رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حالة انفصال كل دقيقتين

الطلاق المبكر.. نهاية مأساوية لسنة أولى زواج

بوابة الوفد الإلكترونية

تعتبر الأشهر الأولى للزواج هى المحك الحقيقى، والفترة الأخطر فى عمر العلاقة الزوجية، فهى الفيصل بين حياة وردية ساحرة، أثناء فترة الخطوبة، وأخرى تشوبها التحديات والمسئوليات بعد الزواج.

كشفت أرقام الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، زيادة هائلة فى عدد حالات الطلاق فى مصر، خلال 2021، مقارنة بالعام الذى سبقه 2020، بلغت نسبتها 14.7%، مسجلة ارتفاعًا وصل إلى 254 ألفًا و777 حالة، مقابل عدد حالات الطلاق المسجلة فى 2020 والتى بلغت 222 ألفًا و39 حالة.

وأشارت تقارير إلى أن هذه الأرقام تعنى وقوع حالة طلاق كل دقيقتين فى مصر، بينما تقع 28 حالة طلاق كل ساعة، وأكتر من 20 ألف حالة فى الشهر، ووفقًا للأرقام المعلنة فإن 12% من حالات الطلاق وقعت فى السنة الأولى من الزواج، بينما وقعت 9% منها فى السنة الثانية، و6.5% منها خلال السنة الثالثة.

وفى الآونة الأخيرة تزايدت معدلات الطلاق بين حديثى الزواج، وهى فئة من المفترض أن تبدأ حياتها بإنشاء أسرة وإنجاب أولاد، ولكنها تتحطم على صخرة الواقع، إما بغياب الحب أو بسبب قسوة الظروف الاقتصادية.

توجد العديد من الزيجات بالكاد مر عليها 3 سنوات وأخرى اكتفت بعام واحد، ومنها استمر لبضعة أشهر، وبعضها انتهى أثناء شهر العسل، أو بعده ببضعة أيام.

هذا الملف يرصد هذه الظاهرة من كل زواياها، ويستعرض ملامح من حياة فتيات حديثات الزواج ينتظرن الفصل فى دعاوى «خلع وطلاق» بمحاكم الأسرة رافعات شعار «انفصال خيرٌ من طلاق صامت».

 

«مرفت» و«ضحى» و«جيهان».. ثلاث حكايات حزينة

«3 شهور كانت كفيلة بهروبى من منزل الزوجية».. بهذه الكلمات بدأت «مرفت. ن» سرد حكايتها التى تشهد تفاصيل قصة حب 5 سنوات ذرفتْ عليه الدموع وهى عروس لا تزال نقوش الحنة مطبوعة على يدها.

روت صاحبة الـ26 ربيعًا قصتها قائلة: «فى بادئ الأمر كانت حياتنا هادئة، لا يعكر صفوها شىء كنا زوجين سعيدين متوافقين بشهادة الجميع منذ أيام الجامعة، لا شائبة تُذكر، حتى انغلق علينا باب واحد، وصُدمت بضعف شخصية زوجى أمام حماتى، فقررت أن أفلت بجلدى من تحكماتها وغيرتها التى قلبت حياتى رأسًا على عقب، وحوَّلتها إلى جحيم لا يُطاق.

«حماتى خربت حياتى».. كشفت الشابة الحسناء الستار عن تفاصيل معاملة حماتها السيئة قائلة: «منذ اليوم الأول لزواجى وحماتى تعتبرنى عدوة لها، البيت أشبه بساحة الحرب، صرحت لى أكثر من مرة بعدم رضاها عن زواجى بابنها، إلى أن اكتشفت تعلقها الزائد عن الحد بابنها، فلم تتصور يومًا أن يفارق حضنها أو تشاركها فيه امرأة أخرى غيرها، وليظل بجوارها وتحت سيطرتها، اشترطت أن نقيم معها فى بيتها، ولأننى كنت أحبه وافقت على هذا الوضع، وتوهمت أن الأوضاع ستستقر فيما بعد، وأن معاملتى الحسنة لها ستمحو فكرها الخاطئ، وتطفئ نار غيرتها، لكنى أخطأت فى ظنى وجلّ من لا يُخطئ».

