رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

الفلسطينيون: مصر الحصن والأمل.. ولا مكان للأمريكان

غزة تصرخ.. "الوفد" ترصد نبض الشارع الغزاوي

غزة تصرخ والرئيس
غزة تصرخ والرئيس السيسي يستجيب

في غزة، حيث تتوارث الأجيال ذاكرة النزوح، وتصبح الأرض هوية لا تحتمل الفقد، يتردد اليوم سؤال يثقل القلوب: هل سنُقتلع مرة أخرى؟ بين الأنقاض التي لم تلتئم بعد، وبين شوارع تعجّ بالخوف والترقب، لا حديث يعلو فوق هاجس التهجير، ولا ملجأ للأنظار سوى مصر، بوابة النجاة الأخيرة.

وعلى أوتار المخاوف تتوالى التصريحات حول مصير غزة، فالفلسطينيون في القطاع يعيشون على حافة المجهول، محاصرين بين نار الاحتلال ونداءات التهجير التي تتردد في الأفق. 

لم يعد السؤال: هل هناك مخطط لترحيل السكان؟ بل متى وأين ستكون المحطة التالية؟ في وجه هذه المخاوف، تتجه كل الأنظار إلى "مصر" سدّها الأخير أمام أي محاولة لاقتلاع أهلها من أرضهم.

في هذا الملف، ننقل نبض الشارع الغزاوي، حيث الترقب والرجاء يمتزجان بالخوف، وآمال معقودة بموقف مصري قد يحدد مصير شعب بأكمله وكأنها آخر خطوط الدفاع عن الأرض والوجود، لكسرالطوق، وإعادة إعمار ما هُدم، وإنقاذ غزة من أن تتحول إلى جرح بلا وطن.

غزة تصرخ.. والرئيس السيسي يستجيب
غزة تصرخ.. والرئيس السيسي يستجيب

 

كل العيون على مصر.. تحالف المصير في مواجهة التهجير

قمر عبدالرحمن: جنون الرئيس الامريكى لن ينتهى إلا بوحدة العرب
قمر عبدالرحمن

قمر عبدالرحمن: جنون ترامب لن ينتهى إلا بوحدة الـ"لا"

"منذ متى كان التمسك بالأرض جريمة يُعاقب عليها إلا هنا في فلسطين!".. بهذه الكلمات بدأت الكاتبة والإعلامية الفلسطينية قمر عبدالرحمن حديثها لـ"الوفد" تعقيبًا على التصريحات الأمريكية الأخيرة بحق شعبها قائلة: «ما يحدث في غزة أعاد الناس لأكثر من نكبة، أخشى أن يصر العجوز المجنون على موقفه، أو أن يجبر الدول العربية على تنفيذ قراره الطائش، من خلال التهديد الاقتصادي والتجاري، أخشى أن نبدأ من الصفر بعد ما اجتزناه، ومن ثم فإن فكرة إثبات الحق وهو حق، أمرٌ يبعث على الألم الشديد، منذ متى الدفاع عن الأرض يستحق كل هذا العقاب والقسوة؟ أتمنى أن تتحد الدول العربية في وجه هذا الباطل المهول، أما آن الأوان؟!».

 

وتابعت: «الموافقة على فكرة التهجير تعني نكبة أخرى، ومعاناة ممتدة لا أحد سيعرف أن يلملمها من جديد، لأن فكرة التهجير يطبقها العدو هنا وهناك بشكل جزئي ومؤقت كما حدث في غزة، وكما يحدث في جنين، فإذا كان التهجير بصورة مصغرة مربك وكارثي، فكيف سيكون حالنا إن طبق التهجير بالصورة الموسعة التي يتحدث عنها ذلك المجنون؟..أتمنى أن تتحد الدول العربية لإحقاق الحق والتخلص من هذا العذاب، لو اعتمدوا وحدة القرار، ترامب سيضطر أن يفكر في حل آخر يتوافق مع شروط المقاومة وموقف العرب، وليس العكس بالانصياع لقراره الأهوج غير المسؤول.. التهجير مرفوض قطعًا، نحن نقترب من التحرير، لا يمكننا أن نرجع إلى الوراء ثمانون عامًا بعد كل ما حدث، وبعد التضحيات الهائلة التي قدمها قطاع غزة، بدل تفريغ هذه الأرض من أبنائها وتهجيرهم، يمكن لترامب اقتطاع قطعة أرض من أي بقعة في العالم، ومنحها للإسرائيليين، إن كان صادقًا في سعيه نحو استقرار المنطقة». 

