تضمنت أسوأ أنواع الأحكام. عشت أسبوعًا في السجن الانفرادي، في زنزانة ضيقة لا تتعدى مترًا بمتر " قبر مضوي" الضوء أصفر قاتل يرهق العين. وفترة الفورة الوحيدة للتهوية كانت لا تتعدى الربع ساعة.. حرّموا عليّ الصلاة، وإذا لاحظوني أصلي، كانوا يصرخون في وجهي، ويطفئون النور، ويفتحون عليّ المياه. حتى الدعاء على الأبواب ممنوع».
وأضافت: «كان المحامون متنفسنا الوحيد بعد أن حرمونا من التواصل مع عائلاتنا، فكانوا يحملون همومنا ويزوروننا للاطمئنان علينا، وينقلون أخبارنا إلى الخارج.. تلك اللحظات التي نتلقى فيها بعض الأنباء عن العالم الخارجي هي ما يجعلنا نشعر ببعض الإنسانية وسط العزلة القاتلة التي كنا نعيشها. كنا مقطوعين عن العالم بشكل تام، وعزلتنا كانت قاسية ولكننا كنا على يقين بأننا سننتصر في النهاية، وسنعود وننتزع حريتنا مجددًا من يد السجان، أما عن علاقتي بالأسيرات، فكُن عائلتي الثانية، في غياب عائلتي الحقيقية، صنعنا من محنتنا منحة، كنا نُساند بعضنا، نبني معنوياتنا، ونشجع بعضنا على الصبر والتحمل. ورغم الظروف الصعبة، حاولنا أن نتعايش في سجننا، حيث قضينا وقتنا في حفظ القرآن الكريم، كنا نتشارك الألم والذكرى، ونحكي ونتذكر عائلاتنا ومدى حبنا واشتياقنا لهم».
وأشارت: «وصلنا خبر إعلان الهدنة بين الطرفين من أسيرة جديدة، كنا متوترين وحائرين بشأن ما سيحدث يوم الأحد، هل ستكون الهدنة أم بداية تنفيذ صفقة التبادل؟ كنا 10 أسيرات في الغرفة تشابهنا في مشاعر الترقب والانتظار، دعونا الله أن يكون هذا التوقيت هو لحظة الراحة لأهلنا في غزة فهم أولى منا ومعاناتهم تفوق معاناتنا. وتم إبلاغي بقرار الإفراج عني في نفس اليوم، يوم الأحد 19 يناير، الساعة الثانية ظهرًا، عندما بدأت الأسماء تُنادى، وكنت أول من ورد اسمه في القائمة. كانت مشاعري متشابكة، بين توتر وخوف وفرح. وأفكاري مشوشة، تمنيت رؤية كل الأسيرات معي بالخارج. صحيح أنني أُجرّب شعور الحرية للمرة الثانية، لكنها هذه المرة مختلفة؛ شعرت وكأنني طير يحلّق في السماء، الناس لا ترى أجنحتي، وكيف يرونها وهم لم يروا السماء بسياج مثلما رأيتها أنا!».
واستدركت "حجاوي": «قبل أن يسلمونا للصليب عاملونا بقسوة؛ شحطونا، سحلونا، ضربونا، عذّبونا وقهرونا، وبسبب ذلك تعرّضت للإصابة بكسر في قدمي اليُسرى وكدمات في كل جسمي حتى وتر يدي لا يزال ملتهبًا.. خرجنا في هذه الصفقة على جثث الآلاف من الورود، خرجنا على شلال دم وبيوت مهدّمة وأطراف مقطعة وأحلام محطمة.. خرجنا ونحن نعرف جيدًا أن وراء كل لحظة حرية نعيشها اليوم، دفع ثمنها قرابة 65 ألف شهيد سقطوا فداء للوطن. ما كنا لنحلم بتلك اللحظة من دون تضحياتهم، ودمائهم التي سالت على أرضنا.. تركنا خلفنا أشبال الأمل وأسيرات من غزة والضفة الغربية، ومن القدس والداخل، أتذكر منهم أسماء شتات، وسوزان الأغا، وتسنيم عوده، وآية الخطيب، وشاتيلا أبو عياده، إن الذي أكرمنا بالحرية وفتح لنا باب الزنزانة، سيفتحه لكم أيضًا عاجلًا وليس آجلًا.. وأسأل الله أن يجمعني بأخي الأسير تحت سماء واحدة.. أثق بأنه سيأتي يوم "تبييض السجون" وسنراها فارغة من أسرانا».
