رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يرى البعض أن العلاقات الحميمة مع إسرائيل أو العدائية لها، تدخل فى إطار الدبلوماسية وميزان التفاوض تجنباً لويلات الحروب وزعزعة الاستقرار، من هذه الرؤية يكون الوقوف على أرضية المصالح ومعادلات المكاسب والخسائر هو المعيار الأوحد والأشمل والأدق لتقييم تلك العلاقات، ويكون هذا المعيار أيضاً هو مسار الإجابة عن السؤال: من المنتصر ومن المهزوم؟ وبتغيير صيغة السؤال من مفردات الحرب إلى لغة المصالح يصبح: من الرابح ومن الخاسر؟
وبعيداً عن الإجابات التى تنبع من العاطفة أو تخرج من عقليات تخضع لعملية الخوف أحياناً والرقابة الذاتية أحياناً أخرى، يقول ريتشارد نيكسون «يناير 1913 - أبريل 1994» الرئيس السابع والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية إن ما نفعله خارج جلسات التفاوض لا يقل أهمية عما نفعله داخلها، ومن البديهيات أنك لا تستطيع أن تكسب على مائدة المفاوضات أكبر مما تستطيع أن تكسبه فى ساحات المعارك.
وإذا كانت الاختلافات بين روسيا «الاتحاد السوفيتى سابقاً» والولايات المتحدة لا تندرج كما يقول «نيكسون» تحت بند سوء التفاهم الذى تعالجه مواقف وإجراءات تكتيكية، وإنما هى اختلافات جذرية وأساسية فى العقائد والمصالح والنوايا مما يجعل هذا الصراع مستمراً، فإن هذا المفهوم ينطبق تماماً على العداء بيننا كعرب وبين الكيان المحتل، وزد عليه أن هذا العداء ناتج عن احتلال أرض وإبادة شعب وانتهاك سيادة.
هذه الحالة من الاختلافات الجذرية وضع «نيكسون» ثلاث نقاط أساسية للتعامل معها وهى: الردع والمنافسة والتفاوض، لتصبح تلك النقاط ركائز الإجابة عن السؤال البديهى الذى يدخل فى صيغة الماضى المستمر: ما الذى يجب أن نفعله إذن؟
فى استراتيجية التفاوض يرى «نيكسون» أنه: «سنكون بحاجة إلى تطوير القدرة على وضع مقترحات تحقق أهدافنا وتخلق فى الوقت ذاته ضغوطاً سياسية على السوفيت لقبول شروطنا، ويعنى هذا فى الجوهر تقديم عرض لا يريد الجانب الآخر أن يقبله لكنه يشعر بأنه لا يستطيع أن يرفضه، نحن بحاجة لأن نقدم إلى الكرملين خيارات مصاغة بحيث يؤدى رفضها إلى الإضرار بالاتحاد السوفيتى سياسياً، ولكن قبولها يتعارض مع غرائز موسكو، فإن رفضها زعماء الكرملين نحقق مكسباً فى المنافسة السياسية، وإذا قبلوا ما نعرضه فإننا نحقق أهدافنا».
هذا المبدأ تستخدمه إسرائيل والولايات المتحدة ضدنا لكسب المزيد من الوقت وكغطاء لارتكاب المجازر وعمليات الإبادة فى غزة، فنرى ونسمع عن مبادرات وقف إطلاق النار، والحديث عن هدنة وما يرادفها من مفردات، بل وزد عليه ما ذكره «نيكسون» فى تلك الاستراتيجية بأن يكون أسلوب التفاوض هو التحدث بلين والتصرف بخشونة، بعكس ما يفعل الكثيرون الذين يتحدثون بخشونة ويتصرفون بلين! .. علامة التعجب من عندى.
فهل هذا ما يحدث خلف الكاميرات وداخل الغرف المغلقة؟ فنرى بنود استراتيجية التفاوض السابقة هى ركائز دبلوماسية الإبادة الممنهجة فى غزة، فيتم الحديث عن مفاوضات ومساعدات إنسانية لشعب يموت فى صمت، وأطفال نهشهم الجوع فصاروا هياكل عظمية قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة!  
ونتيجة للفقرات السابقة، هل يمكن أن يقول لنا أحدهم: ما هى مكاسب دبلوماسية السلام مع إسرائيل منذ أن تم زرعها فى الشرق الأوسط؟ هل لدى أحدهم  إجابة غير ارتكاب كل يوم مجزرة، وفى كل بلد مجزرة، وفى كل مدينة مجزرة، وفى كل شارع مجزرة، من جنين وطولكرم ونابلس والجليل والناصرة، إلى حيفا وبلدة الشيخ «تل جنان» ودير ياسين وقرية أبوشوشة، مروراً بالطنطورة والقدس وصبرا وشاتيلا  والمسجد الأقصى ومذبحة الحرم الإبراهيمى، وصولاً إلى مراحل الإبادة الجماعية التى تحدث فى غزة الآن.. من لديه إجابة أخرى فليخبرنا بها؟!
فى النهاية.. نحن نتفاوض على حقن دماء وحماية أرواح والحفاظ على أرض وشعب، ولا بد أن يكون التفاوض على قدر الحدث، وعلينا أن نحدد بوضوح ماذا نريد وما هى التدابير اللازمة لإحداث ضغط سياسى لتحقيق ما نريد، وكما يقول «نيكسون» إن الردع والتنافس والتفاوض كلها عناصر متكافئة الأهمية فى استراتيجيتنا الشاملة للوصول إلى السلام الحقيقى.
الخلاصة.. يعلم الحكام العرب قبل شعوبهم أن إسرائيل هى العدو الأول لنا والخطر الحقيقى علينا، فلا تجعلوا من الدعاء الخيار الأوحد ووسيلة الضغط الوحيدة لإنهاء هذا العدوان على غزة، ربما تحتاجون من تلك الشعوب ما هو أكثر من ذلك فى يوم من الأيام.
وأخيراً.. أتحدث بصيغة الجمع، لأن الخطر واحد وعدونا واحد.

[email protected]