عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

6 مشاهد تسرد حكاية القصاص لروح حبيبة الشمّاع

الراحلة حبيبة الشمّاع
الراحلة حبيبة الشمّاع

أسدلت محكمة جنايات القاهرة، أمس الاثنين، الستار على مُحاكمة سائق أوبر محمود هاشم المُدان بالتسبب في وفاة الشابة حبيبة الشمّاع. 

اقرأ أيضاً: 54 يوماً قادت سائق أوبر على طريق القصاص لحبيبة

لم يكن يدري السائق ذو الميول المُنحرفة أن سوء تدبيره سيقوده مُكبلاً إلى ما وراء القضبان، وبالتأكيد لم تردعه فكرة إزهاق الروح والجزاء المُترتب عليها في الحياة والآخرة. 

فقدت الشابة اليافعة حياتها، وسيظل رحيلها المؤلم غصة في حلق كل من تعامل معها يوماً.

لكن ما يُبرد النار في الصدور ولو قليلاً هو أن قصاص أهل الدُنيا تم إقراره بانتظار قصاص رب العالمين يوم لا ينفع مال ولا بنون.

الراحلة حبيبة الشمّاع

فصلت المحكمة في القضية من أول جلسة، وشهدت قاعة المحكمة 6 مشاهد تروي بكل وضوح قصة فصل القصاص لروح الضحية حبيبة. 

(1) 

إدعاء التدين واستدعاء "البشعة" 

بطل المشهد الأول هو المُتهم محمود هاشم، والذي أمرت المحكمة بإخراجه في الجلسة لسماع أقواله فيما منسوب له من اتهامات بعد تلاوة أمر الإحالة. 

ظل المُدان يُتمتم بتوترٍ بادٍ على الحروف التي ينطقها لسانه :"معملتش حاجة، أقسم بالله ما حصل" 

وتابع :"والله العظيم، والمصحف ده على عينيا، ولو فيه بشعة أحطها على لساني عشان اثبت اني معملتش كدة".

المُتهم المُدان 

وتبين أن البشعة هي وسيلة عُرفية تستخدم في مناطق البدو على وجه الخصوص لاكتشاف الكاذب. 

وتتحقق تلك الوسيلة بإحضار سكينٍ ساخن وتمريره على اللسان، وفي حالة الإصابة يتم إثبات الجُرم، أما إذا لم يُحدث السكين أي تأثير سلبي فإن ذلك يُثبت البراءة. 

المُثير في الأمر أن ذلك الأسلوب يُخالف الشرع والدين الذي حاول المُتهم التستر به أمام الكاميرات. 

فقد شوهد المُدان وهو يمسك بمصحف للقرآن الكريم بعد خروجه من القفص في محاولة لإثبات تدين وهمي أمام الجميع. 

المُدان وهو يُمسك بالمصحف الشريف أمام عدسات الكاميرات

(2) 

النيابة تكشف أهوال لحظة الغدر 

المشهد الثاني بطله مُمثل النيابة العامة الذي أدلى بمُرافعتها القوية أمام المحكمة في جلسة القصاص لروح حبيبة الشمّاع.

وشرح مُمثل النيابة مُلابسات الواقعة، وقال إن المتهم بدأ في إغلاق نوافذ سيارته أثناء وجود حبيبة داخلها، وبدأ في نثر ‏زجاجة تحوي مادة في الأجواء. ‏

وما كان من حبيبة إلا أن قفزت من السيارة تحت تأثير أفعال سائق أوبر، وقالت المُرافعة :"حبيبة آثرت الموت على فعال ‏المُتهم".‏

وتساءلت النيابة مُستنكرةً :"أي خسة تلك؟ أي عقلية إجرامية تلك لا تأبه بما آتته من جُرم فاحش". ‏

وطالبت النيابة تطبيق أقصى عقوبة، قائلةً للمحكمة :"نتطلع إلى منصتكم والحكم العادل".‏

وقالت المُرافعة إن رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نهى عن ترويع الآمنين، مُتسائلة باستنكار :"فما بالكم بمن روّع أمة بأكملها".‏