وأكملت: «بعد التحرر، أول شيء فعلته احتضنت أهلي والناس، وتذوقت طعم القهوة التي غابت عني طويلًا. فخورة بذاتي رغم تعرضنا لشتى أنواع التعذيب والقمع والاضطهاد النفسي في مواجهة المحتل، وأثبتنا بوعينا أن المرأة الفلسطينية والزهرات في السجون هنّ خير مثال في الصبر والنضال والمقاومة.. أما عن التحديات التي أوجهها بعد خروجي من الأسر فأكبر تحدٍ أواجهه الآن هو مواجهة الحياة من جديد، والتغلب على الألم النفسي والجسدي الذي حملته معي من السجن. ورسالتي للمجتمع الدولي "ألا تنسوا الأسرى"، فالأسرى هم شرف الأمة وأملها وحلمها، وآمل أن تظل قضيتهم محفورة في الذاكرة، وأدعو الشعوب العربية، خاصة مصر، أن تستمر في دعمهم، فالأسير قضية، كانتينته قضية، سجنه قضية، عائلته قضية.. الأسرى هم أساس القضية».
وأفادت "حجاوي" بأن «صفقة التبادل كانت بمثابة الضوء الذي أضاء قضية الأسرى، وجعلها تبرز في عيون العالم، حيث لم تكن مجرد عملية إفراج عادية، بل كانت محصلة تضحيات عظيمة قدّمها الشعب الفلسطيني. نحن خرجنا في هذه الصفقة على جثث الآلاف من الورود، خرجنا على شلال دم وبيوت مهدّمة وأطراف مقطعة وأحلام محطمة.. خرجنا ونحن نعرف جيدًا أن وراء كل لحظة حرية نعيشها اليوم، دفع ثمنها قرابة65 ألف شهيد سقطوا فداء للوطن. ما كنا لنحلم بتلك اللحظة من دون تضحياتهم، فقد كُنا نخرج على أرواحهم التي ظلت ترفرف فوقنا، وبدمائهم التي سالت على أرضنا، وعلى آمالهم التي ما زالت تسكننا».
وتحدّثت "الفلسطينية الحرة" عن تحديات ما بعد الأسر قائلة: «بعد خروجي من السجن، تغيرت مفاهيمي بشكل كبير، وصقلت شخصيتي رغم أن هذه التجربة كانت الثانية، لكنها كانت أصعب بكثير من الأولى.. بفضلها أصبحت أكثر وعيًا بأشياء لم أكن أدركها سابقًا، ولكن لم يتغير تعاملي مع الحياة، ولم يؤثر الأسر على علاقتي بأسرتي وأصدقائي. صحيح أن البعد كان مؤلمًا جدًا، لكنه جعلني أعود إليهم بمشاعر حب أعمق، حتى علاقتي مع أصدقائي أصبحت أقوى بعد الأسر، وأدركت قيمة الوقت معهم أكثر من أي وقت مضى».
اختتمت "المناضلة الحرة" حديثها قائلة: «مشوارنا لم ينتهِ هنا، فالدرب أمامنا طويل ومليء بالتحديات.. إن هذه الصفقة لم تكن مجرد تبادل أسرى، بل كانت عهدًا للحرية، عهد الدم والتضحيات بيننا وبين أخواتنا في شق الوطن الذي لم يتوقفوا يومًا عن العطاء والكفاح حتى منحونا هذه اللحظة من الحرية. وإذا أردت أن أختصر كل هذه الحكايا في عنوان مختصر، فأنا أراها بمثابة "زهرات في الحرب"، وأنا واحدة من تلك الزهور التي نبتت وسط الصعاب، تنبت رغم الرياح العاتية، وتبقى شامخة رغم كل ما مررنا به».
