رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عميد الإنشاد الدينى تخصص فى غناء قصائد القطب الصوفى «ابن الفارض»

ياسين التهامى.. خادم الأحباب

الشيخ ياسين تهامى
الشيخ ياسين تهامى

تربى فى حلقات الذكر والتصوف.. ونافس الشيخ «التونى» ابن قريته «الحواتكة»

مستشرق ألمانى أفرد فصلاً فى كتابه عن «سلطان المنشدين».. ودراسة كاملة لأمريكى عن أدائه الصوتى

 

يُحيط محبو ياسين التهامى بعددٍ كبيرٍ من الألقاب، فهو عندهم شيخ المنشدين وسلطان المنشدين «كروان الصعيد».. و«بلبل الصعيد» وسفير السماء وهديتها، ورغم امتنانه الشديد لمن يطاردونه بهذه الألقاب، إلا أنه يفضل عليها جميعًا لقبًا واحدًا، لم يطلقه عليه أحد، بل أطلقه هو على نفسه، هذا اللقب هو «خادم الأحباب» فيقول: أنا لست إلا خادمًا لمن يحيطوننى بكل هذه المحبة، فهم من صنعوا ياسين ومنحوه من محبتهم، أعتبر نفسى قدر الله الذى ساقه إليهم، أغازل أرواحهم ويغازلون روحى.. ولذلك فأنا لا أرى نفسى إلا فى خدمتهم.. بهذه المقدمة المقتبسة من أول وأحدث كتاب عن عميد الإنشاد الدينى بعنوان «ياسين التهامى.. أسرار عميد دولة المداحين» لمؤلفه الكاتب والإعلامى الكبير الدكتور محمد الباز نسرد حياة بلبل الصعيد ابن قرية «الحواتكة» فى قلب مركز منفلوط بمحافظة أسيوط.

الشيخ ياسين تهامى حسانين محمد المولود بقرية «الحواتكة» فى مركز منفلوط بمحافظة أسيوط سنة 1949، تلك القرية التى تزخر بالكثير من أضرحة أولياء الله الصالحين، وأهمها ضريح والده الشيخ تهامى حسانين وضريح الشيخ الحلوى والشيخ الريدى والشيخ أبى الحسن المحمدى، وأغلب أهالى القرية يميلون إلى التصوف وحب آل البيت.

محمود التهامي

تربى «التهامى» فى بيت دينى، فكان والده أحد أولياء الله الصالحين، اهتم بالموالد وحلقات الذكر والإنشاد، مما كان له الأثر العميق على ابنه الشيخ «ياسين»، إضافة إلى كون شقيقه الأكبر الشيخ محمود تهامى حسانين خريج كلية أصول الدين 1974 والذى تدرج فى سلك الأوقاف حتى صار مديرًا لأوقاف منفلوط حتى تمت إحالته للمعاش 2011 وهو وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية عن مركز منفلوط والذى يقول عنه الشيخ ياسين «كلنا تحت رايته بعد وفاة والدى» وبهذا نشأ الشيخ ياسين التهامى فى قلب جو دينى وحب وذكر لله عز وجل، فقد كانت تقام ليالى الذكر فى المناسبات الدينية على يد والده، ليدرس بعد ذلك الشيخ ياسين حتى المرحلة الثانوية، وحفظ القرآن الكريم كاملًا، فقد ظلت كلمة والده ما زالت تتردد فى مسامعه «القرآن سر الوصول» وفى عام 1970 بعد أن وصل إلى الصف الثانى الثانوى فى دراسته الأزهرية ترك معهده دون عودة، معللا ذلك بأنها حالة كانت فوق طاقته ليأخذ قراره بترك المعهد، بعدها قرر «عميد المداحين» أن يكون منشدًا فى حب رسول الله وآل البيت الكرام، وكانت نقطة التحول عندما أنشد فى حلقة الذكر التى كان يقيمها والده من كلمات سلطان العاشقين «عمر بن الفارض»، فهو الذى يقول عن «ابن الفارض»: سيدى عمر بن الفارض له مكانة خاصة عندى تزيد على كل السادة الصوفية، فقد تذوقت الشهد بقصائده خاصة «تائيته» المشهورة، بعدها قرر عميد المداحين أن يكون منشدًا فى حب رسول الله وآل البيت الكرام، ليصبح أول منشد فى عائلته، حتى سار على طريقه بعده ثلاثة من أولاده هم محمود نقيب المنشدين ومحمد ومهدى.

