رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى الخميس الأخير من شهر فبراير الماضى كتبت هُنا فى المكان ذاته مقالا بعنوان «أهلا وسهلا بالاستثمار الأجنبي» أبديت فيه سعادتى كمصرى مهتم بشئون الاستثمار والاقتصاد بمشروع رأس الحكمة وما يحمله من عائدات ومكاسب لمصر.
وأتذكر أننى عددت إيجابيات المشروع وقلت إنها لا تتضمن فقط تدفق 24 مليار دولار سيولة من النقد الأجنبى لمصر، فضلا عن احتفاظ البنك المركزى المصرى بأحد عشر مليار دولارا قيمة الوديعة الإماراتية فى البنك المركزى مقابل سدادها بالجنيه المصري. وقلت إن أحد مكاسب المشروع الهامة هو تقديم قصة نجاح فى مجال الاستثمار الأجنبي، واستعادة الثقة المفقودة بين الحكومة والقطاع الخاص فى المشروعات الجديدة.
وبالفعل فقد نجح المشروع العظيم وما صاحبه من تدفق استثمارى كبير فى القضاء على السوق السوداء للعملة الصعبة، وساهم فى الافراج عن كثير من السلع المحتجزة فى المواني، وحقق حالة من الانتعاش والاطمئنان فى الأسواق، كما أدى إلى تحسين التصنيف الائتمانى لمصر من سلبى إلى إيجابي.
ومع السعادة البالغة لكل ما تحقق بفضل مشروع رأس الحكمة، فإنه ينبغى ألا ننسى أننا مازلنا نواجه مشاكل اقتصادية عظيمة، وأنه لا ينبغى علينا التراخى فى مواجهتها والاستفادة مما حدث فى تصحيح مسار السياسات الاقتصادية.
وأول الطريق هنا يتمثل فى تهيئة مناخ الاستثمار أمام الاستثمارات الخاصة، وإزالة كافة العوائق التى تحد من تدفقها سواء على مستوى السياسات أو على مستوى المؤسسات. وأقول لكم إننا يجب أن نضع هدفا واضحا ومحددا عنوانه الرئيسى هو توسيع قاعدة الملكية الخاصة بصورة جدية. وإذا أردنا التفصيل، فإننا فى حاجة لاقامة مشروعات تشغيلية كثيرة، مع تقليل الانفاق العام على مشروعات البنية التحتية، ولقد أثبتت التجارب العملية أن القطاع الخاص هو الأكفأ والأرشد والأنجح فى تنفيذ وإدارة هذه المشروعات. لذا فإن علينا أن نفكر فى مفاهيم مُهمة مثل: الاستثمار من أجل التشغيل، والاستثمار من أجل التنمية المستدامة، والاستثمار من أجل العدالة الاجتماعية.
وأتصور أن البيروقراطية المصرية العتيدة والراسخة تقف موقفا صعبا، ربما بحكم الاعتياد أو بميراث الحقبة الاشتراكية، تجاه الاستثمارات الخاصة، وهى للأسف الشديد مسؤولة مسئولية كبيرة عن مشكلات الاقتصاد الآنية.
ومع ارتفاع معدلات التضخم، ومع النمو السكانى المُطرد، فإننا على يقين من أن الدولة غير قادرة وحدها على الحد من البطالة، وهو ما يُعيدنا إلى أصل القضية وهى توسيع الملكية الخاصة، وتنمية الاستثمارات الخاصة، وتحفيزها وتشجيعها وتوفير البيئة المناسبة لتوسعها.
لقد ارتفعت فاتورة الديون الخارجية بصورة كبيرة نتيجة توسع الحكومة فى الإنفاق العام، وقيادة الاستثمارات خلال السنوات الماضية نتيجة ظروف دولية وإقليمية، وبسبب تراجع القطاع الخاص عن الاستثمار، وآن الأوان لاستعادة دور القطاع الخاص مرة أخرى، وتوجيهه لقطاعات تشغيلية تحتاج إليها مصر كثيرا. 
وكما قلت مرارا ومازلت أؤمن به فإنه لا مجال أبدا للوصول إلى أى تنمية حقيقية مستدامة أو عدالة اجتماعية أو نهضة صناعية كبرى بدون قطاع خاص قوي. وهذا هو ما يجب تخطيطه والسعى لتحقيقه بصورة جذرية وعاجلة.

وسلامٌ على الأمة المصرية