قهر خلف القضبان
كان صراخها يقطع سكون ليالي الأسر، فقط تقول "وأمّاه" فتزحف آلامها عبر جدران السجون، وتتجدد آهاتها مع كل فجر.. إنها الأسيرة العشرينية المحررة "دنيا اشتيه" ابنة قرية سالم شرق نابلس.
كشفت دنيا اشتيه لـ"الوفد" صفحات القهر خلف القضبان ونقلت قصص الصمود والتعذيب في سجون الاحتلال قائلة: «تنفّست الحرية ضمن صفقة تبادل الأسرى بعد اعتقال دام 6 أشهر، كانت طريقة اعتقالي أقل قسوة من الطرق التي تعرضت لها باقي البنات اللاتي كن معي، كان الوضع هادئًا نسبيًا، لم أعترضهم وحاولت تجنب أي تصعيد أثناء الاعتقال. كان كل همي أن أتخلص من هذا الموقف سريعًا وأخرج من المنزل بهدوء حتى لا تتأثر أمي وأهلي وبالأخص إخوتي الصغار، اتهموني بالتحريض، ظروف الاعتقال كانت قاسية؛ انتظار طويل وجلسات تحقيق مرهقة. لم يكن هناك طعام أو شراب لوقت طويل، وكان وضع الزنزانة سيئًا حتى تم نقلي إلى السجن المركزي».

وأفصحت الأسيرة المحررة عن هويتها قائلة: «أنا طالبة جامعية في العشرين من عمري، أدرس أصول الدين في كلية الشريعة بجامعة النجاح. أتمتع بحب عميق للتعلم وأطمح دائمًا لأن أكون من المتفوقين والمتميزين في دراستي. لكن السجن أثر على حياتي الدراسية، أفقدني فصلًا دراسيًا كاملًا، من المفترض أن أكون قد اقتربت من التخرج،. ورغم ذلك، أنتوي التسجيل في الفصل الدراسي القادم، وسأبذل قصارى جهدي لتعويض ما فاتني، وأستعيد تقدمي في دراستي كما كنت دائمًا».
حكت "دنيا" تفاصيل اللحظات الأولى بعد الاعتقال قائلة: «شعرت بصدمة شديدة، كنت في حالة هناك هدوء غريب غير مفهوم، في الأيام الأولى، كل شيء معتم شعور بالوحدة صعب، وحنين للأهل والأصدقاء، كنت كنت طول الوقت تائهة وأفكاري ضائعة، مررت بفترات صعبة للغاية، من ضغوط نفسية شديدة وتدهور في حالتي الصحية، كنت عاجزة عن تجاوز ما أعيشه. لكن مع مرور الوقت، حاولت التأقلم مع الوضع، كنت أعيش يومي بحُلم صغير في قلبي: أن غدًا أفضل، وذلك الكابوس حتمًا سينتهي».
وأكملت: «عانيت أنا والأسيرات من آلام شديدة في العظام والظهر. فالحياة داخل السجن قاسية ، الأرض الباردة ، والغرف ضيقة للغاية، والنوم غير مريح، كنا 9 بنات، في الزنزانة خلقنا أجواء من الأمل وسط الحصار القاسي. لم تكن هناك أي موارد حرفيًا، ولكننا صنعنا من اللاشيء شيئًا، وأظهرنا أن الإرادة لا تحتاج إلى الكثير لتصنع النصر، كانت حياتنا تقتصر على الجلسات الفقهية والدينية والحوارات البسيطة التي تشعرنا بقيمة التواصل، وفي أوقات الفراغ كنا نحفظ القرآن، ونُسمّع على بعضنا البعض. كنا نخلق مساحة صغيرة من الإيجابية في وسط هذا الظلام، ورغم كل هذا كنت أفتقد وجودي بجانب أخواتي وأهلي في أعياد ميلادهم، تمنيت أن أعيش تلك اللحظات معهم».