وأكدت الشابة الفلسطينية: «التهجير قرار جائر بحق الشعب الفلسطيني، فمنذ السايع من اكتوبر، رحل آلالاف من الإسرائيليين لخارج البلاد بسبب الذعر والخوف، لماذا نحن الآن نسمح بتهجيرنا مرة أخرى؟ هذه المسألة تعني إعادة فكرة الأمان لمن رحلوا من الإسرائيليين وإعادة جذبهم للمنطقة، وهذا عكس ما نريد، أنا كغيري من أبناء شعبي سمعت حكايات عديدة عن قسوة التهجير ومآسي النزوح من أجدادي وجداتي، لكني رجعت ورأيت ذلك مترجمًا على أرض غزة، كنا نسأل أجدادنا دائمًا لماذا لم تتمسكوا بأرضكم؟ لماذا قبلتم بالتهجير حينها؟ وكان الجواب دائمًا تنهيدة طويلة، يتبعها القول المشهور: قالولنا يومين وبنرجع.. واليومين صاروا ثمانين سنة! أتمني أن لا نُجبر على ترك بلادنا، أجدادنا أصبحوا جميعهم تحت التراب ولم يحظوا ببرهة عودة للبلاد، ونحن أخذنا عنهم الرسالة والمفاتيح». 

وأضافت: «مستقبل غزة ضبابي، أنا أحاول توقع الأفضل دائمًا مهما كان الأمر سيئًا، لكنني أشعر بارتباك من حولي من العائلة وتخوف الناس من الخبر مبدئيًا، وانقسمت الآراء لقسمين: أحدهما قال "ما بنطلع من هون لو أبادونا" والقسم الآخر المنهك من الحرب والمتعب من كونه أصبح كرة في ملعب للصفقات التجارية العالمية، والذي يعتبر نفسه ضحية الانقسام وضحية مؤامرات عالمية فضّل الهجرة وعيش ما تبقى من الحياة خارج البلاد التي تربى على عشقها، لكنه لم ير يومًا سالمًا فيها، لطالما انتظرنا الجهود العربية الموحدة، وباء الانتظار بويلات عديدة، يمكنني القول إن هناك جهود فلسطينية مقاومة وثائرة بشكل كافٍ؛ لتغيير هذا السيناريو!».

واختتمت "قمر": «نثق في مصر وأنها ستنجح في إفشال مخطط التهجير، هي قادرة على ذلك، ورهاننا عليها للتصدي لتلك المؤامرة، الجميع يعلم أن العدو المفترس يغرز أنيابه في رقبة كل عربي يحاول نجدة أخيه الفلسطيني المجروح، فكون أن يقول رئيس دولةٍ عربية "لا" لـ"ترامب"، هذا بحد ذاته موقف قويً.. للأسف بعد حرب الإبادة، الخيارات محدودة بالتأكيد، لكن من سيقرر أن يخرج، يجب أن يعلم أن رجوعه صعبٌ جدًّا ومستحيل، وطرح هذه الفكرة بالتحديد مرعبٌ أيضًا، فالفلسطيني وخاصة الغزي يهرب من موت إلى موت، يضعونه بين طلقة نارٍ وفوهة مدفعية، ثم يقولون له: قرر! هذا الجنون لن ينتهي إلا إذا واجهنا هذا الطغيان بوحدة الـ"لا".. رسالتي للعالم "غزة خلال عامٍ واحد قلبت موازين العالم، أقول لا تتحدوها أكثر"، هذا الشعب العظيم خسر كل شيء لأجل الوطن؛ البيوت والذكريات، الأبناء والأمهات والأمنيات، ولا يتذكر الآن إلا التضحيات فلا تراهنوا على صبر شعبٍ، لم يعد يملك شيئًا يخسره».

الحصن الأخير

صافيناز اللوح: مصر حصن الفلسطينيين الأخير ضد مخططات التهجير
صافيناز اللوح

صافيناز اللوح: مصر حصن الفلسطينيين الأخير ضد مخططات التهجير

أما الصحفية الفلسطينية صافيناز اللوح فقد تطرقت في حديثنا معها إلى تصريحات ملك الأردن بشأن موقفه من قضية التهجير قائلة: «إنها مُبهمة وغير واضحة، وما زال لقائه مع الرئيس الأمريكي ترامب يلقي بظلاله على قلب الشعب الفلسطيني، في وقت يواجه فيه مخاطر كبيرة تهدد وجوده. لكن في المقابل، كانت مصر بموقفها الثابت والواضح هي التي سدت هذه الفجوات وملأت الفراغات التي خلفتها تلك التصريحات، مؤكدة على موقفها القوي في رفض أية محاولات تهدف إلى تهجير أهل غزة أو التلاعب بمستقبلهم، فلم تترك مجالًا للشك في التزامها بقضيتنا العادلة، وأثبتت أنها الحصن الأخير للشعب الفلسطيني في مواجهة المخططات التي تسعى لاقتلاعه من أرضه».