وذكرت النيابة أن المُتهم أنهى بيديه أحلام وآمال الشابة اليافعة، قائلة :"أي عذاب وأي فزع عاشته بسبب ذلك الآثيم".‏

وقال مُمثل النيابة إن المُتهم لم يكن له نصيب من اسمه فلم يحمد ولم يشكر بل ضلّ وروّع وفجر، وأضاف  بأن المتهم اتخذ ‏من وسيلة رزقه وسيلة لإرضاء أهوائه وأفعاله الدنيئة. ‏

وقالت النيابة مُخاطبةً المحكمة :"لتقضوا حُكماً يشفي الله به صدور قوم مؤمنين"، وأضافت :"ثمة أمر جلل حدث لا تسعفنا ‏الكلمات في وصفه، فهي وقائع يندى لها الجبين وروعت آمنة من الآمنين". 

وشرحت النيابة ظروف لحظات الغدر بالضحية، وذكرت أن السائق تحت تأثير المُخدر راودته فكرة الاختطاف وبث الرعب ‏في قلب الضحية. ‏

وحينما كانت بداخل السيارة رفع صوت المذياع، وخلال هذه الأثناء اتصلت الضحية بوالدتها تشكو لها ما يحدث، وقام ‏المتهم بدوره بغلق النوافذ، لتتسائل النيابة :"بأي ذنب رُوعت..بأي جريرة عاشت هذا العذاب".‏

وذكرت النيابة أن الضحية فتحت باب السيارة وقفزت حينما كانت تسير بسرعة 100 كم، وذكرت أنها أخبرت الشاهد ‏الذي حاول إسعافها بأن السائق حاول خطفها.‏

وقالت النيابة إن المتهم ابتعد عن المروءة وعزف عن مُساعدة المجني عليها بعد أن قفزت من سيارته، وتسائلت :"هل ‏أصابه الندم؟، لتجيب نافيةً :"بل عاد إلى منزله ليشرب المُخدرات، وتعاطى جوهر الحشيش".‏

وأشارت النيابة في مُرافعتها لأقوال الشهود، وكان من بينهم الشخص الذي حاول إسعاف الضحية  والذي قال إن آخر ما نطق به لسانها ‏‏:"أوبر كان هيخطفني".‏

وانتقلت النيابة للإشارة لأقوال أم الضحية المكلومة دينا، والتي أكدت أن فقيدتها اتصلت بها لتُفصح لها عن شعورها ‏بالارتياب تجاه المُتهم، وقالت عنه أيضاً :"غريب أوي وشكله مُريب".‏

وذكرت النيابة أن للمُتهم سوابق أخرى فيما يتعلق بإساءة التعامل مع الركاب، وذكرت وجود شكاوى بحقه مُثبتة في الشركة ‏من ركاب سابقين. ‏

وأكدت النيابة أن في حق المُتهم شكاوى تحرش وملامسة، وهو الأمر الذي دعا الشركة لحظره فقام هو بإنشاء حساب جديد ‏مُستعار. ‏

وخاطبت النيابة في مُرافعتها ذوي الضحية، قائلة لهم :"اصبروا وصابروا"، وتلا مُمثل النيابة الآية الكريمة :" أحسب ‏الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون".

وخاطبت النيابة المُدان الذي توارى عن الأنظار داخل القفص :"روح حبيبة ستظل تُطاردك في كل مكان".

ممثل النيابة العامة أثناء المُرافعة 

(3) 

دموع صادقة بين جدران المحكمة 

 المشهد الثالث بطله السيد أيمن الشمّاع، والد الضحية حبيبة، والذي لم يتمالك دموعه الحارة التي انسابت من عينيه كسيلٍ مُنهمر أثناء مُرافعة النيابة. 

توالت أمام عيني الأب المكلوم مشاهد لحظات الغدر بابنته اليافعة على يد موتورٍ لم يُراعي الأمانة التي وُكل بها. 

