عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجبر والاختيار

على مائدة القرآن

د. عبدالراضى عبدالمحسن
د. عبدالراضى عبدالمحسن

 

 

 

 

 

لم تشغل الإنسان فى علاقته بالله منذ بدء الخليقة قضية أكثر من مسألة الجبر والاختيار، وهل الإنسان مُسَيَّرٌ أم مُخَيَّرٌ؟

وذلك فى ظل شمولية القدرة الإلهية وإطلاقها ونفوذها على كل الخلائق والموجودات، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فهو: (خالق كل شىء)، ومشيئته فوق كل مشيئة: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله)، وبيده الأمر كله فى الهداية والضلال: (يضل من يشاء ويهدى من يشاء)، وبيده العذاب والمغفرة: (فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء).

مما قد يتبادر إلى الأفهام أن الإنسان مُجبَر أو مُسيَّر.

لكنّ ذلك الفهم تقطع بعدم صوابه آيات بينات تُقرِّر بوضوح وحسم حرية الإنسان التامة فى الاختيار بين السبيلين ؛ سبيل الهدى والثواب العظيم، أو سبيل الضلالة والعذاب الأليم: (إنّا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا)، (وهديناه النجدين)، (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها).

 لأن تلك الحرية الإنسانية فى الاختيار بين الطريقين والسير فى أحدهما والعمل بمقتضاه هى وحدها التى يتحقق بها العدل الإلهى فى ثواب الطائع وعقاب المذنب، وبها وحدها ينتفى الظلم عن الله سواء الظلم النوعى: (ولا يظلم ربك أحدا)، أو الكمى: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة).

أما الفهم الخاطى وراء الاعتقاد بأن الإنسان مجبر فيرجع إلى عدم إدراك أمرين:

الأول: أن الإرادة الإلهية نوعان: ١. إرادة كونية عامة لا يحدث شىء فى الكون خارجها أو رغما عنها، وهى التى سمحت بوجود الهدى والضلال والتقوى والفجور، وذلك لأجل اختبار الإنسان، فالله قد: (خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا).

٢. إرادة دينية تتمثل فيما يحبه الله ويرضاه لنا، فهو يحب منا الهدى والتقوى ويكره الضلال والمعصية.

الثانى: أن الهداية ثلاث مراتب: 

١. الهداية التكوينية، وهى هداية عامة لكل مخلوق بحسب احتياج وظيفته، فالله قد: (أعطى كل شىء خلْقه ثم هدى)، وبالنسبة للإنسان الحرية للاختيار ومعها الفطرة السليمة والعقل المفكر والحواس للتأمل. 

٢. الهداية الدلالية وهى هداية إرشاد وبيان خاصة للمُكلَّفين من خلال إنزال الكتب السماوية وإرسال الرسل والأنبياء: (رُسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حُجة بعد الرسل)، (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً).

٣. الهداية التوفيقية، وهى هداية خاصة لمن اختار طريق الهدى والصلاح واجتهد فى العمل به: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)، (والذين اهتدوا زادهم هدى).