عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

تختلف قروض صندوق النقد الدولى عن غيرها من القروض.. فى الشروط المسبقة التى يفرضها على الدول المقترضة.. والحديث هنا ليس عن أهداف تلك الشروط وما وراءها.. لكن عن ماهيتها.

بداية يروج الصندوق لاشتراطاته تحت عنوان «حزم إصلاح». . وهى تسمية كاذبة وخادعة.. إذ لا تستهدف إلا إحكام قبضته على المدين لضمان عودة الأموال المقترضة.. بما يستتبع ذلك من فرض سياسات مالية ونقدية واقتصادية واجتماعية تنتهك سيادة الدول.. وبالطبع لا تراعى استقرارها أو أى مصالح لها.

ولصندوق النقد تجارب سيئة السمعة فى مختلف القارات.. خاصة مع الدول النامية «إذ ترفض الدول المتقدمة والناضجة اقتصادياً القبول بشروطه».. فمن البرازيل إلى الأرجنتين وفنزويلا والمكسيك وأغلب دول أمريكا الجنوبية إلى الدول الإفريقية وشرق آسيا.. تتنوع مآسى الوقوع فى فخ ذلك الصندوق.. لكن خلاصة كل تلك التجارب تكمن فى سوء استخدام القروض.. مع الاستسلام لشروطها، التى انتقدها البنك الدولى نفسه واصفاً إياها بأنها تدفع بالدول للركود الاقتصادى كما جاء على لسان رئيس قسمه الاقتصادى جوزيف ستيجليتز.. بينما كان طوق النجاة دوماً فى الابتعاد عن تلك القروض أو مخالفة الاشتراطات المجحفة.. مع التوجه إلى القدرات المحلية والتصنيع والاستثمار فى التعليم.. وتجارب البرازيل وفنزويلا وماليزيا خير مثال.

وقد يظن البعض بنظرة سطحية أن تكلفة تلك القروض تتوقف عند حد خدمة الدين.. لكن الواقع يؤكد أن التكلفة تتخطى ما يمكن تخيله.. فمن أخطر اشتراطات الصندوق بجانب رفع الفائدة والضرائب، كارثة تخفيض العملة الوطنية.. لن أتحدث عن الأولين وأثرهما فى النشاط الاقتصادى.. لكن من أول مصائب تخفيض العملة.. فقدان المتعاملين «الثقة» فى التعامل بها واقتنائها.. ما يدفع بها إلى المزيد من الانخفاض مع كل إعلان رسمى عن خفضها.. يستتبع ذلك تآكل قيمة الناتج القومى عند تقييمه بالدولار.. فالناتج المقيم مثلاً بـ477 مليار دولار سيصبح 347 مليار دولار رغم الزيادة الفعلية فى ذلك الناتج مقوماً بالعملة المحلية!.. ويمتد التأثير إلى انخفاض القيمة الحقيقية لثروات المؤسسات والأفراد ودخولهم.. وهو ما يعنى ارتفاع نسب الفقر والحاجة وتراجع القوة الشرائية.. وتكون المحصلة أن أمام كل مليار اقترضته الدولة من الصندوق خسارة مئات المليارات من قيمة ثروتها.. وكأن لسان حال ذلك الصندوق يقول من يشترى ملياراً بمائة مليار لذا لا نستغرب من قول أستاذ الاقتصاد بجامعة كولومبيا جيفرى ساكس «عندما يكون الاقتصاد فى أزمة, الأمر الأول الذى يجب تذكره هو ألا تتصل بصندوق النقد الدولى». . والخلاصة أن مواجهة الأزمات الاقتصادية تكون بزيادة الإنتاج عبر الاعتماد على القدرات والميزات الوطنية.. وتقليل النفقات والرفاهيات والحد من الاستيراد قدر المستطاع.. أما القروض فليست كلها شراً مطلقاً إذا أحسنا التمييز بين العقيم منها والمثمر.. والأمثلة على ذلك كثيرة من ألمانيا لليابان لماليزيا لرواندا.

أما الدخول فى دوامة القروض العقيمة فلن يبنى اقتصاداً أو يحل أزمة بل سيزيد الأمر سوءاً.. ومن السذاجة أيضاً تصديق أكذوبة أن تخفيض قيمة العملة.. سيؤدى إلى زيادة الاستثمار وجذب السياحة.. فأعلى الدول حصة فى حركة السياحة العالمية «فرنسا وإسبانيا» تتمتع بواحدة من أقوى العملات «اليورو».. بينما أكثر الدول الجاذبة للاستثمار تتمتع بعملات واقتصاد قوى.. فالاستقرار والمناخ الصحى والسياسات الواضحة والشفافية وغياب الفساد والارتقاء بحياة المواطنين بشكل عام هى أهم عوامل جذب الاستثمار، والسياحة أيضاً.. ولا يمكن أن يحدث ذلك بإفقار المواطنين وتدمير العملة الوطنية.

 

[email protected]