ذرف الأب عبرات الألم على مصير ابنته وهو يُنصت لمرافعة النيابة التي كشفت أهوال وفداحة يوم الفزع الأليم. 

تماسك الأب بعد حُكم القصاص بحق المُدان، وتحدث مع وسائل الإعلام قائلاً بعبارةٍ موجزة :"أقدر دلوقتي اقف على رجلي، بشكر وزير العدل، والعدالة المصرية".

الأب المكلوم يذرف دموع الألم 

(4) 

حُزن عارم يكتسي بلون الحِداد 

المشهد الرابع بطله أصحاب المُصاب الأليم "ذوي الصحية"، فبرفقة الأب المكلوم حضرت الأم التي كانت شاهدة عبر الهاتف على لحظة الغدر بابنتها. 

وحضر أفراد من العائلة وذويها المُقربين مُتشحين بملابس الحِداد السوداء، حتى أصبح تمييزهم من بين الحضور أمراً يسيراً. 

بدا الألم واضحاً على الأعين الذابلة والوجوه الشاحبة، وحرص الجميع على الشد من أزر بعضهم البعض لعبور لحظة المُواجهة في المحكمة. 

حرص أهالي الراحلة على إبصار المُتهم حينما خرج من قفص المُحاكمة، ولم تتوقف همسات حسبي الله ونعم الوكيل حينما تحدث مُحاولاً تبرأة نفسه. 

وحينما بدأت النيابة مُرافعتها سُمع صوت بكاء مسموع وسط أهل المجني عليها، خاصةً في فقرات المُرافعة التي سردت تفاصيل لحظة الغدر. 

وبدا الارتياح على وجه الجميع بعض الشيء بعد حكم القصاص من المُدان، وحرصوا على مُغادرة المحكمة سريعاً دون الإدلاء بأي حديثٍ صحفي.

ذوي الضحية بعد الحُكم 

(5) 

سجل سوابق "ثقيل" 

المشهد الخامس بطله المُحامي الدكتور محمد أمين، مُحامي أسرة الضحية حبيبة الشمّاع والمُدعي بالحق المدني، والذي أدلى بمُرافعته أمام المحكمة أيضاً. 

وذكر الدكتور محمد أمين في مُرافعته أمام المحكمة إن الراحلة كانت طالبة مُتفوقة في كلية الإعلام بالجامعة البريطانية، ‏وكانت من أوائل دفعتها. ‏

ليتسائل عن الظرف الذي سيدفعها للقفز من السيارة، مؤكداً أن أمراً جلل حدث بالداخل أجبرها على هذا التصرف. ‏

ولفت مُحامي عائلة الضحية لوجود سجل من الشكاوى الثقيلة في حق المُتهم لدى رواد تطبيق أوبر ممن قادهم حظهم العاثر ‏للتعامل معه. ‏

وذكر المُحامي أن إحدى الشاكيات قالت إن المُتهم لمس يديها وقدمها بل وأكد أن إحداهن قالت إنه لمس فخذها، على حد ‏قوله. ‏

وأشار إلى أن إحدى الراكبات قالت إنه قام بسبها وقال لها :"يا زبالة ويا حيوانة".‏

المدعي بالحق المدني أثناء مُرافعته 

(6) 

العدالة الناجزة تُدون كلمتها 

المشهد السادس والأخير بطله القاضي عاطف رزق ودائرته الموقرة التي أقرت العدالة الناجزة في القضية منذ الجلسة الأولى. 

حرص القاضي على الفصل من أول جلسة، ولم تُقبل طلبات التأجيل، وبعد أن نال الدفاع حق المُرافعة أصدرت المحكمة حُكمها العادل. 

وقضت المحكمة بمُعاقبة محمود هاشم ‏سائق أوبر بالسجن المُشدد 15 سنة وتغريمه مبلغ 50 ألف جنيه، وإلغاء رخصة القيادة. ‏

صدر الحكم برئاسة المستشار عاطف رزق، وعضوية المستشارين محمد فرج السعدني وخالد شكري عثمان، وأمانة سر ‏شريف محمد علي.‏

القاضي أثناء تلاوة الحكم