رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اتجـــــاه

مع تَتِمة الـ60 عاماّ، على تأسيس إذاعة القرآن الكريم، وكانت يوم25 مارس الماضى، وقد كانت أولى الإذاعات فى العالم، فى مجال الرسالة الإعلامية المتعلقة بالقرآن والعلوم الإسلامية، هناك مايتوجب الكلام عنه، فيما تواجهه من انتقادات، من ناحية ارتباك خطها الإذاعى، الذى فتح مساحات منه للإعلانات وتوجيه التبرعات، التى لوحظت وهى فى أوج نشاطها، طوال أيام شهر رمضان، ومن ناحية أخرى، ما يتعلق بما يمكن أن نقول، إنه الإسراف فى اعتماد القراء الجدد، على غير ما كانت عليه- ربما- قواعد الاختيار المتشددة فى الماضى، وأنتجت كوكبة من أفضل المقرئين، ترتيلاّ وتجويداّ، ومن حيث طبقات الصوت أيضاّ، لاتزال تُشنِف الآذان حتى اللحظة. 
<< لقد سادت ظاهرة واضحة، اتسعت فى عموم المحافظات، وعلى وجه الخصوص فى الريف، عندما تقام سرادقات عزاء فى أى قرية، فإذا بالإعلان عبر مكبرات الصوت»الساوند»، عن اسم الشيخ قارئ القرآن، موصوفاّ بـ»قارئ الإذاعة والتليفزيون»، ولايكاد يخلو سرادق عزاء، فى طول البلاد وعرضها، من شيوخ هذا الوصف، الذى تحول إلى رخصة ذهبية، ترفع أجر صاحبها إلى أرقام فلكية، حتى صارت عنوان»بيزنيس» المقرئين، وغالبيتهم لا يستحقون هذا الوصف وهذا الأجر، عندما يصدمك أحدهم، بصوت»سرسعة» وركاكة فى التجويد، ومع ذلك تبهره عبارات الثناء، إما مجاملة من المنتفعين، أوتباهى وتفاخر من أهل وأقارب صاحب العزاء. 
<< أمثال هؤلاء القراء، إن كنا نسأل إدارة إذاعة القرآن، عن هذا الكم الكبير من قراء القرآن و»أنصاف القراء»، فإنه يتوجب التدقيق والتشدد، فى اعتماد أى قارئ يتقدم للإذاعة، ليكون إضافة لأسلافه من أساطين التلاوة، بدءأ من المشايخ محمد رفعت ومصطفى خليل الحصرى وعبد الباسط عبد الصمد، إلى آخر عمالقة هذا الجيل، وانتهاء بالشيخ حمدى الزامل ومن هم على طريقته، من مشايخ الجيل الجديد، لا أن يكون مجرد حاصل على رخصة الإذاعة، ليستغله فى القفز بأجره إلى مستويات خيالية، وهو يعتمد هنا، على سماسرة ينشطون مع كل حالة وفاة، يتولون إجراءات سرادق العزاء، وبتكاليف قد لا يتوقها أهل المتوفى، أو يتقبلها القادرون ويتباهون بها. 
<< لقد تعددت البدع فى سرادقات العزاء، فى اتساعها و فخامة آثاثها وشبكات تصوير الفيديو وبوفيهات المشروبات، والأغرب والأكثر إزعاجاّ، ذلك الشخص الذى يقولون أنه مقدم»الإعلام الدينى»، يسبق كل تلاوة بامتداح»قارئ الإذاعة والتليفزيون»، ثم»يجعر» بدرس دينى، ينتهى بمواساة لأهل المتوفى، وشكر للعمال والفنيين فى السرادق، وهو يفرض نفسه بهذا الكلام قبل وبعد كل تلاوة، ومع معرفته بعدم رضا المعزين عنه وعن وجوده، لكنه يتمادى فى»الجعير»، باعتبار أنه مصدر رزق«مجزٍ»، مثل كل الذين يستغلون أحزان أهل المتوفى، الذين يجبرهم السماسرة، على تحمل تكاليف مالية ضخمة، مقابل سرادق العزاء ومتطلباته. 
<< لسنا ضد إقامة سرادقات العزاء، ولسنا ضد قراء من الإذاعة والتليفزيون، لكننا ندعو للبساطة وضغط الإنفاق، مراعاة لغير القادرين، الذين يكتفون بـ»العزاء قاصر على تشييع الجنازة»، ولو تكافلنا اجتماعياّ بالتقارب فى أسلوب وكلفة العزاءات، نكون تغلبنا على حالة التمييز فى وداع موتانا..وأتذكر لشاعر العرب «أبى العتاهية» قوله فى هذا الموضوع: «نأتى إلى الدنيا ونحن سواسية، طفل الملوك هنا كطفل الحاشية.. نغادر الدنيا ونحن كما ترى..متشابهون على قبور حافية»..هذا الكلام لايلمح لأى كان من العزاءات، لكنه كلام عن ظاهرة عامة، قد تمثل إرهاقاّ مالياّ لعائلة أى متوفى، فهل يمكن للمجتمع مبادلتها، بروح منفتحة على بساطة وداع الأحبة؟..نأمل ذلك. 
[email protected]