وأضافت: «الشعب الفلسطيني يواجه الاحتلال بأدنى الإمكانيات على مدار قرابة ثمانية عقود، وصمد لأكثر من عام وأربعة أشهر تحت وابل من القصف المتواصل، إذ لم تراعِ الطائرات الإسرائيلية حدودًا في حملاتها الوحشية، التي أسفرت عن سقوط أكثر من 70 ألف شهيد ومفقود، وإصابة ما يزيد على 110 آلاف جريح، فضلًا عن الآف المعتقلين في سجون الاحتلال الذين يواجهون صنوفًا من التعذيب والتنكيل. في وقت كان فيه البعض يتنصل من مسؤولياته، لم تخذلنا مصر التي أظهرت موقفًا مشرفًا، وأكدت وقوفها إلى جانبنا ولم تخيب آمالنا كما فعل غيرها. ونثمن دعوتها لعقد قمة لمنظمة التعاون العربي والإسلامي لوقف تهجير أهل غزة، ومساعيها لتشكيل لجنة استشارية من نقابة المهندسين لإعمار القطاع ليست بجديدة عليها، فمصر دائمًا ما تؤكد على وجوب إقامة الدولة الفلسطينية ورفض تهجير الشعب الفلسطيني وطلبت أن يكون قطاع غزة للغزيين، وأن ما بعد الحرب هو يوم فلسطيني بامتياز، وهذا ما سعت إليه خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، ونثمن أيضًا موقف السعودية برفض التهجير». 

وأكملت: «نأمل أن يكون هناك قرار حاسم من الدول العربية كافة، بقيادة مصر، برفض مطلق قاطع لأي محاولة لإخراج أهالي غزة من أرضهم، فنحن لا نحتاج مجرد وعود أو تأكيدات، بل نحتاج إلى موقف عربي موحد يرفض هذا التهجير المرفوض بكل الوسائل. لا شك أن المستقبل يبدو مظلمًا وغير واضح، فحرب الإبادة التي تعرضنا لها أحرقت الأخضر واليابس، وأغرقتنا في لهيب المعاناة والدماء. شخصيًا، أنا وعائلتي نزحنا عشرات المرات، لكننا اخترنا في النهاية العودة إلى غزة، وستظل غزة في قلوبنا وعيوننا، فأنا شقيقة شهيد، وشقيقتي وابنتها وزوجها استشهدوا في الحرب الأخيرة، وقد شرفنا الله باستشهادهم فداءً للوطن. هذه الدماء الزكية التي أريقت على أرضنا لن تذهب سدى، بل هي الحافز الذي يعطينا القوة والصمود. معاناتنا وتعب النزوح لن يؤثر علينا أبدًا في قرارنا الثابت بالبقاء في غزة».

وتابعت: «نحن هنا في غزة، رغم المخاوف التي تساورنا بشأن تنفيذ مخطط التهجير، مصممون على البقاء والصمود. فمن صمد تحت سيل من الصواريخ والمجازر لأكثر من عام لن يخضع لأي ضغط أو تهديد بالخروج من أرضه. فغزة بالنسبة لنا ليست مجرد قطعة أرض، بل هي الوطن الذي نحب ونعشق، وسيبقى أهلها فيها حتى آخر رمق، وسيرحل أذناب الاحتلال ويبقى ترابها طاهرًا بأيدينا. ما يقلقنا في تلك المرحلة الراهنة هو احتمالية عودة الحرب إذا تصاعدت الضغوط. ومع ذلك، أطمح بأن تنتهي هذه الحرب قريبًا، فكل ما مررنا به وما ينتظرنا أقدار الله ونحن راضون بها. وستظل مصر الحصن الأخير ضد مخططات التهجير، وستواصل بكل عزيمة الدفاع عن الشعب الفلسطيني. شكرًا لها على وقوفها الجاد في وقف العدوان، ونحن على يقين بأنها ستستمر في ممارسة ضغوطها لإيقاف هذه الحرب. لقد أعطتنا بارقة أمل، ونحن واثقون بها، فمستقبل غزة في يد الله، وفي يد مصر ورئيسها».