بقلبٍ مكلومٍ لا يملك سوى قصةِ وجعٍ وشلالِ دموعٍ تابعت: «لم تكف حماتى عن تدبير المكائد لى، وبخ سمومها فى عقل زوجى وتحريضه على إهانتى وضربى، ولم أسلم من لسانها السليط فى حضرة زوجى الذى لم يكن يقوى على التفوُّه بكلمة أمامها، طلبت الطلاق، فاشترط زوجى أن أتنازل عن حقوقى الشرعية كافة، وبالفعل انفصلنا بعد 3 أشهر فقط، وبعد أشهر عدة وضعت ابنى، فامتنع عن إرسال النفقات إليه، لجأت لمحكمة الأسرة بمصر الجديدة، ورفعت قضية نفقة الإهمال والجفاء.. طلاق صامت يسكن العلاقة».

«زوجى غنى المال فقير المشاعر».. بتلك الكلمات وصفت «ضحى» زوجها أثناء سعيها داخل أروقة محكمة أسرة مدينة نصر لإنهاء إجراءات قضية الخلع التى رفعتها ضده بسبب إهماله لها الزائد عن الحد.

قالت ضحى: «حلم حياتى أن أتزوج رجلًا يذيقنى حلاوة العشق، وأعيش معه قصة حب كتلك التى كنت أقرأ عنها فى الروايات، وعندما صادفته فى إحدى المناسبات ظننته فتى أحلامى، كان وسيمًا ورقيقًا، كلامه منمق وموزون بميزان العقل، وعندما عرض علىّ الزواج قبلت دون تردد، ولم أُمهل نفسى فرصة كافية حتى أتعرف على طباعه وأدرسها جيدًا، لكن كيف كان لى أن أرفض عريسًا بتلك المواصفات التى تحلُم بها أيَّة فتاة، فهو تاجر ميسور الحال، سيجعلنى ملكة متوجة».

اختتمت الزوجة الشابة حديثها: «لم تمر سوى أشهر معدودة حتى تمت الزيجة، وما إن أغلق علينا باب واحد حتى أدركت أن حساباتى كلها كانت خاطئة، بدأت أصطدم بطباع زوجى وحديثه الذى لا يخلو من الأموال والعقارات وأرصدة البنوك، وبت أقضى معظم أوقاتى وحيدة منفردة وسط همومى أحترق بنار الوحدة، أتشوق إلى سماع كلمة منه أشعر بها أننى فى صدارة اهتماماته، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، كان غارقًا طوال الوقت بين أوراقه وأعماله، حاولت كثيرًا أن ألفت انتباهه لمعاناتى، وأخبرته مرارًا وتكرارًا بأن المال ليس كل شىء، ولا يمكننا شراء السعادة وراحة البال، ولكنه صم آذانه عنى واتهمنى بالسذاجة والحمق، حينها أيقنت أن الجفاء راسخ فى قلبه طرقت أبواب محكمة الأسرة طالبة تطليقى منه طلقة بائنة للخلع، فلن أترك حق الرضيع الذى لا ذنب له سوى أننى أسأت اختيار والده».

«كنت آخر من يعلم بمرض زوجى النفسى».. صرخت «جيهان. م» بتلك الكلمات أمام قاعات جلسات محكمة الأسرة، فى انتظار الإذن لها بالمثول أمام القاضى حتى يفصل فى دعوى الطلاق للضرر التى رفعتها ضد زوجها.

سردت الزوجة الشابة قصتها قائلة: «بعد أشهر من زواجى اكتشفت أن زوجى يبتلع أقراصًا مجهولة سرًا، ثم يخفيها سريعًا حتى لا أعلم بحقيقة مرضه النفسى، والنوبات التى تصيبه بين الحين والآخر.. حتى جاء اليوم الذى غفل فيه عن تناول جرعته المعتادة، وبدون أية مقدمات فُوجئت به ينهال عليَّ بالضرب، ويوجِّه اللكمات والصفعات إلى وجهى، ويقذفنى بسيل من الشتائم، ولولا تدخل الجيران لبِتّ تلك الليلة فى قبرى، فتركته وذهبت إلى بيت أسرتى واستغثت بهم، وترجيتهم أن أنفصل عنه قبل أن أصاب أنا أيضًا بالجنون، أو يطرحنى قتيلة، وسردت لهم ما صدر منه، وتصرفاته الغريبة وأفعاله المشينة، فطلبوا منى أن أعود إليه وأصبر عليه».

