صادراتها زادت بنسبة 17% خلال 10 أشهر
الملابس الجاهزة «الحصان الأسود» فى سباق الدولار والجنيه

2.29 مليار دولار صادرات وتوقعات بزيادة كبيرة خلال الأعوام القادمة
رئيس المجلس التصديرى: صادراتنا من الملابس ارتفعت 140% لإفريقيا وأمريكا وتركيا وألمانيا أسواق مفتوحة
اقتصادي: صناعة الملابس فرصة لزيادة الحصيلة الدولارية.. وسمعة القطن المصرى عالمية
الصادرات هى حجر الزاوية لتوفير الدولار ودعم الاقتصاد الوطنى، وتعد الملابس الجاهزة واحدة من أهم الصادرات المصرية التى حققت نموًا ملحوظًا خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، حيث بلغت قيمتها 2.29 مليار دولار، مقارنة بـ 1.95 مليار دولار فى نفس الفترة من عام 2023، بزيادة قدرها 342 مليون دولار. وتأتى هذه الزيادة فى إطار الجهود المستمرة لدعم قطاع الملابس الجاهزة، حتى أصبحت مصر تُصدر منتجاتها إلى أكثر من 150 دولة حول العالم.
ووفقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بلغت قيمة الصادرات المصرية من السلع تامة الصنع خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2024 نحو 19.5 مليار دولار، مقارنة بـ 17.9 مليار دولار فى نفس الفترة من العام السابق، بزيادة قدرها 1.5 مليار دولار. وجاءت صادرات الملابس الجاهزة ضمن قائمة أهم هذه الصادرات، مما يعكس دورها المحورى فى تعزيز الاقتصاد الوطنى.
وعملت الحكومة المصرية على تعزيز صادرات الملابس الجاهزة من خلال تبسيط الإجراءات الجمركية وتوفير الدعم الفنى والمالى للمصانع. كما تم توسيع الأسواق المستهدفة، خاصة فى إفريقيا وآسيا، وتقديم حوافز تشجيعية للشركات المصدرة، مثل تخفيض رسوم الشحن والدعم فى المعارض الدولية.
تهيئة الظروف
وكان الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، قد صرح من قبل بأن الصادرات المصرية تمتلك القدرة على تحقيق مزيد من النمو، مشيرًا إلى أن الدولة سجلت زيادة فى الصادرات بنسبة 15% خلال العام الماضى، رغم التحديات الاقتصادية وسياسة التعويم التى بدأت منتصف شهر مارس.
وأوضح مدبولى، أن الحكومة تعمل بشكل مستمر على تهيئة الظروف الملائمة لزيادة الصادرات، لافتاً إلى أن الصادرات السلعية غير البترولية بلغت 18.6 مليار دولار فى عام 2015، بينما قفزت إلى 40.8 مليار دولار فى العام الماضى، ما يعكس نموًا بنسبة 119% وتحسنًا واضحًا فى الميزان التجارى.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الواردات المصرية شهدت أيضًا زيادة، حيث ارتفعت من 67 مليار دولار فى عام 2015 إلى 78.5 مليار دولار حاليًا، بنسبة نمو بلغت 16%. وأكد أن هذا التحسن فى الميزان التجارى يعكس قدرة الدولة على تحقيق فائض مستقبلى. وأضاف: «وفقًا لمعدلات النمو الحالية، يمكن أن تصل الصادرات فى عام 2030 إلى 115.8 مليار دولار، مقارنة بواردات تبلغ 105 مليارات دولار، ما يحقق فائضًا فى الميزان التجارى بقيمة 10 مليارات دولار».
وتسعى الحكومة إلى دعم وتعزيز صناعة الملابس الجاهزة من خلال عدة مشروعات ومبادرات تهدف إلى تطوير القطاع وزيادة صادراته، بما يساهم فى تحسين الوضع الاقتصادى وفتح آفاق جديدة لفرص العمل، ومن أبرز هذه المشروعات:
مشروع المنطقة الصناعية للملابس الجاهزة فى مدينة العبور والذى يعد من أبرز مشروعات الحكومة لدعم صناعة الملابس الجاهزة، حيث يهدف إلى إنشاء مدينة صناعية متخصصة تضم مجموعة من المصانع المتطورة التى تستخدم أحدث التقنيات فى صناعة الملابس ويتميز بتوفير بنية تحتية حديثة، مما يسهم فى رفع كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف.
كما أطلقت الحكومة عدة مبادرات لدعم الصناعات التصديرية، منها تقديم حوافز مالية للمصانع التى تساهم فى زيادة حجم صادراتها. وتشمل هذه المبادرات دعم تكاليف الشحن، وتقديم قروض ميسرة للمصانع، بالإضافة إلى توفير المساندة الفنية فى مجال التسويق والدعاية للمنتجات المصرية فى الأسواق العالمية.