مصر الأمل

جهاد زكارنة: مصر وجيشها صمام الأمان لصد محاولات طمس الهوية الفلسطينية
جهاد زكارنة

جهاد زكارنة: مصر وجيشها صمام الأمان لصد محاولات طمس الهوية الفلسطينية

الدكتور جهاد زكارنة، محاضر جامعي من الضفة الغربية، أكد لـ"الوفد" أن «إسرائيل، بعد أن حصلت على الضوء الأخضر من إدارة ترامب، تعتبر نفسها محمية وتستغل هذه الفرصة لتنفيذ مخططاتها التوسعية، مستفيدة من نظرية الرجل المجنون التي تسمح لها بالتحرك بشكل غير محسوب ودون أي رادع دولي. تصريحات قادة الاحتلال مثل سموتريتش وبن غفير، الذين يتحدثون عن ضرورة القضاء على غزة وتهجير أهلها، تعكس خطة ممنهجة لا تقتصر على القطاع فحسب، بل تمتد إلى الضفة الغربية ومخيماتها، مما يضع الشعب الفلسطيني أمام خيار واحد فقط: إما الصمود في وجه العدوان أو الموت تحت وطأة الحصار والتهجير». 

وأضاف "زكارنة": «وفي ظل هذه التهديدات التي باتت تطال حدود مصر والسعودية والأردن، من الضروري أن يعيد العالم العربي النظر في تحالفاته ويبحث عن آليات جديدة لمواجهة هذا التوحش الأمريكي الذي يخالف كل القوانين الدولية وحقوق الإنسان. مصر، التي استفادت من الزيارة الأخيرة لملك الأردن إلى أمريكا، أظهرت حكمة في قراءة النوايا الدولية، وجاء قرار الرئيس السيسي بإلغاء زيارته لترامب ليؤكد أن مصر لن تقبل أن تُسحب إلى معادلات غير متوازنة».

«نحن نُعوّل على مصر وجيشها».. بهذه الكلمات أنهى د. جهاد زكارنة حديث قائلًا: «إن الموقف المصري، الذي يعتمد على تجارب عميقة في الحروب والسلام والمفاوضات مع إسرائيل، يجسد القوة الحقيقية التي تعتمد عليها المنطقة. الجيش المصري، الذي يعد الأكبر في المنطقة وله تاريخ طويل في التعامل مع إسرائيل، يظل صمام الأمان في هذه المرحلة الحرجة، ويمثل الأمل للمقاومة الفلسطينية في مواجهة محاولات الاحتلال لطمس الهوية الفلسطينية».

نداء الإعمار

يوسف المصري: القوى الصهيوأمريكية تسعى لتصفية القضية 
يوسف المصري

يوسف المصري: القوى الصهيوأمريكية تسعى لتصفية القضية 

آمال وتخوفات ولحظات ترقب حاسمة أعرب عنها الشاب الفلسطيني "يوسف المصري"، 39 عامًا، خلال حديثه لـ"الوفد" قائلًا: «لدينا مخاوف حقيقية تهدد وجود القضية الفلسطينية، فمخطط التهجير الذي تسعى القوى الصهيوأمريكية لتنفيذه لن يمحو الحقوق الفلسطينية فحسب، بل سيمحو القضية برمتها إلى الأبد، والسيناريو الأسوأ الذي يسيطر على عقولنا هو تنفيذ مخطط التهجير تحت ضغوط متصاعدة، وما يرافقه من خلق حالة من الفوضى في سيناء لتعزيز حالة الضعف المصري، لكننا نعلم أن مصر، صمام الأمان المدافع الأول عن الشعب الفلسطيني، لن تسمح بهذا المخطط مهما كانت التحديات. الموقف المصري البطولي، الذي لا يزال يشكل ركيزة دعم غزة، يُسجل في التاريخ، ونحن واثقون أن مصر لن ترضى بتوجيه الفلسطينيين إلى أراضيها».

وتابع: «وفي حال تطورت الأمور نحو التهجير القسري، سواجه الشعب الفلسطيني في غزة مصيره المحتوم، إذ لن يقبل الفلسطينيون أبدًا بفكرة التهجير التي تمس كرامتهم وأرضهم. مع ذلك، فإن التخوفات من استخدام القوة والتصعيد العسكري وما قد يترتب عليه من تداعيات خطيرة، مثل إعادة إشعال الحرب ونزوح أهل غزة، تظل تشكل هاجسًا يفرض نفسه. نأمل أن تتحد الأمة العربية والمجتمع الدولي تحت شعار واحد: لا للتهجير، وأن تكون قراراتهم حاسمة وحازمة، فالقضية الفلسطينية أكبر من كل الخلافات والتجاذبات السياسية، ولا يمكن أن يكون هناك بديل عن غزة ولا حل إلا بوحدتنا العربية التي تعد سيدة الموقف في هذه المرحلة الحرجة، حيث نشهد اليوم حالة من التخبط والضياع نتيجة الحرب والمجهول تحيط بنا من كل جانب؛ خوفًا من ضياع القضية الفلسطينية. لا يزال بعض أقاربي يحملون جروح النزوح السابقة ويخشون تكرار تلك المأساة».