واصلت ذات الـ25 عامًا حديثها مضيفة: «اسودت الحياة فى عينى فكيف لى أن أعيش مع رجل مصاب فى عقله مصاب، وارد أن يصيبنى بمكروه فى أى وقت، وتحت تأثير إحباطى عدت إلى زوجى مرة أخرى، وحدَّثت نفسى بأننى فى كلتا الحالتين ميِّتة، ومرت الأيام وأنجبت بنتا، وصار كل هدفى فى الحياة أن أربِّيها جيدًا، وفى كل ليلة أصبِّر نفسى على حالة زوجى التى كانت تزداد سوءًا كل يوم من أجلها، وفى آخر مرة لنا معًا حاول خنقى بعد وصلة ضرب مبرحة، حينها أيقنت أننى يجب أن أنجو بنفسى وطفلتى، وأفعل المستحيل كى أتخلص من العيش معه، فلجأت إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية، ولكن فشل فى حل النزاع وديًّا فأقمت دعوى طلاق لأتحرر وابنتى من سجن الجنون مع زوجى».

 

المغالاة فى تكاليف الزواج و«الدراما» وراء الظاهرة

الدكتورة أمل شمس أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس

حالات الطلاق فى مصر عالية قياسًا بالمعدلات العالمية. أعلى معدلات الطلاق تبدأ فى السنة الأولى وتقل فى السنتين التاليتين، وتقل أكثر فى الخمس سنوات التالية، وهذا هو المعدل التاريخى فى المجتمع المصرى.

الدكتورة أمل شمس أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، ترجع حدوث الطلاق بين المتزوجين حديثًا إلى أسباب عدة، اقتصادية واجتماعية وتكنولوجية، فالمغالاة فى المطالب تقصم ظهر الشباب وقد تكون على سبيل الترفيه ليس إلا، فيدخل الشاب حياة جديدة مثقلًا بمشاكل اقتصادية كبيرة، كما أن الزوجة تعايش وجه الحياة الحقيقى والذى يخالف توقعاتها وآمالها فى الزواج، فمن هنا تجد المشكلات متنفسها وخصوصًا لو تدخل الأهل وكانوا «صقورًا» وليسوا «حمامة سلام» بين الزوجين، والأسباب الاجتماعية قد تكون داخل الأسرة أو خارجها، إذ يتزوج أحد الطرفين بغير رضا الآخر، فيكون كل منهما مجبرًا على العيش مع الآخر، فأى مشكلة تحدث يضخمها الطرف المجبر على الزواج، وتبدأ عملية شحن نفسى بين الطرفين، ومن هنا تولد الخلافات.

وحول دور وسائل الإعلام فى مواجهة الظاهرة قالت أستاذ علم الاجتماع إن هناك نوعين من الإعلام، نوع تقليدى معروف كالتلفزيون والإذاعة والجرائد الرسمية، وآخر غير تقليدى مثل «السوشيال ميديا» والقنوات الخاصة، فالدراما تسلط الضوء على المتزوجين حديثًا، ففى مرحلة الخطبة حيث تبادل الهدايا القيمة، وبعد الزواج يعيشان فى قصر، فتبدأ المقارنات، وآخر رأى فى مسلسل أهل زوجته ساعدوه فتنشأ المقارنات، بدءًا من مقارنة الزوج زوجته بالممثلات واهتمامهن بأنفسهن وبأزواجهن، وتبدأ مرحلة «تصديق الدراما»، لدرجة المقارنة بين خيال الدراما والواقع المعاش.

وأضافت أنه لمنصات التواصل الاجتماعى دور كبير فى تفاقم الظاهرة، على سبيل المثال محادثة قديمة لزميل جامعة تطورت لعلاقة اكتشفها الزوج انتهت بواقعة مأسوية، والجرائم المقروءة والمسموعة حاليًا تثبت صحة ذلك، ربما يكون ذلك نتيجة عدم نضج الطرفين أو ضعف التوعية بدور «السوشيال ميديا» والانجراف لها باعتبارها عالمًا افتراضيًا جميلًا يحقق الأمنيات.

مشكلة أخرى تناولتها الدكتورة أمل شمس، وهى مشكلة الزواج المبكر دون السن القانونية، واصفة إياها بأنها مشكلة كارثية، خصوصًا أن عقد القران عند المأذون مرتبط بزمن، فيضطر الأهالى إلى التحايل على القانون بعقد عرفى، وفى حالة إنجاب طفل قبل السن القانونية أمر كارثى وخطير، فهناك أزواج ينكرون نسب الطفل بذنب الخلافات، فله محاذير قانونية من الممكن أن تهدر حق الزوجة، كما شددت على أن الزواج مشروع يحتاج لدراسة جدوى اجتماعية واقتصادية وخطة زمنية.

 

نقيب المأذونين: زوجت عروسين عصراً.. وطلقتهما قبل المغرب!