كما شجعت الحكومة المنتجين على زيادة صادرات الملابس الجاهزة إلى أسواق جديدة، خاصة فى قارة أفريقيا والدول العربية، وجرى توقيع اتفاقيات تجارية مع بعض الدول الأفريقية لتسهيل عمليات التصدير، مع توفير الدعم اللوجستى والتسويقى لهذه الأسواق الواعدة.
وتُصدر مصر الملابس الجاهزة إلى أسواق متنوعة، تشمل العديد من الدول الأوروبية منها: ألمانيا، المملكة المتحدة، فرنسا، وإيطاليا، بالإضافة لأمريكا، ودول مجلس التعاون الخليجى ومنها الإمارات، السعودية، والكويت.
وفى قارة إفريقيا تصدر مصر لليبيا، الجزائر، وتونس.
فرص استثمارية واعدة
وتعليقًا على ذلك أكد الدكتور محمد عبدالسلام، رئيس غرفة صناعة الملابس الجاهزة والمفروشات باتحاد الصناعات، أن هناك اهتمامًا كبيرًا من مجموعة التنمية الصناعية بقيادة الفريق كامل الوزير، للتعامل الفورى والجاد مع التحديات التى تواجه صناعة الملابس والغزل والنسيج والصناعات المرتبطة. وأشار إلى تعليمات رئاسية تهدف إلى تقديم الدعم الكامل للصناعات المختلفة، مع التركيز على صناعة الملابس الجاهزة والغزل والنسيج باعتبارها من القطاعات الإنتاجية الحيوية.
وشدد عبدالسلام على أن الملابس والأقمشة الذكية تشهد نموًا سريعًا على مستوى العالم، وهو ما يعكس أهمية هذا القطاع فى الأسواق العالمية. وأوضح أن الغرفة تعمل على توطين صناعات الملابس فى مصر عبر دراسات وأبحاث، وتقديم الدعم للمصانع المحلية لتوسيع نطاق إنتاج الأنسجة والملابس الذكية، لا سيما فى مجالات الصناعات الطبية والرياضية. كما أكد على أهمية تشجيع الاستثمار الأجنبى فى هذا القطاع، وتوفير البنية التحتية اللازمة لدعمه.
وتابع «عبدالسلام» قائلاً: «اختيار مؤسسة التمويل الدولية لمصر كمركز استثمارى واعد فى صناعة المنسوجات والملابس عالية التقنية هو دليل على الفرص الكبيرة التى تتمتع بها البلاد فى هذا المجال. مشيرا إلى أن الغرفة تتعاون مع المؤسسة لتأهيل المصانع المصرية وتزويدها بالتكنولوجيا والخبرات الفنية اللازمة، فضلاً عن توفير برامج تدريبية لرفع مهارات العاملين». وأضاف أن هذا التعاون يهدف إلى دمج مصر فى سلاسل التوريد العالمية لصناعة الملابس والمنسوجات الذكية.
كما أشار «عبدالسلام» إلى التطور الملحوظ الذى شهدته صناعة البنطلون الجينز فى مصر فى السنوات الأخيرة، حيث لم يقتصر التصنيع على الماركات العالمية فقط، بل توسع ليشمل ماركات ومنتجات مصرية يتم تصديرها إلى دول عربية وأفريقية وتركيا. وكشف عن ارتفاع عضويات غرفة صناعة الملابس إلى 9851 عضوً مقارنة بـ 7602 عضو فى 2023، بزيادة بلغت 29.6%.
وأوضح أن عدد مصانع الجينز المسجلة فى الغرفة وصل إلى 241 مصنعًا، إلى جانب 100 مصنع آخر غير مسجل، مشددًا على أن هذه المصانع تسهم بشكل كبير فى تلبية احتياجات السوق المحلى، مما يعزز من قدرات التصنيع المحلى ويسهم فى الحد من استنزاف العملة الصعبة.
وأكد الدكتور عبدالسلام أن مصر أمامها فرصة ذهبية لزيادة الاستثمارات الأجنبية فى قطاع صناعة الملابس، خاصة مع توجه بعض المنتجين الكبار فى آسيا نحو أسواق جديدة. وأضاف أن ضبط السياسات المالية والاقتصادية سيسهم فى جذب هذه الاستثمارات، ما يعزز من نمو هذا القطاع الحيوى فى الاقتصاد المصرى.
زيادة ملحوظة
وكشف المهندس فاضل مرزوق، رئيس المجلس التصديرى للملابس الجاهزة، عن أن صادرات القطاع شهدت زيادة ملحوظة بنسبة 18% خلال عام 2024، حيث وصلت إلى 2.84 مليار دولار مقارنة بـ 2.41 مليار دولار فى 2023، مما يعكس الأداء المتميز للقطاع خلال العام الماضى.
