عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 يقولون إن شيئين يُباح فيهما كل شيء، الحُب والحرب! في إشارة إلى إباحة توظيف كافة السبل الناعمة والخشنة للهجوم والدفاع في حالات الحرب، كونها حالة مرتبطة بالوجود ذاته، إما أكون أو لا أكون، وقد رأينا في التاريخ كيف وُظفت وسائل الإعلام على اختلاف مستوياتها لحشد الجبهة الداخلية من ناحية، وللتأثير على جبهة العدو عبر حرب نفسية ودعائية تعددت ألوانها. ويبقى السؤال الرئيس: هل إعلام الحرب فعلًا يحل فيه ما لا يحل في غيره؟، هل ظروف الحرب تبيح الخروج عن القواعد وما يُطلق عليه "أخلاقيات العمل الإعلامي"؟ هل لإعلام الحروب شريعته الخاصة؟ في الواقع إن الحروب والصراعات هي أدرينالين الإعلام، فكل ما يرتبط بالحياة والأمن يأتي في مقدمة أولويات الجمهور، ومن ثم فإن الحروب تجعل متابعة الإعلام شبه حتمية، وتجعل كل ما يصدر عنه مهمًا للجمهور، فليس هناك ما هو أغلى من الحياة وما يتعلق بالمصير، وقد كُتب لشبكات إخبارية ميلاد جديد مع تغطيتها لحرب من الحروب، كما في حالة شبكة CNN في حرب الخليج عام 1991 وما تلاها. الواقع أن العمل الإعلامي يقوم على تحقيق غايات وظيفية تتفاوت في أولوياتها وفقًا لطبيعة الظروف والمتغيرات في الدول والمجتمعات، تلك الوظائف وإن علت فإنها مبنية على قاعدة المسؤولية الاجتماعية، وإلا فنحن أمام بناء هش يرتفع عاليًا ثم تذروه الرياح مع أول اختبار. فلم يعد الإعلام قادرًا على الحشد بالطرق التقليدية في ظل إتاحة وصول الأفراد لمصادر المعلومات بضغطة زر، ومعها تلاشى تأثير الرواية الواحدة، حتى الحشد أصبح أكثر صعوبة، أو دعنا نقول يحتاج إلى جهد أكثر تعقيدًا مما كان سابقًا قبل انتشار المنصات الرقمية وإعلام المواطن. الآن يتابع مستخدمو المنصات الرقمية حسابات المصورين من أرض المعركة، يشاهدون تفاصيل ما يحدث كأنهم هناك، يسمعون القصص تُروى وفي خلفيتها دوي الطائرات تحلق في السماء، لا شيء سوى الدمار، فويلات الحروب تصيب حتى المنتصر، فالسياسيون يقولون إن الحرب هي وسيلة أخيرة للتفاوض، ولا يمكن أن تكون غاية في ذاتها، لأن الجميع في الحرب يخسر بنسب متفاوتة. نعود للسؤال المحوري، أين يقف الإعلام في ساحة الحروب؟ الإجابة على هذا السؤال تقتضي الوقوف على المقصود بمصطلح "الإعلام"، هل هو الإعلام كما في الأدبيات والممارسات المُثلى؟ أم ما نرصده في الواقع من خروج معظم وسائل الإعلام عن خط المبادئ الأساسية له، والمبني على توعية الجمهور وإحاطتهم بما يجري دون حسابات المصالح والخضوع لسطوة المال والنفوذ، الإعلام الذي يعمل لصالح المجتمع لا ضد المجتمع، لقد بات الميزان الإعلامي مختلًا لدرجة كبيرة، ولا أستثني الكيانات الإعلامية الضخمة، فكما تعلمنا من أستاذتنا أنه لا يوجد إعلام لوجه الله. ويمتد الخط على استقامته بالنسبة لمنصات التواصل الاجتماعي، فهي مع حرية الرأي والتعبير إلى الحد الذي فيه تعارض مع أجندتهم غير المعلنة، كل يوم نرى حظرًا أو تضييقًا على نشر محتوى داعم لحق شعب يُباد، ودعمًا لمحتوى يحض على الكراهية، ليس المهم هو طبيعة المحتوى، المهم هو صادر مِن مَن؟ وضد مَن؟ فكل شيء يجوز ولا يجوز في لغة المصالح! والحروب هي التعبير الفج عن المصالح، بل هي التعبير على المكشوف! وللحديث بقية.