رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نداء القلم

(إنّ الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).

(اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله).

هذا أمر السّماء لمؤمنى أهل الأرض كافة، لكن هذا الأمر لم يكن يتضمّن ذكر أهل البيت، فلِمَ نصلى على النبى وعلى آله معه، مع أن الآية لم تذكر صراحة لا الآل ولا الأصحاب.

الحرفيون الذين لم يتعمقوا النصوص الدينيّة توقّفوا فقط عند الصلاة على النبى ولم يكملوا صلاتهم على الآل، مع أن ذكر الآل رحمة وبركة، فرضٌ بالنّص القرآنى، بمعنى أوصل الله لكم رحمته وبركاته أهل البيت، والبركة : الزيادة والنمو، فضلاً عن دعوة النبى لهم أن يكونوا رحمة للأمة؛ فكم لاقى سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، ومعه آل البيت من عذاب سجله التاريخ فى سبيل الدعوة : نشرها ومجدها وقوة وجودها مستمرة على البقاء اللازم ضد كل طغيان واستبداد.

لم تكن فرحة تكتمل بغير تنغيص من الأغيار ممّن يحيطون بالدنيا وتحيط بهم الدنيا فيلهثون وراءها ليّاً بألسنتهم وطعناً فى الدين.

خضم الأحداث السياسية إبّان ظهور الإسلام مروراً بالصدر الأول وعروجاً على عصر الخلفاء الراشدين وما بعده حتى حادثة كربلاء، يعطيك الصورة القائمة بين مطالب الدين ومطالب الدنيا، أو مطالب الحق وسعار الباطل، والظلم الذى حدث لآل البيت والغصّة التى جفت منها حلوقهم، ووصايا رسول الله لأمته من بعده فيهم، والدّعاء لهم كونهم أمانَ الأمة ورحمة لها، كل هذا كله يجعل الصلاة عليهم مقرونة بالصلاة على سيدنا محمد خلافة باطنة لا تخلو الأرض منها إلى أن تقوم الساعة، فقد حُرموا حق الولاية الظاهرة، وليس هو فى الحقيقة بحرمان، لكن مع ذلك كله ظلت لهم الولاية الباطنة الباقية، ولاية الروح والمعنى والدين والقيم الباقية؛ فلا علمَ على الحقيقة، ولا دينَ على الحقيقة، ولا معرفة على الحقيقة، ولا ولاية على الحقيقة ممّا بقى فى الأمة نور وفتح وهدى، إلا ومصدرها سيدنا محمد وآل بيت سيدنا محمد.

كانوا طلاب نور ومعنى وغيرهم كانوا طلاب ظلمة وحجاب، لأن هؤلاء الأغيار طلبوا العاجلة واستبدّوا بها كما استبدت بهم، أمّا أهل البيت فدام لهم البقاء من طريق المحبّة فى قلوب المؤمنين، حجبهم الله عن العاجلة ليؤثرهم عنده بمجالى الأنوار وبحقائق المعانى، وبدوام البقاء على الهدى والنور والاستنارة الدائمة، ولو شاءوا الدنيا وطلبوها لما أعجزهم نيلها والأخذ منها بأوفر نصيب.

ولم يكن صدفة عابرة أن يدعو رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ليقول : (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً)، وذلك لأن نعمة التقلل من الدنيا أكبر من نعمة الإكثار منها لأنها طريق الأنبياء والأصفياء، ولولا أن التقلل أفضل مثوبة وأكثر أجراً ما قال صلى الله عليه وسلم وآله : (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً)، والقوت : هو الذى لا يفضل منه شيئاً عن الغداء والعشاء، فشيء أختاره صلى الله عليه وسلم لنفسه ولأهل بيته، هو شيء ليس أكمل منه.

وقد كانت السيدة البتول فاطمة الزهراء مع كونها سرّ أبيها، بضعة منه يريبه ما يريبها ويؤذيه ما يؤذيها، وفى الجامع الصغير : (فاطمة بضعة منى يقبضنى ما يقبضها، ويبسطنى ما يبسطها) وقد سميت بالبتول لانقطاعها عن نساء زمانها فضلاً وديناً ونسباً، والبتل فى اللغة، القطع. كانت رضى الله عنها مع كونها فى تلك المنزلة الرفيعة من التبتل، فى غايةٍ من ضيق العيش، تنبيهاً للغافلين على أن الدنيا ليست مطمح نظر الكاملين.

أمّا والله هم الآل، هم الأحق بكنز الصلاة والتسليم عليهم إذ كانوا بدعاء النبى عليه السلام مفاتيح الرحمة ومعادن الحكمة وأمن الأمة، ورثوا من نورانية النبى سرمدية البقاء للهداية وصدر عنهم نور الوجود ولا يزال يصدر من طريق المحبّة إلى من والاهم وآمن بهديهم وهو هدى الحبيب صلوات ربى وسلامه عليه، ثم أمن غائلة مفارقتهم، ومفارقة نهجهم الأمثل فى التقوى والتبتل، وهم الآل من لزم محبتهم لم يضام، وهم مصدر قربة ومعرفة وولاية وتحقيق.