رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

الإفتاء: سرقة الكهرباء والغاز جريمة شرعية وقانونية تهدد المال العام

 سرقة تيار كهربائي
سرقة تيار كهربائي

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتغيرة وارتفاع تكاليف المعيشة، يسعى البعض للتحايل على أنظمة الدفع وسرقة الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والغاز الطبيعي، دون إدراك أن هذا الفعل ليس فقط مخالفة قانونية، بل يعد أيضًا جريمة شرعية تمثل تعديًا على المال العام.

الإفتاء تحسم الجدل: السرقة حرام وخيانة للأمانة

أوضحت دار الإفتاء المصرية، في فتوى رسمية، أن سرقة الكهرباء والغاز الطبيعي محرمة شرعًا، نظرًا لما تحمله من اعتداء على المال العام وخرق للقوانين المنظمة لاستخدام هذه الخدمات. وأكدت أن هذه الأفعال تندرج تحت بند "خيانة الأمانة"، إذ يحصل الأفراد على خدمات دون دفع مقابلها، مما يؤدي إلى الإضرار بالمصلحة العامة، وهو ما يتنافى مع القيم الإسلامية التي تحث على احترام المال العام والحفاظ عليه.

استندت الدار في فتواها إلى عدد من الأدلة الشرعية، أبرزها قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: 29]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: 161]، وهو وعيد شديد لمن يعتدي على الأموال العامة أو يستولي عليها بغير حق.

كما أوردت الدار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ"، مما يدل على حرمة الاعتداء على أموال الغير، سواء كانت ملكًا خاصًا أو عامًا.

البعد القانوني: عقوبات مشددة لسرقة الخدمات

لا يقتصر تجريم سرقة الكهرباء والغاز الطبيعي على الجانب الشرعي فقط، بل تمتد يد القانون لمواجهة هذه الظاهرة. وفقًا للقانون المصري، تُصنف سرقة الكهرباء ضمن الجرائم الجنائية، حيث يعاقب مرتكبها بالغرامة المالية، وقد تصل العقوبة إلى الحبس في بعض الحالات.

حدد القانون عدة صور لسرقة الكهرباء والغاز، منها:

  • تركيب وصلات غير قانونية للحصول على الكهرباء أو الغاز دون دفع رسوم.
  • التلاعب بعدادات الاستهلاك لتقليل القيم المسجلة.
  • إتلاف عدادات الشركة المزودة للخدمة بهدف التهرب من الدفع.

وتعمل الجهات المختصة على تكثيف حملات التفتيش لضبط المخالفين، حيث يتم تحرير محاضر قانونية واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم استمرار هذه الظاهرة.

المال العام مسؤولية الجميع

يُعتبر المال العام ملكًا للمجتمع بأسره، وليس للدولة وحدها، مما يعني أن الاعتداء عليه يضر بمصلحة الجميع. وقد شددت دار الإفتاء على أن هذه الأموال تُسمى في الشريعة "مال الله"، أي أنها حق مشترك، وبالتالي فإن أي استغلال غير مشروع لها يعد تجاوزًا على حقوق المواطنين الآخرين.

ومن هنا، فإن الالتزام بدفع الفواتير المستحقة لا يقتصر فقط على كونه واجبًا قانونيًا، بل هو واجب ديني وأخلاقي يعكس نزاهة الأفراد واحترامهم للأنظمة والقوانين.

حملات توعية لمواجهة الظاهرة

في ظل تزايد محاولات التحايل على أنظمة الكهرباء والغاز، أطلقت الجهات الحكومية بالتعاون مع مؤسسات دينية حملات توعوية للتحذير من مخاطر سرقة الخدمات، سواء من الناحية الدينية أو القانونية.

وأكدت الجهات المختصة أن دفع قيمة الاستهلاك الحقيقي يساهم في تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات، مما يعود بالنفع على الجميع. كما دعت المواطنين إلى الإبلاغ عن أي محاولات سرقة أو تلاعب بعدادات الكهرباء أو الغاز، للحفاظ على المال العام ومنع التجاوزات التي تؤثر سلبًا على المجتمع ككل.

الخلاصة: التزام أخلاقي وقانوني

تعد سرقة الكهرباء والغاز الطبيعي واحدة من الجرائم التي تحمل أبعادًا شرعية وقانونية خطيرة، إذ تتسبب في أضرار اقتصادية وتؤثر على كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين. 

ومع تأكيد دار الإفتاء المصرية على حرمة هذا الفعل، وتفعيل القوانين الرادعة، يبقى الدور الأهم على وعي الأفراد بضرورة احترام المال العام وعدم الاستيلاء عليه بطرق غير مشروعة.

فالالتزام بسداد الفواتير ليس مجرد التزام قانوني، بل هو التزام ديني وأخلاقي يعكس أمانة الفرد في التعامل مع حقوق الدولة والمجتمع، ويضمن استمرار الخدمات بشكل عادل ومتوازن للجميع.