رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

خالد الجندي: "ويل المطففين" تحذير إلهي في كل المعاملات وليس البيع والشراء فقط

الشيخ خالد الجندي
الشيخ خالد الجندي

أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن سورة "ويل للمطففين" ليست فقط تحذيرًا من التلاعب في البيع والشراء، وإنما تشمل كل صور الكيل بمكيالين في الحياة.  

وقال عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الأحد: "التطفيف لا يقتصر فقط على الميزان في الأسواق، لكنه يشمل أي شخص يحرص على أخذ حقه كاملًا لكنه لا يعطي الآخرين حقوقهم بنفس القدر، فمثلًا، إذا رفضت الغش في الامتحانات ولكنك تسمح لابنك بالغش، فهذا تطفيف، إذا غضبت عندما يسيء إليك شخص، لكنك لا تتقبل الاعتذار عندما تخطئ، فهذا تطفيف أيضاً".  

وأشار إلى أن التطفيف كان يُستخدم قديمًا في قياس الحبوب مثل القمح والشعير، حيث كان بعض البائعين يقللون من وزن ما يعطونه للناس، لكنهم عندما يشترون يطالبون بالوزن الكامل، مشددًا على أن هذه الزيادة الطفيفة قد تكون سببًا في دخول النار، فكيف بمن يأكل أموال الناس بالباطل؟  

وأشار الجندي، إلى قول الله تعالى:  «أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ۝ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ» (المطففين: 4-6)، مؤكدًا أن هذه الآيات تدعو الجميع إلى العدل في جميع التعاملات والخوف من الحساب يوم القيامة.

اقرأ المزيد..

 

وسورة المطففين تُعد تحذيراً شديداً لهؤلاء الأشخاص، حيث تبدأ بكلمة "ويل" التي تدل على عذاب شديد وعقاب أليم في الآخرة. تصف السورة حال المطففين بدقة: فهم يحرصون على استيفاء حقهم كاملاً عندما يكتالون من الناس، لكنهم ينقصون عندما يكيلون أو يزنون للآخرين. هذا التناقض في السلوك يبرز نفاقهم وقلة أمانتهم. ثم تتساءل السورة: "أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ"، لتذكرهم بالحساب يوم القيامة حيث سيواجهون جزاء أفعالهم.

والتطفيف ليس مجرد خطيئة فردية، بل له تبعات خطيرة على المجتمع بأسره. عندما ينتشر الغش في التجارة، يفقد الناس الثقة في بعضهم البعض، مما يؤدي إلى تفكك العلاقات الاجتماعية وانتشار الفوضى الاقتصادية. المتضرر الأكبر من هذا السلوك غالباً هو الفقراء والمحتاجون الذين لا يملكون القدرة على مواجهة الغش أو تعويض ما يُنقص منهم. كما أن التطفيف يشجع على ثقافة "الغاية تبرر الوسيلة"، مما يهدد القيم الأخلاقية التي تقوم عليها المجتمعات.

والإسلام وضع قواعد صارمة للتعاملات التجارية لضمان العدالة والشفافية. فقد أمر الله المؤمنين بإيفاء الكيل والميزان بالقسط، كما في قوله تعالى في سورة الرحمن: "وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ". كما روي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه مر على رجل يبيع طعاماً فوجده يغش في الكيل، فقال له: "من غشنا فليس منا"، مما يدل على أن الغش، بما فيه التطفيف، يخرج صاحبه من دائرة الأخلاق الإسلامية.

وفي العصر الحديث، قد لا يقتصر التطفيف على الميزان أو الكيل التقليدي، بل امتد ليشمل أشكالاً جديدة مثل التلاعب بجودة المنتجات، بيع سلع مغشوشة، أو تقديم خدمات دون المستوى المتفق عليه. على سبيل المثال، قد يقوم بعض التجار بخلط مواد رديئة بأخرى جيدة، أو ينقصون في كمية المنتج دون علم المشتري، وكل ذلك يندرج تحت مفهوم التطفيف.

وللقضاء على ظاهرة التطفيف، يجب البدء من تربية الفرد على الأمانة والخوف من الله، مع تعزيز الوعي الديني والأخلاقي بأهمية العدل في التعاملات. كما أن الدولة تلعب دوراً مهماً من خلال فرض قوانين صارمة لمعاقبة المطففين، وتفعيل أجهزة الرقابة على الأسواق لضمان الشفافية وحماية حقوق المستهلكين.