أما فيما يتعلق بعملية إعادة الإعمار؛ فقال "يوسف": «توجد حالة تكتم تخيم على هذا الملف، ولم يُصرح بعد عن أي خطوات عملية أو ملامح لخطة إعادة الإعمار. الجميع يتحدث عن ضرورة إعادة بناء ما دمره الاحتلال المجرم، ولكن لا يوجد شيء ملموس على الأرض حتى الآن. المعدات الثقيلة جاهزة على المعبر، وهي خطوة رائعة من الشقيقة مصر، التي كانت ولا تزال أول المبادرين، وأول من قالت لا للتهجير، ولا يخفى دور الإعلام المصري في تسليط الضوء على قضيتنا العادلة، حيث كان ولا يزال السبّاق في أداء واجبه الإنساني والمهني والوطني، رغم كل التحديات المستمرة، ورسالتنا للإعلاميين والصحفيين المصريين: "أنتم صوت الشارع الفلسطيني والقلم الحر الذي ينطق بالحق والنفس الطيبة التي تقف معنا في محنتنا. لقد كنتم وستظلون، بإذن الله، منارة للعطاء والمساندة.

 

وأضاف: «المساعدات التي تدخل غزة تُرى على العلن، ولكنها غير كافية في ظل نقص البضائع في الأسواق نتيجة الحرب التي دامت أكثر من 15 شهراً. المساعدات الحالية تتراوح بين الطعام والملابس، أما الأمور التقنية الضرورية مثل الجوالات والطاقات الشمسية والبطاريات فلم تدخل بعد إلى الأراضي الفلسطيني، ونحن بحاجة ماسة إلى أعداد كبيرة من البيوت المتنقلة مثل الكرفانات والخيم التي تأوينا من برد الشتاء القارس والمنخفضات العاصفة التي عصفت بمخيمات اللجوء في مواصي خان يونس قبل أيام، وتسببت في تدمير العديد من الخيم. هذا فضلًا عن النقص الشديد في الأدوية والمعدات الطبية. لذا نوجه نداءً إلى الجميع للوقوف وقفة جادة وشاملة لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال، واستعادة الحياة في هذه الأرض المباركة، لأننا بحاجة إلى تكاتف الجهود لتجاوز هذه المرحلة الصعبة». 

إرادة فلسطينية

أحمد العيلة: ترامب تقوده العنجهية ومخططاته خارج حدود العقل
أحمد بشير العيلة

أحمد العيلة: ترامب تقوده العنجهية ومخططاته خارج حدود العقل

«صراعنا مع العدو الصهيوني صراع وجود لا صراع حدود».. بهذه الكلمات بدأ الشاعر والإعلامي الفلسطيني أحمد بشير العيلة حديثه لـ"الوفد" قائلًا: «الشعب الفلسطيني الأصيل اكتسب خبرة نضالية طويلة منذ أكثر من قرن في مواجهة مشاريع التهجير، فالتهجير القسري ليس حدثًا جديدًا، بل هو جزء من سياسة استعمارية تمارسها الصهيونية العالمية منذ 128 عامًا، فالفكر السياسي الاستعماري الغربي اعتبر فلسطين أرضًا بلا شعب، فلا ينظر أساسًا للشعب الفلسطيني من معادلة الوجود، لكن الشعب الفلسطيني الأصيل اكتسب خبرة نضالية طويلة منذ أكثر من قرن في مواجهة مشاريع التهجير، والتهجير المرتبط بحرب الإبادة التي بدأت منذ بداية القرن العشرين من مجازر مروعة فقد الفلسطينيون فيها الآلاف كان هدفها الأساسي هو التهجير، وإن نجح العدو بتهجير الفلسطينيين من مدنهم وقراهم في 1948 في ظروف قاهرة سلحت فيها بريطانيا العصابات الصهيونية وتم سحب أي قطعة سلاح يمتلكها فلسطيني، وصاحب هذا كله ارتكاب مجازر جماعية ضد الفلسطينيين العزل. لكن الفلسطينيون اليوم هم أكثر إصرارًا في إثبات وجودهم وتمسكهم بأرضهم، انظروا إلى الفلسطينيين في غزة، رغم الحصار المفروض عليهم منذ 2007، يظهرون صمودًا غير عادي. بمقاومة تاريخية باسلة كسرت شوكة العدو الصهيوني».