إبراهيم على سليم منتصر- رئيس صندوق المأذونين 

أرجع إبراهيم على سليم منتصر- رئيس صندوق المأذونين الشرعيين والموثقين- ظاهرة الطلاق المبكر إلى عدم فهم كل طرف لطبيعة الطرف الثانى، قائلًا إن الزواج مسئولية مشتركة، كما أن الأحلام والطموحات فى أيام الخطوبة تختلف تمامًا وقد تصطدم مع أرض الواقع والمسئوليات الملقاة على عاتق الطرفين، فالزوج يعمل ليلًا ونهارًا من أجل توفير معيشة كريمة لزوجته، فى الوقت ذاته تفاجأ الزوجة بأن هناك أعباء منزلية ملقاة على عاتقها، وتجد أحلامها الوردية هباءً، فكانت تعتقد أن الزواج عبارة عن «فسح وخروجات ومطاعم».. وتصطدم بالأعباء المادية التى تعكر صفو حياتهما، فالزوج يكون محملًا بالأعباء المادية من بادئ الأمر، من توفير شقة وتجهيزها على أكمل وجه، وشراء شبكة، وفرح، وكذلك الفتاة فيحمل ولى أمرها بأعباء مادية فى تجهيزها وخصوصًا فى القرى، وتلك الأعباء تحاصر الطرفين حتى بعد الزواج، فيكون الزوج ملزمًا بسداد مديونياته من أقساط وجمعيات، ويكون مكلفًا أيضًا بتلبية احتياجات زوجته، وهذا سبب رئيسى من أسباب الطلاق وخصوصًا فى السنوات أو الشهور الأولى من الزواج.

وتابع رئيس صندوق المأذونين الشرعيين والموثقين أن تدخل الحموات سواء كان للزوج أو الزوجة وحدوث صدام بينهما من الممكن أن يؤدى إلى الانفصال سريعًا، وكذلك من المحتمل ظهور صفات كانت مخفاة فى فترة الخطوبة مثل أن يكون الزوج مدمنًا للمخدرات أو لأمور سيئة كل هذا قد يؤدى بدوره إلى الطلاق المبكر، مؤكدًا أنها ظاهرة غير مستحدثة فهى موجودة من فترة كبيرة ولكنها زادت فى الآونة الأخيرة، ووفقًا للإحصائيات فإن كثيرًا من حالات الطلاق تحدث فى السنوات الثلاث الأولى للزواج، وأرجع ذلك إلى الظروف الاقتصادية، و«السوشيال ميديا» والتفاعل معها وطموحات الفتيات مقارنة بحياة «البلوجر» والمشاهير، منوهًا بأنه يجب نشر ثقافة التيسير فى الزواج، وعدم المغالاة فى التكاليف والمهور، فقد قال النبى – صلى الله عليه وسلم: «أيسرهن مهرًا أكثرهن بركة».

وعن وقائع حالات الطلاق المبكر الغريبة والسريعة، التى شهدها رئيس صندوق المأذونين الشرعيين والموثقين، خلال فترة عمله كمأذون قرابة 25 عامًا، قال: «اليوم لم أعد أرى أى حالة طلاق غريبة على الإطلاق، فكل الحلات مشابهة فى نظرى، كلها حدثت وتكررت ولا تزال تتكرر، ولكنى أتذكر ذات مرة أننى عقدت قران زوجين بعد صلاة العصر، وحدث الطلاق قبل مغرب اليوم نفسه، والسبب فى ذلك كان خلاف على أولوية توزيع المشروبات الغازية على المدعوين، فحدثت مشاداة كلامية بين أهل الزوج والزوجة تطورت لمشاجرة، ما تسبب فى حدوث الطلاق، وأشار إلى أنه صادفه الكثير من الحلات التى انفصل فيها الزوجان فى أول شهور الزواج، والتى منها الضعف الجنسى أو اكتشاف الزوجة لإدمان زوجها للمخدرات وتدخل الأهل فى تفاصيل الحياة الزوجية الخاصة بالزوجين وغيرها من الأسباب، كما أنه من الوارد أن يطلق الزوج زوجته غيابيًا إذا كان متزوجًا عليها حال كونه غير قادر على التوفيق بين البيتين وحال علم الزوجة الأولى بفعلته هذا فمن هنا يلجأ للطلاق الغيابى فى أول سنوات الزواج».