وأضافت صاحبة الـ20 ربيعًا: «كان نادرًا ما يزورنا المحامي، وبالأخص في الفترة الأخيرة، في حين أنهم كانوا الواسطة الوحيدة بيني وبين أهلي، فكانوا ينقلون لي رسائلهم الطيبة، يخبرونني أنهم فخورون بي، وأنهم راضون عني وعن صمودي. كنت أعيش على دعمهم لي بالدعاء الدائم ونشر الأخبار عني. كانوا يتابعون تطورات الوضع في السجون بشكل مستمر، وأي أسيرة تخرج من السجن، كان أهلي يسألونها: "هل سمعتي عن دُنيا.. كيف حالها؟"، كانوا دائمًا حريصين على الاطمئنان عليّ وعلى بقية الأسيرات».
واستطردت الزهرة الفلسطينية الشابة: «لحظة الإفراج كانت مفاجئة بالنسبة لي، لم نكن نعلم بالغرفة أي شيء مسبق عنها، فالأخبار داخل الأسر كانت شبه معدومة، وعندما جاء اليوم الذي بدأوا فيه مناداة الأسماء لتخرج الأسيرات من الغرف، لم أتوقع أن يكون اسمي من بينهن. كانت مشاعري متضاربة بين الصدمة والفرح، وتوتر وتخبط، خليط من الأحاسيس يصعب وصفه. كنت من يواجه الغرق في بحرٍ عميق، وفي اللحظة الأخيرة، تأتي يدٌ لتنتشله من الهلاك، ومع ذلك، ما زال شعور الخوف يراودني، ذلك الخوف من العودة إلى نفس المكان وتلك المعاناة حتى بعد التحرر، أصبحت أخاف على أي أسيرة أن تعيش في تلك الزنازين التي عشنا فيها وكأنني حملت همومهن في قلبي».
شهادات صادمة عن أهوال سجون كشفتها "دنيا" قائلة: «تعرّضنا للشحط والتنكيل بكل أشكاله؛ عانينا من آلام نفسية وجسدية، الكلبشات تركت جروحًا في أيدينا وعلّمت على جلدنا، كانوا يعصبون أعيننا في كل مرة ننتقل فيها من مكان لآخر، نسير في عتمة تامة، وكأننا بعالم آخر، المعاملة بالداخل مهينة وغير آدمية؛ صراخ وتهديدات، تعسف وقسوة، كانوا يُعاملوننا كأشياء لا قيمة لها. وكأننا مجرد أرقام في آلة قمعية لا مكان فيها للكرامة، أتذكر في شهر نوفمبر الماضي تعرضنا لقمع غير إنساني، حيث أُخرجونا إلى ساحة القسم الرئيسة، وقيّدوا أيدينا وراء ظهورنا، وخفضوا رؤوسنا لأقصى درجة، غمّضوا أعيننا وكتموا أنفاسنا، أجبرونا على الجلوس على رُكبنا في وضعية شديدة الإذلال، وتعرضنا لرش غاز خانق ومسيل للدموع، كان هناك شحط لبنتين، وتهديدات وصراخ متواصل، حتى في يوم التبادل لم نسلم منهم، عانينا من الشحط والتنكيل، من جرّنا بضراوة وضربنا بلا رحمة، وإجبارنا على الركوع على أرض قذرة مليئة بالحجارة. كان الموقف صعبًا جدًا أصعب حتى من أن يُوصف، ولكن بفضل الله ورحمته تخطيناه».
وواصلت: «أكثر اللحظات قسوة كانت تلك التي يذكر فيها اسم أمي، فأمي بالنسبة لي خط أحمر لا يمكن تجاوزه، دائما ما أسترجع ذكرياتي معها وأردد الأناشيد، ومجرد ذكرها في حديث غير لائق كفيل بأن يثير في قلبي سيلًا من المشاعر لا أستطيع السيطرة عليه، ومنذ يوم تحرري ضمن الصفقة، وأنا لم أخرج من البيت، فكنت بحاجة إلى استعادة تلك الأحاسيس التي كنت أفتقدها، شعور الأمان في بيئة تحتضنني بكل حب وحنان، بيت دافئ يملأه الطمأنينة، لا يمكن مقارنته بالسجن الذي كنت فيه».