وأضاف مرزوق أن صادرات الملابس الجاهزة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ارتفعت بنسبة 17%، محققة 1.19 مليار دولار فى 2024 مقابل 1.01 مليار دولار فى 2023. كما سجلت صادرات الملابس إلى أوروبا نموًا لافتًا بنسبة 34%، لتصل إلى 689 مليون دولار فى 2024 مقابل 514 مليون دولار فى 2023، وهو ما يعكس زيادة الطلب على الملابس المصرية فى دول الاتحاد الأوروبى.
وفيما يتعلق بالأسواق الأفريقية، أوضح مرزوق أن الصادرات إلى الدول الأفريقية (باستثناء الدول العربية) ارتفعت بشكل كبير بنسبة 140% لتسجل 8.7 مليون دولار مقارنة بـ 3.6 مليون دولار فى 2023، كما شهدت الصادرات إلى الدول العربية زيادة بنسبة 4%.
وأشار رئيس المجلس التصديرى إلى أن تركيا جاءت فى المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة فى استيراد الملابس من مصر، بزيادة بنسبة 9%، مسجلة 242 مليون دولار فى 2024 مقارنة بـ 222 مليون دولار فى 2023.
وفيما يخص مستهدفات العام 2025، أكد مرزوق أن المجلس يهدف إلى تحقيق نسبة نمو سنوى لا تقل عن 20%، ليصل إجمالى الصادرات إلى 3.3 مليار دولار بنهاية عام 2025، مع الاستمرار فى تنفيذ برنامج التوسع فى الأسواق الدولية، خاصة فى ظل المنافسة المتزايدة من الأسواق المجاورة. وأضاف أن هناك خططًا لتنظيم فعاليات وبعثات تجارية دولية لدعم رؤية المجلس وزيادة الصادرات خلال العام.
اهتمام الحكومة
وقال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادى، إن صناعة الملابس الجاهزة كانت من أبرز القطاعات التى اشتهرت بها مصر على مدار تاريخها. مشيرا إلى أن هناك العديد من الشركات الكبيرة التى كانت تمتلك علامات تجارية معترف بها عالميًا، مثل شركة مصر للغزل والنسيج، وشركة سيماف بالإسكندرية وغيرها من الشركات التى كانت تشتهر بمنتجاتها عالية الجودة.
وأكد «عامر» أن الحكومة المصرية قد أولت اهتمامًا كبيرًا مؤخرًا بتطوير هذه الصناعة، حيث تم إنشاء مصانع جديدة فى شركة مصر للغزل والنسيج فى إطار دعم هذه الصناعة الاستراتيجية، التى تسهم فى تقليل العجز الدولارى وزيادة حصيلة العملة الصعبة من خلال التصدير إلى أسواق عدة فى المنطقة العربية وأفريقيا وأوروبا. وأشار إلى أن القطن المصرى ما زال يحتفظ بسمعة عالمية جيدة، مما يعزز قدرة الصناعة على المنافسة عالميًا.
وفيما يخص التحديات التى تواجه هذه الصناعة، أكد الدكتور عامر أنه من الضرورى زيادة الاعتماد على المنتج المحلى فى عمليات الإنتاج لتقليل التكلفة وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات المصدرة. وأوضح أن الحكومة يجب أن تسعى لتوفير بيئة مناسبة للتصدير من خلال تسهيل إجراءات الشحن وتحديد منافذ متعددة للتصدير بدلاً من الاقتصار على منافذ محددة.
وأشار أيضًا إلى أن صناعة الغزل والنسيج تعتبر من الصناعات كثيفة العمالة، مما يساعد فى تقليل معدلات البطالة، خاصة فى المناطق الريفية. وأكد أن هذه الصناعة توفر فرص عمل للعديد من الأفراد، مشيرًا إلى أن شركة مصر للغزل والنسيج كانت تستوعب أكثر من 23٫000 عامل فى وقت من الأوقات، مما يعكس أهميتها الاقتصادية والاجتماعية.
كما تطرق الدكتور عامر إلى دور المشروعات الحكومية مثل المناطق الصناعية للملابس فى تعزيز الاقتصاد وزيادة الصادرات. وأوضح أن هذه المناطق تعد من أهم الخطوات التى تساهم فى تحسين جودة المنتجات من خلال زيادة التنافس بين الشركات المصنعة، مما يؤدى إلى زيادة قدرة مصر على فتح أسواق جديدة فى الخارج.
وفى ختام حديثه، أضاف الدكتور عامر أن صناعة الغزل والنسيج فى مصر هى من الصناعات التى تتمتع بتاريخ طويل منذ عام 1903، حيث كانت تعتبر من الصناعات الرائدة التى تساهم بشكل كبير فى الاقتصاد الوطنى. وأكد أهمية توسيع نطاق الإصلاحات التى تمت فى شركة مصر للغزل والنسيج لتشمل كافة الشركات التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، بما يسهم فى تكامل صناعة الغزل والنسيج من جميع جوانبها، بما فى ذلك صناعة الأقطان والصياغة والأنسجة وغيرها من الصناعات المكملة.