 

الطرف الثالث و«السوشيال ميديا».. وراء تخريب العلاقات الزوجية

 

الدكتورة أميرة حسن معالج إكلينيكى 

الدكتورة أميرة حسن، معالج إكلينيكى واستشارى أسرى وتربوى، تطرقت إلى مشكلة الطلاق المبكر، قائلة إنها من أهم المشكلات الاجتماعية فى المجتمع المصرى حاليًا، وهى حالة ناتجة عن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتطور التكنولوجى الحديث، وبناءً على التقرير الأخير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء حول ارتفاع معدلات الطلاق فى مصر بشكل غير مسبوق التى وصلت إلى حالة طلاق كل دقيقتين، و١٢% من حالات الطلاق فى السنة الأولى من الزواج، هو ما يجعلنا أمام مشكلة ملموسة تحتاج الحراك السريع.

 وكشفت الاستشارى الأسرى والتربوى عن تحليلها لأسباب الطلاق فى السنة الأولى، قائلة إن من أهم أسباب الطلاق المبكر غياب الرؤية الواضحة لسبب الزواج، حيث لا يوجد نية أو هدف واضح يحتاج لتحقيقه من خلال الزواج مثل هدف بناء أسرة سعيدة مستقرة، تحقيق التكامل والسعادة مع شريك الحياة، إنجاب أطفال وتربيتهم وتنشئتهم بطريقة سليمة.. أيضًا غياب الرؤية والنية والهدف عن منظومة الزواج يجعلها هشة؛ لأن فى الغالب يكون الطرفان غير مدركين لاحتياجاتهما.

وأشارت الدكتورة أميرة حسن، إلى الأسباب الشهيرة للطلاق المبكر، وهى تدخلات الأهل سواء بنية الإصلاح أو النصح والإرشاد، وفى أغلب الأحيان وجود طرف ثالث فى العلاقة يساعد على إفسادها، لذلك يجب تعلم فض الخلاف وإدارة الضغوط وعند الاحتياج للمشورة يجب أن يكون من متخصص للإرشاد الزواجى أو شخص ذى حكمة ونضج للتأكد من معرفته بإدارة المشكلات، وقد يكون عامل السن أيضًا ومستوى التعليم أحد أسباب الطلاق المبكر لعدم وجود الخبرة الكافية لإنشاء أسرة صحية سليمة.

وأضافت أنه يجب معرفة الهدف الأساسى من فترة الخطوبة؟.. وما هى احتياجاتهم النفسية؟.. وما هى متطلباتهم من الزواج؟.. وما هى واجباتك تجاه شريك حياتك؟.. وما هى حدود دورى كزوج وأيضًا كزوجة؟.. وما مدى قدرتى على تقبل الاختلافات وتقبل الآخر بدون هدف تغييره؟.. وكذلك التعرف على نقاط قوتى وضعفى والعمل مع شريك حياتى على تطويرها.

واستطردت «حسن»: لا نغفل طبعًا دور الإعلام و«السوشيال ميديا» وتناولهم للظاهرة سواء بالسلب أو الإيجاب، فالدور الإيجابى الفعال فى نشر الوعى وزيادة المعرفة وعمل المحاضرات والندوات التعريفية بمعنى وأهمية الزواج وذلك للمقبلين على الزواج من الشباب، ولكن للأسف هناك أيضًا الكثير من التأثر بالأفكار السلبية ودس الأفكار المغلوطة البعيدة كل البعد عن الواقع الحقيقى، فمن وجهة نظرى أن أخطرهم على الإطلاق هى فكرة التخلى السريع دون المعافرة ومحاولة التغيير لإصدار الأحكام السريعة على العلاقات (علاقة مؤذية، سامة، غير مُرضية) دون أخذ الفرص لمحاولة الفهم والإصلاح قبل إصدار الحكم، هذا غير وضع مقاييس للحب ومفاهيم الاهتمام والعطاء ومحاكاتها بالمظاهر والماديات فقط، مما يجعل كثيراً من الشباب مقياسه فى اختيار شريك حياته أمثلة ونماذج خيالية مستوحاة من السوشيال ميديا وما يطرح عليها.

وأخيرًا أشارت الاستشارى الأسرى والتربوى إلى ضرورة زيادة الوعى والمعرفة وإنشاء برامج التدريب للمقبلين على الزواج وعمل الورش للمتزوجين لتصحيح المفاهيم وإدارة الخلافات وتعلم مهارات التواصل، واعتبار التطوير هو الأساس سواء التطوير الذاتى بحيث أخرج بأحسن صورة منى أو أعمل على تطوير العلاقة نفسها بالمشاركة مع شريك حياتى.

