رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

أول استجواب فى الحياة النيابية فى مصر تقدم به النائب موسى فؤاد باشا، فى 29 أبريل عام 1924، فى عهد الملك فؤاد الأول، حيث وجهه لوزير المالية لمساءلته عن أمور تتعلق بإنفاق الحكومة فى السودان وتمت مناقشته فى الجلسة الـ16 لمجلس الشيوخ، التى عُقدت علناً يوم الاثنين 12 مايو 1924، ودارت علامات استفهام فى هذا الاستجواب حول معرفة مقدار المبالغ التى دفعتها الخزانة المصرية لسد عجز ميزانية نظيرتها السودانية التى تشكلت فى 1891، وكيفية تنازل الحكومة المصرية للسودان عن السكك الحديدية التى أنشأها الجيش المصرى هناك، حال استرداد السودان لها، وكذلك مصلحة الوابورات النيلية بمحتوياتها من ورش وابورات وصنادل ومراكب شراعية وما إذا كان قدر لمحتويات هاتين المصلحتين ثمن عند التنازل.
كما ضم الاستجواب تساؤلاً حول مقدار المبالغ المنفقة من الخزانة المصرية على إنشاء ميناء بورسودان ومبانيه، ومقدار دين الحكومة المصرية على نظيرتها السودانية، وهل هناك فائدة سنوية لهذا الدين، وما إذا كان للحكومة المصرية حق الرقابة على مالية حكومة السودان، ومقدار المبالغ التنى أنفقت على عمارة مدينة الخرطوم بعد إعادة فتحها وتجديد مبانٍ كثيرة فيها، والتى أجرتها حكومة السودان فيما بعد لساكنيها، وتستولى على إيراداتها لخزانتها، والسبب فى وضع يد الحكومة السودانية عليها؟ وهل تنازلت لها الحكومة؟
وجاء رد وزير المالية على الاستجواب: «إن المبالغ التى دفعتها الخزانة المصرية لسد عجز ميزانية الحكومية السودانية مبينة سنويا فى حساب الحكومة المصرية الختامى فى جدول خاص، وتم صرف الإعانة بدءاً من سنة 1899 إلى 1912، وبلغ المجموع المنصرف نحو 5 ملايين و353 ألفاً و215 جنيهاً مصرياً إلى أن توقفت الإعانة، ونفى الوزير أن تكون الحكومة تنازلت عن السكك الحديدية أو الورش أو الصنادل والوابورات النيلية، وقال: «إنه لا يوجد أمر عالٍ ولا قرار وزارى يقضى بذلك، وما دفعته الخزانة فى هذه المرافق دين على السودان». كما فصل بنود إنفاق مصر الخاصة بميناء بورسودان، وأحال الرد على حساب التجريدات إلى وزارة الحربية.
من المقومات الأساسية فى نظام الحكم أن القائمين على السلطة التنفيذية يكونون خاضعين فى استعمالهم لسلطاتهم وصلاحياتهم سواء من الناحية السياسية أو العامة أو من ناحية المصالح الفردية لرقابة السلطة التشريعية، ومن أساليب هذه الرقابة الاستجواب البرلمانى، وهو يفوق الوسائل الدستورية الأخرى كالسؤال ولجان التحقيق خطورة، وهو من الوسائل التى نص عليها الدستور لإحداث التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما أنها فى الوقت ذاته طريقة من طرق الرقابة التى رسمها الدستور، ومن بين الدساتير التى نظمت الاستجواب واعتبرته إحدى أهم أدوات الرقابة البرلمانية، الدستور المصرى، ويحق للعضو فى البرلمان بمقتضى حق الاستجواب أن يطلب من الوزير أو الوزارة البيانات عن السياسة العامة للدولة وسياسة الوزير فى تسيير شئون وزارته، وهو من أخطر أدوات الرقابة كونه قد يؤدى إلى حجب الثقة عن الوزير أو الوزارة، ونظراً لأهمية حق الاستجواب عرف المشرع المصرى الاستجواب بأنه اتهام للوزير الموجه إليه، وتبدأ رحلة الاستجواب بتقديم طلب الاستجواب ومن ثم إدراجه فى جدول الأعمال وتحديد موعد لمناقشته بعد إرفاق مذكرة شارحة بالاستجواب تتضمن بياناً بالأمور المستجوب عنها والوقائع والنقاط الرئيسية التى يدور الاستجواب حولها، والمخالفة المنسوبة للوزير، وما يراه من أسانيد تؤيد طلبه ولا يجوز احتواء الاستجواب على أمور مخالفة للدستور أو القانون أو عبارات غير لائقة أو أن يكون متعلقاً بأمور لا تدخل فى اختصاص الحكومة أو أن يكون فى تقديمه مصلحة خاصة أو شخصية للمستجوب.
إن الاستجواب من الامتيازات المهمة التى تملكها السلطة التشريعية فى مواجهة السلطة التنفيذية، ولنا أن نفخر بأن البرلمان المصرى من أقدم البرلمانات فى المنطقة والأول فى أفريقيا والشرق الأوسط بداية من مجلس شورى النواب عام 1866.