رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

اختلفت الألسن.. فحفظ الله كتابه

القرآن.. من الجريد إلى طباعة المصحف الفريد

بوابة الوفد الإلكترونية

بعث الله نبيه محمدًا إلى أمة غلبت عليها الأمية، لا تكاد تعرف الخط ولا الكتابة إلا فى أيدى قلة نادرة من أهل الجزيرة العربية، وهكذا وصفت العرب بالأمية حتى جاء الإسلام ليرفع عنها الجهل، فقال تعالى فى كتابه العزيز: «هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ»، «الجمعة: 2».

ومن أمية العرب إلى نزول القرآن الكريم، انطلقت رحلة المصحف الشريف عبر العصور، من التدوين على جريد النخل وسعف الأشجار إلى أبهى المخطوطات المزخرفة، حتى بلغت آفاق الطباعة الحديثة، لينتشر المصحف بمختلف اللغات فى جميع أنحاء العالم.

جمع القرآن فى عهد النبى

يقول الشيخ عبدالرحمن القاضى، شيخ معاهد القراءات بالأزهر الشريف، فى كتابه تاريخ المصحف الشريف: «كان القرآن ينزل على سيدنا محمد، فيحفظه ويبلغه للناس، ثم يأمر كُتّاب الوحى بتدوينه، موجهًا إياهم إلى موضع كل آية وسورتها، فيقول: ضعوا هذه السورة بجوار تلك، وهذه الآية فى الموضع الذى يذكر فيه كذا وكذا...». وكانوا يكتبونه على العسب (جريد النخل)، أو ما تيسر من أدوات الكتابة آنذاك، مثل اللِّخاف (الحجارة الرقيقة)، الرِّقاع (قطع الجلد أو الورق)، الأكتاف (عظام الإبل)، وذلك لصعوبة توفر الورق.

الجمع الأول فى عهد الصديق

بعد وفاة النبى، تولى أبوبكر الصديق رضى الله عنه خلافة المسلمين، وواجه فتنة الردة وما تبعها من معارك، كان أشدها موقعة اليمامة، حيث استُشهد عدد كبير من الصحابة، بينهم أكثر من سبعين من قرّاء القرآن.

فخشى عمر بن الخطاب رضى الله عنه ضياع القرآن مع استشهاد حفظته، فاقترح على أبى بكر الصديق جمعه فى مصحف واحد، فى البداية، تردد أبوبكر، لكنه ما لبث أن انشرح صدره، فكان أول من أمر بجمع القرآن بين اللوحين، ليحفظه المسلمون كاملًا.

الجمع الثانى فى عهد ذى النورين 

كان الجمع الأول للقرآن تدقيقًا وتوثيقًا، لكن مع اتساع الفتوحات الإسلامية، انتشر الصحابة فى البلدان يعلمون الناس القرآن، كلٌّ بقراءته التى تلقاها عن النبى، فكان أهل الشام يقرأون بقراءة، وأهل العراق بقراءة غيرها، فحدث اختلاف شديد بينهم حتى كفَّر بعضهم بعضًا.

فقرر عثمان رضى الله عنه جمع المسلمين على مصحف واحد بلغة قريش، وأرسل منه نُسَخًا إلى الأمصار، موحِّدًا الأمة على قراءة واحدة، ليكون هذا الجمع الثانى للقرآن بعد جمع أبى بكر الصديق.

التشكيل والتنقيط

وعندما أُرسلت المصاحف إلى أنحاء العالم، كانت خالية من النقط والتشكيل كما هو الحال فى العهد النبوى، لكن بعد اختلاط العرب بالأعاجم عقب الفتوحات، انتشر اللحن وصعوبة القراءة، ما دفع إلى وضع ضوابط للحفاظ على سلامة القرآن.

يذكر الشيخ عبدالرحمن القاضى فى كتابه أن أبوالأسود الدؤلى، بأمر من أمير المؤمنين، وضع حركات الفتح والضم والكسر بلون مغاير للون كتابة المصحف، أما نقط الحروف فكان من إبداع نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر، حيث ابتكرا نظام النقاط على الحروف بنفس لون الكتابة، ما ساهم فى حفظ القرآن من أخطاء التلاوة.

تطور طباعة المصحف

بدأت طباعة المصحف فى أواخر القرن الثامن عشر، حيث طُبع لأول مرة فى سانت بطرسبرغ، ثم فى إيران وتركيا ومصر، ومع تطور الطباعة، حرص الخطاطون على الحفاظ على جمال الخطوط العربية، خاصة الخط العثمانى.

أما الزخرفة، فقد ازدهرت منذ العصور الإسلامية الأولى بزخارف هندسية ونباتية مذهّبة، خاصة فى الفواصل وأوائل الآيات، ومع تقدم الطباعة، استُخدمت أحبار فاخرة، مع استمرار الزخرفة اليدوية فى المصاحف الفاخرة، تأكيدًا على تقدير المسلمين لجماليات المصحف وتوقيرهم لكلام الله.

مجمع الملك فهد للطباعة

مع تزايد الحاجة إلى المصحف الشريف وترجمة معانيه إلى مختلف اللغات، أنشأت المملكة العربية السعودية مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة عام 1982م، ليصبح مركزًا رئيسيًا لطباعة المصحف بمختلف الروايات وتوزيعه عالميًا، خدمةً للمسلمين فى جميع أنحاء العالم.