إطلالة
استكمالاً للحديث السابق عن تدني الدراما في الفترات الأخيرة وتأثيرها بشكل سلبي على الأطفال والمراهقين والشباب، بالإضافة إلي الكبار الذين يتأثرون سواء من الجانب النفسي بسبب مشاهد العنف أو تغير الأخلاقيات لدي بعض فئات المجتمع أو تقليد بعض الألفاظ والمصطلحات الغريبة علينا. فقد شهدت الدراما تحولًا كبيرًا، بعد أن تجاوز تأثيرها من مجرد التسلية والترفيه ليصل إلى تغيير مفاهيم المجتمع وأسلوب الحياة. نتلقي كل ذلك من خلال مضمون وشكل بعض الأعمال الدرامية، التي تظهر مشاهد عنف وفساد، وتدهور في القيم الأخلاقية.
كلنا يعلم أن الأطفال والمراهقين هم المستقبل للبلاد وبنائهم عبارة عن بناء للمجتمع والعكس صحيح. مما دفعني أن أستكمل دراسات عليا بكلية الإعلام وثقافة الأطفال ، حتي أتمكن من تقديم رسالة للوصول إلي بعض الحلول في هذا الأمر وكيفية معالجة أي محتوى إعلامي يكون له تأثير سلبي على الأطفال والمراهقين.
مما لا شك فيه أننا مجتمع نتأثر بالدراما بشكل كبير بداية من الأطفال وصولاً إلي أكبر شخص بالعائلة، فهناك العديد من الأنماط الإجتماعية التي تبرزها الدراما فتزيد من إفراز عدد أكبر يكتسبون هذه الأنماط ما يجعل دائرة السلوكيات السلبية تتسع بشكل أكبر من ذي قبل. فتعتبر الدراما جزءًا أساسيًا من الثقافة الاجتماعية في أي مجتمع، حيث تشكل مرآة تعكس القيم والعادات والتقاليد، وتساهم في تشكيل الوعي الجماعي للأفراد.
في السنوات الأخيرة، بدأت بعض الأعمال الدرامية تتبنى أنماطًا سلوكية بعيدة عن القيم الاجتماعية الراسخة، حيث تم التركيز على الشخصية المتمردة أو العنيفة، والتي تسعى إلى تحقيق النجاح والثراء عبر طرق غير شرعية أو عبر التمرد والفوضى. ومن أبرز الأمثلة على هذه الأعمال هي المسلسلات التي قدمها الفنان محمد رمضان، مثل "الأسطورة"، "نسر الصعيد"، و"البرنس". قد تكون هذه الأعمال قد حققت جماهيرية واسعة، لكن كانت هناك انتقادات كبيرة تتعلق بتأثير هذه الأعمال على المجتمع، خاصة في تأثيرها على الأجيال الشابة. ففي مسلسل "الأسطورة" على سبيل المثال، ظهر بطل القصة شخصية عدوانية ومتمردة على القوانين، وهذا النوع من الشخصيات قد يخلق انطباعًا لدى المشاهدين بأن النجاح يمكن أن يتحقق عبر العنف والظلم. ونتيجة هذا النوع من الدراما، بدأ يتسلل إلى المجتمع مفهوم أن القوة الجسدية والقدرة على التلاعب بالأحداث والشخصيات هو السبيل الوحيد للنجاح.
ولذلك يجب أن نعيد التفكير في توجهات الأعمال الدرامية، مع التركيز على طرح قضايا اجتماعية تهم المجتمع بطريقة إيجابية.وبذلك نستطيع أن نجعل الدراما أداة قوية للتوعية بالقيم الإنسانية مثل التعاون، والعدالة، والتسامح، والعمل الجاد. كما يجب التركيز على نماذج درامية تعزز من أهمية العمل الجماعي وتحقيق الأهداف عبر الطرق المشروعة، الأمر الذي سيؤدي إلى رفع مستوى الوعي الاجتماعي ويحسن من الأنماط السلوكية للمجتمع بشكل عام.
وللحديث بقية