رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لعل وعسى

إنارة الحياة عكس الإضاءة الغازية التى تمثل وصفًا يستخدمه علماء النفس للإشارة إلى نوع من الإساءة النفسية الخطيرة، يقوم على التلاعب بالعقول، من خلال زعزعة ثقة شخص ما فى نفسه، وإشعاره بالخوف والضعف، وإقناعه بأنه موهوم أو ضعيف، عبر التشكيك فى علاقاته بالآخرين، بما فى ذلك العلاقات الأسرية، والعمل، وأية تفاعلات اجتماعية أخرى. وهو ما يمثل إحدى ركائز الفساد خاصة الإدارى منه، الذى يعد من أكبر التحديات التى تواجه المؤسسات الحكومية فى العالم. لما يمثله من سوء استخدام السلطة العامة أو الموارد العامة لتحقيق مكاسب شخصية، 

وبالتالى التأثير سلبًا على تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، مع تهدد لاستقرار المؤسسات الحكومية وثقة المواطنين فيها؛ لذا تمثل مكافحة الفساد الإدارى أحد التحديات الرئيسية التى تواجهها المؤسسات الحكومية فى مصر. ومن المهم تبنى إجراءات وأدوات لمكافحة الفساد الإدارى والحد من تأثيره على المؤسسات الحكومية، خاصة بعد تقرير مؤشر منظمة الشفافية الدولية، "مُدركات الفساد" لعام 2022 الذى صدر بداية عام 2023، وفيه حلت مصر فى المرتبة 130 عالميًا. وهو ما يعكس أن هناك تداعيات سلبية على المستوى الاقتصادى والاجتماعى، منها تباطؤ الاقتصاد عبر تراجع النمو، وتدهور البيئة الاستثمارية، وانخفاض معدل الثقة بين المستثمرين وزيادة تكاليف الأعمال. مع تفاقم الفقر، حيث يمنع الفساد توزيع الثروة بشكل عادل ويتسبب فى تجميع الثروة فى يد القلة القليلة التى قد تعود لتمثل نسبة الـ١٪ من المجتمع، لتتزامن مع تفشى الممارسات غير الأخلاقية، مما يضعف الأخلاقيات فى المجتمع ويؤثر على القيم والسلوكيات الاجتماعية، لذا فإن الواجب يحتم علينا قبل وضع آليات المواجهة أن نستعرض تشخيص العوامل التى قد تؤدى إلى حدوث الفساد الإدارى، ولعل من أبرزها ضعف الرقابة والمراقبة، أيضًا الرشوة والاحتيال، والأهم سوء التدبير وقلة الكفاءة، عندما يكون هناك سوء تدبير فى إدارة المؤسسات الحكومية وعدم وجود كفاءات ملائمة فى الموظفين، وهو ما يفتح الباب أمام الفساد، الذى بات واضحًا هذه الأيام، عبر واقع تتجلى أعماله فى اختيارات تبعدنا كل البعد عن وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب. واقع الاختيار فيه لا يحقق التنوير بل يثبت الإضاءة الغازية، لذا فإن منع الفساد وتعزيز الشفافية وتقوية المؤسسات أمر بالغ الأهمية فى هذه الفترة، إذا أردنا تحقيق الغايات المتوخاة فى أهداف التنمية المستدامة، ووثيقة الدولة خلال السنوات الست القادمة، المحققة لهدف أن نكون من أفضل ٢٠ اقتصادًا على مستوى العالم.
وباختصار فإن مكافحة الفساد الإدارى ضرورة ملحة فى المؤسسات الحكومية لحماية المصلحة العامة وتحقيق التنمية المستدامة. ويجب على الدول والمجتمع العمل سويًا لتعزيز الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد الإدارى فى جميع المستويات. فقد بلغت تكلفة الفساد المقدرة عالميًا بأكثر من 2.6 تريليون دولار (ما يساوى نحو 5٪ من إجمالى الناتج المحلى العالمي)، مما يعد عقبة رئيسية أمام التنمية، لأنه يحول الموارد بعيدا عن الاستخدامات الأكثر إنتاجية، ويؤثر سلبًا على الرخاء المشترك بسبب تحقيق المنافع غير المتناسبة لمن هم فى السلطة. وإدراكا من الرئيس عبدالفتاح السيسى للتكاليف المجتمعية والبيئية المرتفعة للفساد، فقد أعاد التأكيد على التزامه بمكافحة الفساد كأولوية إنمائية، مع السعى إلى تعزيز الشراكات مع أصحاب المصلحة الآخرين الذين يعملون على تحسين الحوكمة والنزاهة، وفقًا للتقارير الدولية التى تؤكد أن تدنى دور أجهزة الدولة وغياب المعيارية قد تساعد على تفشى الفساد، حيث إن ما يجرى من فساد إدارى قد يتبعه بالضرورة الفساد المالى.
وللحديث بقية إن شاء الله.
 

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام