عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

ربما ينظر إلى البعض بنظره قاصره للتحدث فى هذا الأمر، وهناك أمور جسام تتصدر المشهد وتنغص حياتنا وتقلق مضاجعنا مثل الحرب على غزه والغلاء والبطالة والتربص بنا من جميع الاتجاهات، ولكن عندما نرى شوارع المدن الكبرى خالية من دورات المياه العمومية فأعلم أننا فى أزمة حقيقية، وعندما تهدم مراحيض عمومية ويقام على أنقاضها انشطه تدر ربحًا على الدولة أو على الأفراد فاعلم اننا نخسر ولا يعرف الربح لنا طريقًا.
وإذا نجحنا فى تشييد طرق وكبارى وانفاق عملاقة دون أن نخطط لإنشاء دورات مياه عصرية نظيفة تتماشى مع الجمهورية الجديدة، فأعلم أنك لن تستطيع السير بجوارها دون أن تضع إحدى اليدين فوق أنفك، وتغطى الأخرى عينيك من هول ما ترى وتسمع وتشم من الروائح الكريهة اسفل وعلى جوانب هذه الطرق والكبارى، وأعلم أيضاً أن حضارات الأمم تقاس بعدد دورات المياه العمومية بشوارعها وميادينها وأذقتها، ولا تنسى الصفر الكبير الذى حصلنا عليه فى مونديال، عام 2004، عند منافستنا لدول المغرب وجنوب أفريقيا لاستضافة كأس العالم لعام 2010، كانت بسبب خلو الميادين العامة من هذه الدورات، حيث لم تحصل مصر على أى أصوات من قِبل الاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا».، واعلم تمام العلم أن هذا الأمر لا تقتصر خطورته على الجانب المحلى كما يظن البعض، لأن العالم أصبح قرية صغيرة فى ظل هذا التقدم الهائل فى الاتصالات والتنقل، ويكفى أن هناك يومًا عالميًا تحتفل به الأمم المتحدة والعالم أجمع يسمى باليوم العالمى للحمامات، World Toilet Day، والذى تستمر احتفالاته ثلاثة أيام متتالية، وان مؤتمرات المناخ العالمية حددت أن من أهم أهداف التنمية المستدامة هو توفير دورات مياه آمنة ومياه آمنة للجميع بحلول عام 2030.
وتتحمل الحكومات والمؤسسات مسئولية الوفاء بوعودها، والإحصائيات الدولية تشير إلى أن 4.5 مليار شخص فى العالم ليست لديهم دورة مياه فى منازلهم، و892 مليونًا يقضون حاجاتهم فى العراء.
ولك أن تتخيل أن تخرج هاتفك وتضغط على زر البحث عن موقع لدورة مياه عمومية بالقاهرة، فلا تجد إلا اليسير الذى يجعلك تصرف النظر عن أن «تعملها» داخل دورات عفا عليها الزمن والأحواض والحمامات تعج بالفضلات الادمية وتبحث لك عن «خرابه» أو أسفل كوبرى أو خلف جدار، من تعرض جميع حواسك لتقزز وقشعريره، بداية من الشخص صاحب الهيئة الرثة الذى يقف امام دورة المياه يطالبك بالبقشيش وانت تتلوى من «الحسرة» وحتى السير وسط المياه والفضلات والروائح الكريهة لقضاء حاجتك.
وقد شد انتباهى مقترحات البعض من تولى وزارة الأوقاف لهذه المهمة الصعبة فى إضافة دورات مياه عمومية ملاصقة للمساجد يقف على نظافتها وإدارتها عمال يتقاضون رواتب من خلال رسوم تسدد لخزينة الوزارة لمن يستخدم هذه الدورات، ويكفى أننا لن لسنا فى حاجة لتخصيص أراض أو مبان جديدة لتفى بهذا الغرض، وأن المساجد قائمة وبها المرافق العامة ولن تكلف الدولة كثيرًا، ولن يبخل مريض سكر رجل أو امرأة من سداد هذه الرسوم إذا وجد هذه الخدمة حين تعرضه لهذا الموقف الصعب، الذى غالبًا ما يواجهنا جميعا دون استثناء، وأتمنى أن تسعى الدولة فى إحياء هذا المشروع الحضارى الذى كانت محافظات مصر جميعها فى الماضى الجميل تشتهر به ونفتخر أن القاهرة فى الثلاثينيات من القرن الماضى كانت تغسل شوارعها بالماء والصابون صباحًا ومساء وللحديث بقية.