رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

علي جمعة: غزوة بدر دستور إلهي في التربية والنصر

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

في ذكرى غزوة بدر الكبرى، يبرز لنا الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، معاني عظيمة ودروسًا راسخة في الإعداد والتربية، سواء على مستوى الفرد أو الجماعة، مستندًا إلى ما ورد في سورة آل عمران من آيات بينات رسمت لنا خارطة طريق للنصر والتمكين.

بدر.. الامتثال للدستور الإلهي

 

يؤكد الدكتور علي جمعة أن معركة بدر لم تكن مجرد مواجهة عسكرية بين المسلمين والمشركين، بل كانت تطبيقًا عمليًا لدستور إلهي، حيث أمر الله رسوله ﷺ بتثبيت المؤمنين وإعدادهم للقتال، رغم قلة عددهم وضعف إمكانياتهم مقارنة بجيش قريش. لكن الله أمدّهم بملائكة مسوّمين، فكان النصر حليفهم رغم الظروف الصعبة.

قال تعالى:"وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124)" [آل عمران: 123-124].

بهذا، فإن معركة بدر كانت امتحانًا للإيمان، ورسالة بأن النصر لا يكون بكثرة العدد والعدة، بل بتحقيق التقوى والثبات والالتزام بأوامر الله.

التربية الإلهية في بدر

يشير  جمعة إلى أن غزوة بدر لم تقتصر على تحقيق النصر العسكري فقط، بل كانت مدرسة في التربية الروحية والإيمانية. فمن شهدها كان له مكانة خاصة عند الله، حيث قال رسول الله ﷺ عن أهل بدر:
"اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ فقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ"، وهو دليل على المكانة العظيمة لمن ثبتوا في هذا الموقف التاريخي.

ومن شواهد ذلك، موقف الصحابي حاطب بن أبي بلتعة، الذي أرسل رسالة إلى قريش يُعلمهم بخطة النبي ﷺ، لكنه لم يكن خائنًا، بل كان ضعيفًا خشي على أهله وماله في مكة. فرغم ذلك، لم يُعاقب رسول الله ﷺ حاطبًا، بل عفا عنه لكونه من أهل بدر، قائلًا: "إنَّه قدْ شَهِدَ بَدْرًا، وما يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ علَى مَن شَهِدَ بَدْرًا، فَقالَ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ فقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ".

كيف نحقق النصر اليوم؟

 

ينتقل جمعة إلى رسالة عملية مستمدة من بدر، متسائلًا: كيف ننصر الله اليوم؟ الجواب يكمن في تطبيق تعاليم القرآن والالتزام بأوامر الله في حياتنا اليومية.

يقول الله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)" [آل عمران: 130-133].

إذًا، النصر ليس مجرد مواجهة الأعداء، بل يبدأ من الفرد ذاته، بالتوبة والاستقامة والإحسان إلى الآخرين، وبالتحرر من الظلم والفساد والسخط، وفتح صفحة جديدة مع الله.

رسالة بدر لكل مسلم

 

يختم الدكتور علي جمعة بتذكير المسلمين أن معركة بدر ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل درس متجدد يعلمنا أن التمكين الحقيقي يأتي حين نصلح أنفسنا ونلتزم بمنهج الله، مستشهدًا بقوله تعالى:
"وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [آل عمران: 139].

فليكن هذا الشهر الكريم فرصة لإعادة النظر في علاقتنا بالله، والسير على خطى النبي ﷺ وأصحابه في الثبات على الحق واليقين بوعد الله.