الدكتورة دعاء فهمى أخصائى العلاج النفسى

التقطت أطراف الحديث الدكتورة دعاء فهمى، أخصائى العلاج النفسى، والتى أفادت بأن التضارب الفكرى والاجتماعى والثقافى بين الزوجين يسبب حدوث صراعات ومشاكل زوجية متعددة، ما يؤدى بدوره إلى حدوث الطلاق المبكر، وكذلك التخطيط للزواج على أنه «صفقة» وقيامه على مكاسب مادية تجعل منه عذابًا مستمرًا وليس فقط حياة غير سعيدة، ناهيك عن عدم إدراك مسؤولية الزواج من قبل الطرفين وانتقالهما من حياة خالية من الالتزامات إلى واقع جديد يفرض عليهما تقديم التنازلات، التوقعات العالية ورسم الصورة الوردية وعدم فهم كل منا لدور الآخر.

وذكرت أخصائى العلاج النفسى أسباب حدوث الطلاق بين حديثى الزواج؛ وهى الجفاف العاطفى والجنسى بين الزوجين وضعف الثقافة الجنسية، وكذلك الخيانة الزوجية وغيرة المرضية وانعدام الثقة بين الطرفين، والإدمان المخدرات والكحوليات، والعنف اللفظى والجسدى (ضرب الزوجة)، وتدخل الأهالى بشكل غير حيادى ودون موضوعية فيتفاقم الأمر سوءًا، وهذا الأمر يعد انتهاكًا لخصوصية العلاقة الزوجية، وعدم تحدث الطرفين قبل عقد القران فى التفاصيل كافة التى يمكن أن تثير الخلافات والمشكلات كتأجيل الإنجاب أو عمل المرأة، وكذلك عدم إعطاء كل منهما للطرف الآخر الاحتياجات النفسية من القبول والاهتمام والاحترام والتقدير والمدح وتقدير المجهودات، وأيضًا الزواج فى سن مبكرة دون نضج نفسى ودون اتزان انفعالى ملائم والقدرة على تحمل المسئولية، وسهولة اتخاذ قرار فكرة الطلاق والجهل بأحكام الطلاق ومشروعيته وآدابه ودوافعه وهذا يجعل الطلاق كحل أول للهروب من مسئوليات الزواج.

وعن دور التكنولوجيا فى حدوث الطلاق المبكر، قالت الدكتورة دعاء فهمى إن الزوجين يعتمدان عليها باستمرار، فيبحث كل منهما عن ما هو مختلف على الإنترنت، وهذا يعد أحد أسباب الانفصال العاطفى، علاوةً على البخل المادى والعاطفى والكذب، ومحاولة كل منهما تغيير الآخر وعدم تقبله كما هو، وأن يكون أحدهما لا ينجب أو مصابًا بأحد الأمراض النفسية دون أن يبوح لشريكه، لافتة إلى أنه يجب أن يدرك كل طرف من الزوجين أنه لا يوجد بشر مخلوق خالٍ من العيوب وأن الطرفين تزوجا لكى يكمل بعضهما البعض وأنه لا يوجد طرف كامل الأوصاف، وأن الزواج يصبح منقوصًا ومهزوزًا إذا لم ترفرف المودة الكاملة والرحمة المطلقة على أركانه.

وأضافت «فهمى» أنه يجب علينا أن نتبع أولى خطوات فن القواعد النفسية لمعالجة الأخطاء فى الابتعاد عن اللوم للمخطئ، فهو غالبًا يأتى بنتائج سلبية، فكيف سيتقبل الطرف الآخر اللوم والعتاب وهو سليم الموقف من وجهة نظره، وهنا علينا اختيار أسلوب التوجيه، عن طريق استخدام العبارات اللطيفة، أيضًا على كل شخص أن يتحمل مسؤولية أخطائه قبل لوم الطرف الآخر، وعلى الرجل أن يتفهم طبيعة المرأة وأنها كائن شديد العاطفة مرتدة الفعل.

وأشارت أخصائى العلاج النفسى إلى ضرورة التأهيل قبل الزواج، التأهيل النفسى والثقافى والفكرى بتعلم مهارات الإصغاء والتواصل التوكيدى والتعبير عن المشاعر والاحتياجات بالعلاقة الزوجية وأخذ الدورات التثقيفية قبل الزواج، ليزداد عند كل طرف الوعى بالحياة الزوجية وكيفية إدارة الضغوط والفرق بين سيكولوجية الرجل والمرأة، ومن المهم جدا أن يجعل الزوج لبيته وقتًا من يومه، ومعرفة الاحتياجات النفسية وإعطاء كل طرف منهما للآخر.