وعلّق "العيلة" على تصريحات نتنياهو الأخيرة قائلًا: «إنها تشير إلى نية متجددة لفرض واقع جديد على الأرض. وهم يجاهرون بمشاريعهم علانية حين قال: "سيتم توسيع السيادة الكيان الصهيوني "إسرائيل" في المناطق التي نعتبرها جزءًا من الكيان الصهيوني التاريخية". وكذا تصريح ترامب في تهجير الفلسطينيين وأخد غزة لصالح أمريكا، هذه التصريحات تعكس نية واضحة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، بما فيها الضفة الغربية والقدس الشرقية. بل على امتداد جغرافي أوسع من النيل إلى الفرات، وهو ما تسعى إليه الصهيونية العسكرية والدليل أن هذه الخارطة مطبوعة على أذرع جنود الاحتلال. نحن أصحاب هذه الأرض التاريخية، وأصحاب الحق الثابت الذي لا يُنكره إلا جاحد، ونعلن بصمودنا الأسطوري طوال حرب إبادة استمرت 14 شهرًا في مساحة ضيقة من الأرض وقد فقد 6% من السكان و98% من المباني، أننا لم ولن نرحل، ولن نترك أرضنا، ولن نتخلى عن حقنا في العودة إلى ديارنا التي هُجّرنا منها قسرًا. بل الأصح أننا سنعود إلى قرانا ومدننا الفلسطينية في 1948 عاجلًا غير آجل. فالفلسطيني يمتلك من قوة الحق قوة رفض هائلة لأنه هو المتجذر في عمق الأرض والتاريخ، وأي مخطط استعماري عنصري يهدف إلى طمس هويتنا وتهجيرنا من أرضنا وتكريس الاحتلال والإبادة البطيئة بحق شعب أعزل».

واستطرد: «ترامب تقوده العنجهية في قفز على الواقعية وتهميشٍ لكل ما وصل إليه الفكر البشري من قوانين تحترم كيانية الإنسان، وتصريحاته حول التهجير القسري، وفرضه على الجميع واعتباره أمرًا مسلمًا به ولا جدال فيه حين قال: "الفلسطينيون يجب أن يقبلوا بالواقع الجديد"، فهذا في أقل مستويات التحليل يعكس سياسة أمريكية منحازة بشكل صارخ للكيان الصهيوني دون سواه، وهذه التصريحات ليست مجرد ضغط سياسي، بل تهديد حقيقي، خاصة في ظل خطة "صفقة القرن" التي أعلنها ترامب سابقًا، وخطة "ريفيرا غزة" حاليًا، والتي تهدف إلى إضفاء الشرعية لتهجير شعبٍ من أرضه دون أي اعتبارات إنسانية ومنطقية. ما يجعل هذا الهذيان "خارج العقل وليس خارج الصندوق" كما وصفها منظر العولمة توماس فريدمان، فهذه الخطة رفضها المجتمع الدولي وهي غير قابلة للتنفيذ حتى برغبة شعبٍ تعرض للإبادة الجماعية وضحى بمئات الآلاف من أجل التمسك بأرضه وحقوقه، ومهمات استخدم ترامب مع أنصاره الصهاينة من وسائل ضاغطة مدمرة، فالفلسطيني لن يرحل ولن يسلم ولن يتنازل».

وأشاد الشاعر الفلسطيني بالدور المصري في دعم الفلسطينيين قائلًا: «تاريخيًا وواقعيًا، لمصر الدور الأكبر في حسم أي صراع في فلسطين عبر التاريخ، لاعتباراتٍ جغرافية وبشرية وعقائدية، فلا تحرير بدون مصر، ولا سلام بدون مصر، فمصر هي صاحبة الفضل الأكبر في تقوية شوكة قطاع غزة فكريًا وعلميًا، فقد فتحت المدارس والجامعات المصرية أبوابها واسعة لفلسطينيي غزة منذ الخمسينيات، ما جعلهم قوة بشرية مؤثرة استطاعت حمل ثقل القضية الفلسطينية بجدارة واقتدار سواءً بالصمود المادي الجسدي، أو بالمقارعات الفكرية والسياسية، فكلنا يعرف الدور الذي لعبته مصر في تقوية الوعي الجمعي العربي وخاصة الفلسطيني المقاوِم، ونجد أن أي مفاوضات عبر تاريخ الصراع لا تنجح إلا بقوة وتأثير مصر، خاصة المفاوضات الأخيرة التي استطاعت فيها المقاومة سحب العدو إلى مربع التفاوض لإيقاف الحرب والتبييض السجون، إن لمصر الدور الأهم في دعم الفلسطينيين، خاصة في غزة. فالسياسة والدبلوماسية المصرية ترتكز على قاعدة أساسية في التعامل، وهي أن "مصر ستظل داعمة لحقوق الفلسطينيين". فمصر هي البوابة الرئيسة لغزة، ولها تأثير كبير على الأرض، والأمل معقود بها لأنها تمتلك الأدوات الدبلوماسية والعسكرية للتأثير على الوضع في غزة».