مهدى التهامي

نافس «التونى»

لم تكن فى ذلك الوقت أسماء لامعة فى عالم الإنشاد غير الشيخ أحمد التونى ابن قرية الحواتكة أيضاً، لكن كان الإنشاد يستند إلى لحنٍ معينٍ لم يخرج عنه إلا الشيخ ياسين التهامى الذى فضل أن ينتقل بهذا الفن ويرتقى به، ويختار الأصعب من الكلام والقصائد، فهو يحفظ القرآن الكريم الذى مكَّنه من إتقان لغة الضاد، فكان وحده الذى جذب الجمهور إليه بأدائه وأسلوبه وإحساسه العميق ببواطن الكلم، حتى أن جمهوره صار يردد تلك القصائد التى يسمعها من «التهامى» ولو لم يفهم معنى كلماتها لكنه عاش إحساسها، ليصبح عميد الإنشاد الدينى صاحب مدرسة فريدة استطاعت أن ترتقى بالإنشاد من لغة العوام إلى الشعر الفصيح الصوفى لكبار المتصوفة، ورغم أنه لا يخرج كثيرًا عن عيون الشعر الصوفى، إلا أنه ينشد لآخرين لديهم نفس الروح مثل أحمد شوقى وطاهر أبوفاشا وإيليا أبو ماضى، ورابعة العدوية والمتنبى، حتى صار جمهوره يحفظ عبارات وأشعارًا بأكملها لأقطاب الصوفية من كثرة ما صار ينشدها مع الشيخ ياسين التهامى فى حفلاته ولياليه.

ظاهرة فريدة

يبقى ياسين التهامى ظاهرة فريدة متفردة فى عالم الإنشاد الدينى، وقد أنشد فى أكثر من بلد عربى وأجنبى، وحصل على كثير من الجوائز والتكريمات، فقد تردد على بريطانيا أكثر من عشر مرات لإحياء حفلات صوفية عرفت بالمهرجان الصوفى أو الموسيقى الروحية، كما قالت عنه الصحافة الإسبانية «ياسين التهامى ظاهرة الشرق» فقد امتلك مساحة وطاقة صوفية عملاقة، حتى أنها أغرت باحثًا أمريكيًا اسمه «مايكل فروشكوف» بتخصيص دراسةٍ كاملةٍ عن أدائه الصوتى وقالت عنه هيئة الإذاعة: «إنه صاحب صوت إنسانى فضفاض يستوعب أى إنسان على اختلاف لغته وموسيقاه أكبر من الشعر، أيضاً أفرد المستشرق الألمانى «كولن» قسمًا مستقلا فى كتابه عن «الموسيقى الشرقية» للحديث عن «التهامى» باعتبار أنه مرتجل لنغم صوفى جديد دون تعليم أو دراسة أكاديمية، كما نسبت إليه رسالة ماجستير فى كلية اللغة العربية جامعة الأزهر عن الشعر الصوفى الذى يعشقه قال: «تزين ألفاظه معانيه.. وألفاظه زائنات المعانى».

درج «التهامى» على إحياء ذكرى موالد آل بيت رسول الله والأولياء الصالحين والعلماء.

ياسين التهامى لخَّص حالته فى تعبير صدر بلسانه فى حوار مع جريدة «الوفد» فى سبتمبر 2008، حيث قال عن تجربته مع الإنشاد: «أنا لم أعمل أى شىء على مدار تاريخى، أنا عبارة عن قدر ساقه الله للبشر، وأسأل الله أن أكون قدر خير، بل إن كل ما أقوله فيه موهبة ومنن من الله وليس مكتسبًا، لأننى لم أضف لهذا الشىء شيئًا، ولكن الإنشاد أضاف للفقير وجعل له اسمًا.

سيظل سلطان المداحين الشيخ ياسين التهامى مدرسة خاصة فى عالم الإنشاد لما يتمتع به من أسلوب عذب وإحساس يجعلك تعيش حالة من الوجد الذى يبلغ ذروته حينما يتفاعل معه كل مستمعيه، وهم يتمايلون معه فى نشوة بالغة يرددون كلمات الشعر الصوفى التى تنساب على لسان «التهامى» حتى وإن لم يكونوا يفهمون معناه لكنهم يعيشون إحساسه.