وقالت: «ما يقدم من خلال الدراما يؤثر فى العقل اللاوعى الجمعى وهنا تصبح الدراما أداة للتغيير الاجتماعى، فهى مرجعية بديلة للجمهور فيستدعيها فى المواقف المشابهة، يجب مراجعة كل ما يقدم من خلال الإعلام، مثل الإعلانات والكليبات التى تقتحم البيوت الآمنة بسيل من المثيرات والإيحاءات فتعمم السلبيات، وأن يلعب الإعلام دوره بأن يكون سببًا للارتقاء، وأن نقدم النماذج الإيجابية التى تساعد فى ترابط الأسر ومعرفة دور كل منهما وكيفية مواجهة الحياة بتحدياتها ومشكلاتها من خلال الدراما الواعية الهادفة، ومن خلال البرامج التوعوية واستضافة المختصين لمعرفة وشرح أسس الحياة الزوجية والتعامل مع المشكلات والاحتياجات النفسية والفرق بين عقل الرجل والمرأة فى التفكير.. وأكدت أنه يجب على الإعلام أن يكون داعمًا قويًا يساعد على ترابط الأسر وليس تفككها، ويجب أيضًا تكثيف البرامج الخاصة بالتوعية الأسرية والمجتمعية، وتقديم محتوى شرعى وعلمى ونفسى اجتماعى وثقافى عن الأسرة ومقوماتها، وهنا يسهم الإعلام بشكل تنموى فى ارتقاء المجتمع، وترابط الأسر خصوصًا مع زيادة معدلات الطلاق والخلافات الزوجية.

 

رجال قانون: البعض يطلب الطلاق بعد أيام قليلة

 

عصام الدين أبوالعلا المحامى بالنقض

يقول القانونى عصام الدين أبوالعلا، المحامى بالنقض: «إن ساحات محاكم الأسرة تشهد العديد من المنازعات التى تكون فى أغلبها بين الزوج والزوجة، إلا أن المثير للاهتمام فى الآونة الأخيرة أن هناك منازعات أصبحت جديدة على المجتمع المصرى، تلك التى تتعلق بتنامى دعاوى التطليق وليس فى الأمر غرابة؛ لأن هذا النوع من الدعاوى تمتد جذوره إلى ما قبل إنشاء محاكم الأسرة، إلا أن اللافت هو مدة الزوجية التى أضحت تحتسب بالأيام فهل منا من يتخيل أن زوجة تقيم ضد زوجها دعوى بطلب التطليق فى زواج لم يدم سوى عشرين يومًا، للأسف هذا هو واقع الحال والبحث فى أسبابه يجب أن يكون على قدم المساواة بين الطرفين فمن ناحية تدعى الزوجة أن زوجها به من العادات السيئة ما لا يمكن لها أن تتحملها وتلك العادات لا يمكن حصرها؛ فمنها ما يتعلق بعدم إنفاق الزوج على زوجته ومنها ما يتعلق بسوء المعاملة من حيث الإهانة والسب، وقد يمتد الأمر إلى الإيذاء الجسدى، والزوج له أيضًا أسبابه التى منها الشكوى من سوء معاملة الزوجة أو ارتفاع وعلو صوتها أو إسرافها فى الإنفاق على النحو الذى لا يستطيع معه تلبية طلباتها بل يشكو أحيانًا البعض من تعرضهم للاعتداء اللفظى والجسدى».

وأضاف «أبوالعلا»: «إذا كانت هذه بعضًا من الأسباب التى تؤدى بزوجة فى مهد حياتها الزوجية إلى اللجوء لمحاكم الأسرة لتطلب التطليق إلا أنه يجب الالتفات إلى سؤال غاية فى الخطورة وهو هل تلك الأسباب حقيقية وهل تسمح تلك المدة القصيرة من التيقن من بخل الزوج أو سلاطة لسان الزوجة الإجابة بالطبع أن هذا مستحيل فأى منهما لم يترك لنفسه فرصة لفهم طبيعة الحياة الزوجية واختلافها تمامًا عن مرحلة ما قبل الزواج، ولن نلقى اللوم كله على المجتمع فلم يقصد أن يبث فى عقول الفتيات أن الحياة الزوجية تقوم على الندية بين الزوجين، وأنها لا مجال للتسامح، ولا نلوم الأهل الذين أحضروا للابن او الابنة المقبلين على الزواج كل شىء من الإبرة إلى الصاروخ ولم يتركوا للزوجين شيئًا يفكران ويحلمان أن يحققاه، ويترتب على ذلك أنه فى حالة نقص شىء مما قد يحتاجانه فى بيتهما تنسب بينهما خلافات قد تؤدى رغم تفاهة السبب إلى الطلاق المبكر».

