رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أسرار السعادة

نفحات

د. ياسين عثمان طه
د. ياسين عثمان طه

 

 

من أعظم (أسرار السَّعادة) التى يجهلها، أو يغفل عنها، كثيرٌ من الناس: أن تعلم أنه لا يملكُ أحدٌ، كائنًا مَن كان، أن يُلحِقَ بك أيَّ ضررٍ، صغيرٍ أو كبير! لأنَّ الله بحكمته البالغةِ - التى تُبْهِرُ العقول - قد جعل من سنن هذا الكون الذى نعيش فيه (سنَّةً ربَّانية) لا تتخلف أبداً؛ وهى أنَّه لا يتضررَ بالفِعل السَّيِّئ إلا صاحبه. قال ربنا تبارك وتعالى: (ولا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إلّا بِأهْلِهِ) ثم بيَّن - تبارك وتعالى - أنَّ هذه سنَّة ربانيَّة لا تتخلف أبداً وأنَّها الطريقة التى عامل بها كلَّ العباد منذ بدء الخليقة، فقال تعالى عن الذين يمكرون: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلّا سُنَّتَ الأوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) إذاً، فهذه هى (القاعدة): لا يتضرَّر بالمكر السَّـيِّئ إلا صاحبُه وكلَّ مَن أَصَابَهُم شىءٌ مِن (رذاذ) فِعلٍ سيئ فعله غيرهم، فلا يكونُ لهم إلا أذىً فى الظَّاهر، ثم لا يلبثُ أن يكونَ (مِفتاحًا) لأبوابٍ مِن الخيرات لا يُحصيها إلا الله. فلولا مُحاولة إخوةُ يوسف أن يضرُّوه (بالقتل) لَمَا صارَ عزيز مصر، ولو تأملتَ (صلح الحُديبية) وما حصل للمسلمين بسببه من الخيرات والمنافع لرأيت عجباً عُجاباً من حكمة الله ولطفه بعباده الذين (لا يمكرون) ولذلك سمَّى الله تبارك وتعالى صلح الحديبية (فتحاً)، فقال سبحانه وتعالى: (إنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) مع أنَّ ظاهره شروط تعسفية جائرة مُهينة للمسلمين حتى قال بعض كبار الصَّحابة: يا رسول الله! ألسنا على الحق وهم على الباطل؟! علام - إذاً - نعطى الدَّنـيَّـة فى ديننا؟! وعلى هذا، فاعلم أنه لن يفعل أحدٌ من الإنس والجن شيئاً يريد الإضرار بك إلا كان فى نهاية الأمر مفتاحاً لكثير من الخيرات لك. وتأمَّل فى حياتك - بعينِ الحكمة والإيمان - وانظر كم هى الخيرات التى تنعمُ بها اليوم والتى ما كانت لِتَطرُقَ بابَكَ لولا مكرُ مَن مَكَرَ بك من خصومٍ أو أعداء. ومن الأصول التى تتفرع عنها هذه السُّنة الربانية، أن (الأرزاق قد كُتبت)، والأقلام قد رُفِعَت، والصُّحُفُ قد جَفَّت. فالرِّزق الذى كتبه الله لك، سيأتيك لا محالة، وسيأتيك (كاملاً) لا نقص فيه. ولو اجتمع الأنس والجن على عداوتك، وأرادوا أن يمكروا بك ليضرُّوك، أو ليذهبوا بشىء مِن رزقك، (فلن يستطيعوا) ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيرا. قال النبى صلى الله عليه وسلم: «واعلم‏:‏ أنَّ الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشىء، لم ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضرُّوك بشىء، لم يضرُّوك بشىء إلَّا بشىء قد كتبه الله عليك».