وعن دور مصر في التصدي لمخططات التهجير أشار: «لعبت مصر دورًا محوريًا في التعامل مع قضية التهجير القسري للفلسطينيين طوال العقود المختلفة من عمر القضية الفلسطينية، وقد تمثلت جهود مصر في محاور رئيسة عدة؛ منها الدعم الدبلوماسي والسياسي، حيث دعمت مصر بقوة حق الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم، وعارضت أي محاولات لتهجيرهم قسرًا. ولا ننسى أنها عملت على تعزيز التضامن العربي والدولي لحماية حقوق الشعب الفلسطيني، وتدعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة. ومن زاوية مهمة كانت مصر كلمة السر في أي وساطة في المفاوضات المختلفة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، فمصر ساهمت فعلياً في تحقيق اتفاقات عدة لوقف إطلاق النار، في جولات وحروب كثيرة. وقد وقفت مصر صخرة صلبة في رفض توطين الفلسطينيين في سيناء –كإحدى مشاريع التهجير-، فهي ترفض بشكل قاطع أي مخططات لتوطين الفلسطينيين في سيناء أو أي منطقة أخرى خارج أراضيهم التاريخية. وهذا الموقف يعكس التزام مصر بحقوق الشعب الفلسطيني ورفضها لأي حلول تؤدي إلى تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها».

وأكمل: «نثمن مشاركة مصر في جهود إعادة إعمار غزة بعد كل موجة عنف، من خلال توفير المواد الإنشائية والمساعدات الفنية في دعمٍ فني وصريح في تمسك الفلسطيني بأرضه، فهي لم تقف كحاجز سياسي ودبلوماسي فقط أمام أي محاولات تهجير الفلسطينيين قسرًا، بل إنها من أهم الحواجز الفكرية في الضمير العربي التي وقفت ضد الصهيونية وعرت مشاريعها، فعلى مدى سنين الصراع الطويلة لعب المفكرون والمثقفون المصريون ولا يزالون دورًا مهمًا في دعم القضية الفلسطينية ورفض أي مخططات لتهجير الفلسطينيين قسرًا. فقد أنتجت مصر كمًّا معرفيًا مهمًا وضخمًا في كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وقد ساهم المفكرون المصريون بنشر الوعي حول خطورة مخططات التهجير القسري عبر منشوراتهم وعبر وسائل الإعلام المختلفة، بما في ذلك المقالات والبرامج التلفزيونية والمنصات الرقمية. مسلطين الضوء على الأبعاد الإنسانية والقانونية للقضية، مؤكدين على حق الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم، ولا ننسى أبدًا المبادرات والحملات واللقاءات والفعاليات الثقافية التي ينظمها المثقفون المصريون لدعم القضية الفلسطينية، فهذه المبادرات تهدف إلى تعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني ورفض أي محاولات لتهجيرهم. ناهيك عن دعم مصر للباحثين الفلسطينيين وإصرار مؤسساتها الحكومية والخاصة في نشر الكتاب الفلسطيني ودعم الكتاب الفلسطينيين الذين يوثقون جرائم الاحتلال بطرح قضايا إنسانية بمنتوج فكري وأدبي دعمته وتدعمه مصر، وأنا من أؤلئك الكتاب الفلسطينيين الذين تبنت مصر أعمالهم فنشرت لي مؤسساتها وصحفها الكبرى».

