رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صديقى الذى أجهله ولا أعرف كم من الزمان يفصل بيننا، أكتب إليك عن حاضر أعيشه وماضٍ تريد الوقوف على أخباره، فإن وقعت كلماتى بين يديك مصادفة، فأنا ذو حظ عظيم، وإن أتيتها قاصدًا متعمدًا، فالخير فيكم وإن طغى الشر وعلا، فكن على يقين بأن الأمة التى لا يغيب ماضيها عن حاضرها، أو يُغيِّب حاضرها ماضيها، هى أمة لا يقوى عليها عدو، ولا يقدرعليها إلا أهلها، فإن علوا علت، وإن تمزقوا تمزقت، وإن غابوا غابت، وإن تلاشوا تلاشت.

إنه اليوم الإثنين الموافق 22 من أبريل لسنة 2024، ولا أظن أن الأيام والشهور قد تغيرت أو تبدلت مثل معالم الأرض وتفاصيل الحياة، أما تلك السطور التى تتفحصها محاولًا جمع شتات كلماتها وأحرفها التى اختفت مثل رفاتنا وسيرتنا، هذه الصفحة التى تاهت معالمها وبهتت، هى نبض من حياة السواد الأعظم لأسلافكم.

أريد أن أخبرك يا صديقى بأننا نعيش الآن فى مرحلة «تخفيف الأحمال» وهذا مصطلح أطلقته الحكومة على قرار قطع الكهرباء ما بين ساعة إلى ساعتين بالتناوب على الجميع باستثناء الأماكن التى تراها استراتيجية مثل المستشفيات والمناطق السياحية، وقال لنا السادة المسئولون إن موعد انتهاء هذه الخطة من التخفيف، هو محل متابعة من رئيس الوزراء، وبمجرد توافر الإمكانيات سيتم الانتهاء منها، وهذا معناه يا صديقى أن موضوع التخفيف «مطول معانا حبتين تلاتة»!

أما عن أسباب القرار، فترجع كما جاء على لسان الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء يوليو الماضى، إلى ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق بسبب التغيرات المناخية التى يشهدها العالم، بالإضافة إلى أزمة السيولة الدولارية، مع «شوية» توترات خارجية تحيط بنا وحروب أوشكت على الاندلاع، ولا أدرى ماذا فعل المناخ بكم، هل تغيرت الأرض وتحولت الصحراء إلى بساتين، أم ما زلتم عند حافة الترقب ومتابعة أخبار ارتفاع حرارة المحيطات واندلاع الحروب؟!

أتعرف يا صديقى أن تلك الحالة من الانقطاع الكهربائى قد ذكرتنى بأجواء الغارات الجوية ليلًا أوقات العدوان، والناس يصرخون: «طفى النور.. طفى النور» خوفًا من استهداف طائرات العدو بيوتهم بالقنابل، تلك النداءات يا صديقى يصرخها البعض الآن خوفًا على الأجهزة المتصلة بالكهرباء أن يصيبها «الحرق والتدمير» والأعطال!

أتعلم يا صديقى أن السادة المسئولين يقولون إن خطة قطع الكهرباء ساعة واحدة يوميًا يوفر للدولة ما يقرب من 300 مليون دولار شهريًا، ولم يخبرنا أحد ولم تحدثنا دراسة واحدة عن حجم الخسائر والأضرار التى يتكبدها الناس نتيجة هذا القرار.

أود أن أخبرك يا صديقى بأن أحد مقدمى برامج «التوك شو»، وهى برامج يتناول فيها المذيع بطل فترة العرض الأخبار وما يتبعها من قضايا تشغل الرأى العام، وغالبًا ما تكون خبرته وسابقة أعماله خارج السياق الإعلامى ولا تمت له بصلة، ولكنها أرزاق وكله مقدر ومكتوب!

المهم يا صديقى أن «أحدهم هذا» قال: يجب التعامل مع فلسفة انقطاع الكهرباء كأمر واقع لا مفر منه، وأن الحديث عنه لن يغير من الأمر شيئًا، لأن الحكومة لا يوجد لديها حل غير هذا القطع، ولا أدرى إن كان حديثه هذا تأييدًا فى ثوب المعارضة أم معارضة فى ثياب التأييد، فقد جمع الشىء ونقيضه فى قلب وقالب واحد، ولم أصرح باسم «أحدهم هذا» متعمدًا، لأن ذكر اسمه أمر لن يفيد.. فكما أخبرتك كله مقدر و«مكتوب»!

أريد أن أحيطك علمًا يا صديقى بأغرب الأشياء التى نعيشها بجانب أزمة «تخفيف الأحمال»، وهى الارتفاعات غير المسبوقة فى الأسعار، كما يوجد عندنا سعر رسمى مطبوع على السلعة وسعر شفهى يتفاوت من تاجر لآخر لنفس السلعة، ومن باب الأمانة أخبرك بأن الحكومة قد أعلنت مؤخرًا عن انخفاض فى أسعار العيش ورغيف «الفينو»، والأخير نوع من الخبز متعدد الأغراض، يبلغ طوله كف اليد يقصرعنه قليلًا أو يزيد، حسب ضمير صاحب المخبز!.

وأسجل لك أنه تم استحداث وزن جديد لرغيف سياحى «حر» وزنه 25 جرامًا وثمنه 50 قرشًا، وبمعادلة بسيطة بناءً على مواصفات الرغيف الرسمى التابع لوزارة التموين الذى يبلغ عرضه 18 سم ووزنه 90 جرامًا، وضع تحت كلمة الرسمى مائة خط، يكون عرض هذا الرغيف المستحدث 5 سم، ولا أعرف كيف سيتم خبزه أو أكله!!

الخلاصة يا صديقى أننا نعيش مع خطة التخفيف وارتفاعات الأسعار وما يحيط بنا من توترات، حالة من الاستنزاف النفسى والمادى والبدنى لم نعرفها من قبل.

فى النهاية.. أدعو الله لنا ولكم بصلاح الحال وتخفيف الأحمال.. والسلام ختام.

[email protected]