وأضاف المحامى بالنقض: «فترة الخطوبة يجب أن يتم توعية الشباب والفتيات إلى ضرورة إظهار الجوانب الحقيقية للشخصية حتى لا يفاجأ الطرف الآخر بشخصية لم يكن ينتظرها أو يتوقعها، وهو أمر يجب أن يكون نصب أعين كل مقبل على الزواج فلا داعى للتظاهر بصفات ليست له، ويجب أيضًا أن يكون للتوعية الدينية مكان فهى لب الموضوع، وهى التى تنبه الشباب والفتيات أن الزواج ليس فسحة أو وقت عابر بل هو مستقبل وأبناء بل هو بناء مجتمع من المهد إلى القمة، فإذا هوت الأسرة هوى معها المجتمع، ونناشد أيضًا علماء الدين أن يقوموا بتلك التوعية المجتمعية، ولا نغفل دور المتخصصين فى العلوم الإنسانية، وعلى قمتها علماء علم النفس بعمل جلسات توعية للمقبلين على الزواج، ولن تكون هناك صعوبة فى بث تلك البرامج فى ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعى، وأخيرًا نناشد كل زوج وزوجة فى بداية زواجهما أن يتريثا قبل اتخاذ قرار الانفصال لما فيه من خطورة مجتمعية كبيرة وهدم لأركان المجتمع».

محمد عز الدين إبراهيم المتخصص بقضايا الأحوال الشخصية

وفيما يخص الحقوق القانونية للزوجة بعد الطلاق كشف محمد عز الدين إبراهيم، المتخصص بقضايا الأحوال الشخصية، مؤكدًا أن حقوق الزوجة إذا طلبت الطلاق فى القانون المصرى تختلف فى حالة وجود أطفال أم لا؛ ففى حالة وجود أطفال تحتفظ الأم المطلقة بمسكن الحضانة، وتستحق نفقة شهرية للأطفال، كما أنها تستحق مصاريف المدارس كافة.. وتستمر الحضانة للأم حتى بلوغ الأطفال أقصى سن الحضانة أو ما يسمى الحضانة للأم، وتستحق أيضًا أجر حاضنة نظير رعاية الصغار وبدل رضاعة إذا كانوا فى سن الرضاعة، علاوة على بدل الفرش والغطاء.

وأضاف أنه يجوز للأم المطلقة المطالبة بزيادة نفقة الأطفال الشهرية بعد مرور سنة على حكم النفقة، ويحق لها منقولاتها الزوجية الموجودة فى قائمة المنقولات كافة، وفى حالة إذا كان الطلاق غيابيًا أو للضرر تستحق الأم المطلقة نفقة متعة ونفقة عدة ومؤخر صداق وهو ما ثبت فى قسيمة الزواج، ويشترط لحصول الزوجة على نفقة المتعة أن يقع الطلاق، وأن تكون الزوجة مدخولًا بها، وأن يكون الطلاق بسبب خارج عن إرادة الزوجة ودون رضاها، وتستحق المطلقة نفقة متعة تقدر بـ24 شهرًا على الأقل، أما فيما يتعلق بنفقة العدة فيحكم بها القاضى وفقًا لمدة عدة الزوجة وتُقدر حسب يسار الزوج، ويتم حساب نفقة الزوجة وفقا لدخل الزوج، فإذا كان موظفًا فى القطاع العام أو الخاص فيتم الحصول على مفردات لدخله التى يحصل عليها من جهة عمله، أما إذا كان من أصحاب المهن الحرة فيتم إثبات دخله على أساس التحريات التى تجريها جهة المباحث التابع لها محل إقامته وعلى أساسه تحديد نسبة نفقة الطفل من المرتب أيضًا.

وأشار عز الدين إلى أنه إذا اتفق الزوجان على قائمة منقولات الزوجية وقام الزوج بتحريرها فإن الزوجة تستحقها فى أى وقت، ولا يقيد استحقاقها بحدوث الطلاق إلا إذا اتفق الطرفان على ذلك، وأن الشقة من حق الزوجة بعد الطلاق فى حالة إذا كانت حاضنة وفقًا لعمر الصغار، وبزوال حضانة الأطفال ينتهى السبب فى التمكين من مسكن الزوجية أو نفقة المسكن، وتسقط نفقة الذكور ببلوغ سن الرشد أو حتى الانتهاء من مرحلته التعليمية، وتسقط نفقة الإناث بالعمل أو الزواج أيهما أقرب.. بينما تسقط نفقة الزوجة المطلقة بزوال سبب كل نوع من أنواع النفقة.