واختتم "العيلة" حديثه: «غزة ليست سلعةً تُباع، والضفة الغربية ليست موضوعًا للمساومة فغزة والضفة الغربية تمثلان جزءًا أصيلًا من الهوية الفلسطينية، ولا يمكن أن تكونا موضوعًا للمساومة أو التجارة في أي مفاوضات أو تسويات. هذا الموقف يؤكد التمسك بالعدالة والحرية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه، مؤكدين على عدم التفريط في أراضينا المحتلة التي هي أرضنا وعرضنا مهما طال الزمان سنرجع إليها منتصرين معززين بإيمانٍ لا يُهزَم. إننا نقف بكل مكوناتنا الثقافية والفكرية نؤكد أن القضية الفلسطينية حية في قلوبنا، وفي قلوب كل أحرار العالم. لن نقبل بالتنازل عن ذرة تراب من أرضنا، ولن نسمح بتمرير أي مشروع يهدف إلى تصفية قضيتنا العادلة. ونؤكد للعالم أجمع أننا لسنا أرقامًا في معادلات سياسية، ولسنا ورقة مساومة في أيدي المحتلين. نحن شعبٌ له تاريخٌ وحضارةٌ وكيانٌ، ولن نسمح لأحد أن يمحو وجودنا. نرفض كل أشكال التطبيع مع الاحتلال، وندين كل من يتواطأ مع هذه المشاريع الظالمة. وفي هذا الوقت العصيب ندعو كل الشعوب الحرة، وكل المنظمات الحقوقية، وكل الضمائر الإنسانية، إلى الوقوف معنا في مواجهة هذه المخططات الهادفة إلى إفناء شعبنا وطمس هويته. فالتفرقة البيّنة بين الدول العربية تعيق قدرتها على تقديم دعم حقيقي. هناك حاجة إلى موقف عربي موحد وقوي، ونطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، وعدم السماح بتنفيذ أي مشروع يهدد وجود الشعب الفلسطيني، فالموضوع برمته يحتاج إلى كلمة عربية إسلامية واحدة موحدة هي (لا)».

وحدة المصير

خالد خليل: موقف الرئيس السيسى مشرف ..الدول العربية التحلى بشجاعة مصر 
خالد خليل

خالد خليل: موقف الرئيس السيسى مشرف.. وعلى الدول العربية التحلي بشجاعة مصر 

من جانبه، أعرب الشاب الفلسطيني خالد خليل، 32 عامًا، من معسكر جباليا تل الزعتر، لـ"الوفد" عن أمله بفشل محاولات التهجير، قائلًا: «لا أعتقد أنها ستنجح، فهناك دول عظيمة وقوية، مثل مصر والسعودية وقطر، تقف بكل ثبات إلى جانب الحق الفلسطيني، فضلاً عن الشعوب التي تتعاطف مع أصحاب القضية. نحن نعلم أن الأمل بيد الله، ونحن واثقون أن الله لن يتركنا. أسوأ السيناريوهات قد يكون عودة الحرب إلى غزة وفتح جبهة جديدة مع مصر، وهو ما قد يجرّ المنطقة إلى حرب ضخمة، حيث ستجمع هذه الحرب أمريكا وإسرائيل ضد مصر. لكنني على يقين تام أن مصر، بحكمتها وقوتها، هي حصننا الأخير في مواجهة أي محاولات للتهجير، فهي ترفض ذلك تمامًا، وقد صرّح بذلك الرئيس المصري أمام العالم أجمع: "لن نقبل بتهجير الفلسطينيين". إن الموقف المصري في هذا السياق هو موقف عروبة مشرف في زمن قلّ فيه الشرفاء، وهو دليل قاطع على قوة وعمق الدولة المصرية الشقيقة. نثق جميعًا أن مصر ستقف بكل قوتها لمنع التهجير مهما كانت الظروف».

 

واختتم حديثه آسفًا: «في حال تطورت الأمور نحو التهجير، سيعيش أهل غزة في فوضى وتخبط، لأنهم منهكون ومتعبون بعد أكثر من 14 شهرًا من الحرب والدمار، فقدوا بيوتهم، وأرواح الكثير من أبنائهم. هم الآن في أشد الحاجة لدعم حقيقي، إذ يعيشون في خيام تحت ظروف كارثية، بلا بيوت، ولا غذاء، ولا مال. الشعب الغزي في حالة إحباط شديدة وضعف، لكنني أقول للعالم: "الدائرة ستدور عليكم". أتمنى أن تتحلى الدول العربية بالقوة والشجاعة التي أظهرتها مصر، وأن تتبنى موقفًا واضحًا وصريحًا ضد التهجير، وتقول "لا" بشكل قاطع. نحن أخوة في المصير، والهموم قد بلغت الحناجر. العالم بأسره يجب أن يعرف أننا لن نقبل التهجير، وأن غزة ستظل صامدة في وجه كل محاولات التصفية».