واختتمت: «لقد علمتني تجربة الأسر الكثير؛ علّمتني كيف أتمالك أعصابي وأحافظ على هدوئي في أصعب الأوقات. جعلتني أكثر وعيًا بكيفية إدارة أفكاري، وأعطتني القدرة على النظر للأمور من زاوية أكثر إيجابية. أصبحت أقل اهتمامًا بالأمور التافهة التي كنت أُغضب منها في الماضي، ووجدت أن هناك ما هو أهم بكثير يجب أفكر فيه.. حاولت أن أكتب مذكراتي داخل السجن لأوثق كل ما مررت به، لكن غياب الأقلام والأوراق حال دون ذلك، فانحصرت الكلمات في أعماق صدري بلا وسيلة للتعبير عنها».
عذاب
"كانت تفاصيل أسرِها نكبة أصابت قلبها وكبوة احتلت روحها ووجعًا عشش في وجدانها، كلما تناستها طاردتها كظلها، وكأنها تذكرة بُجرحٍ الذي لا يشفى".. تلك هي المنشدة الفلسطينية "حنين المساعيد".
وفي أول حوار لها بعد تحريرها ضمن صفقة التبادل الأخيرة، كشفت الشابة الثلاثينية حنين المساعيد لـ"الوفد" عن معاناة لا تُنسى خلف القضبان قائلة: «يمكنني وصف السجن بأنه كان معركة نفسية ومعنوية قاسية، ففترة اعتقالي التي امتدت لتسعة أشهر كانت بمثابة عذاب لا يُطاق، ألم جسدي، وصراع داخلي وضغط نفسي، كانت الحياة في غرفة العزل بمثابة سجن مضاعف، كنا لا نخرج إلا ساعة واحدة في اليوم، والطعام كان بالكاد يكفي».

وأضافت: «كان هذا الاعتقال الثاني لي، حيث اعتقلتني قوات الاحتلال بالقسوة من منزلي بمخيم عايدة في بيت لحم، فرّقوني عن أهلي حتى داخل السجن كان التواصل معهم أمرًا مستحيلًا. لم أشعر باليأس في الأسر ولو للحظة فرغم كل المعاناة كنت أؤمن بأن الله معنا، يساندنا ويقوينا في كل دقيقة من تلك التجربة القاسية. كنا نحن الأسيرات نُصبّر بعضنا بعضًا على فصول الألم، ونُذكّر بعضنا أنها فترة وستنقضي».
وأكملت الأسيرة المحررة: «كانت فترة اعتقالي فكانت واحدة من أصعب الفترات التي مررت بها، ليس فقط على مستوى المعاناة الفردية، بل على مستوى معاناة جميع الأسيرات. ورغم قسوة الظروف، كانت كل واحدة مننا تحاول أن تجد مخرجًا ولو لحظيًا من هذا العذاب، كنا ننشد بعض الأناشيد التي تبعث فينا الأمل. ورغم أننا كنا نعيش تحت أقسى الظروف، إلا أننا كنا نرفع أكفنا إلى الله بالدعاء، نتمنى الخلاص والفرج، وكان التقرب إلى الله في تلك اللحظات هو القوة الوحيدة التي تساعدنا على تحمل كل شيء».

أنهت "حنين" حديثها قائلة: «بعد الأسر، كان احتضان أهلي لي ودعمهم المتواصل أكبر دليل على أن التضحية والنضال كان لهما قيمة عظيمة لديهم. كانوا فخورين بي أكثر مما توقعت، وكان ذلك بالنسبة لي أعظم انتصار. أؤمن بأن الحرية لن تكون مقتصرة على الأسرى فقط، بل ستكون قريبًا لكل الوطن، لكل مدينة وقرية، وسنرى حريتنا قريبًا - بإذن الله - لأن إرادتنا أقوى من كل قيود».