عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

نظر لرفيقه بالمكتب نظرة اندهاش وأطلق ضحكة ساخرة وهو يقول «واضح أنكم مش عايشين فعلًا بالبلد، انتم بتدورا على المستحيل»
أسقط فى يدى، رغم أنى كنت أعرف وصاحبتى الإجابة مسبقًا، لأنه ليس المكتب الأول الذى ندلف إليه ونطرح نفس السؤال المكرر، بل لأن ضحكته الساخرة حسمت علينا استكمال باقى جولتنا لمكاتب أخرى وقطعت آخر أمل لنا، كما أنها أذهلتنا وأنا أجيب سؤاله الاستنكارى بسؤال: المستحيل؟، ماذا تفعلون إذن داخل هذه المكاتب، ومن أين ينفقون على الإيجارات والموظفين وخدمات المرافق الخ..؟
قال بأسف وقد استدرك ضحكته الساخرة: الله أعلم بنا، أغلب المكاتب قفلت أبوابها وحولت نشاطها.
جذبت صديقتى ومن ذراعها والغيظ بل الحنق يكاد يفجر صدورنا، كنت قد تطوعت لمرافقتها فى رحلة البحث عن أى مبلغ من اليورو يمكنها من السفر لرؤية ابنتيها المقيمتين فى هولندا، ولم أكن أدرى مسبقًا رغم كل الأخبار التى نكتبها كصحفيين ونقرأها عن أزمة العملات الأجنبية فى مصر وسعار الأسعار فى السوق السوداء، أن الأزمة بلغت إلى حد أن يصارحنا أصحاب مكاتب الصرافة بأنهم منذ أكثر من ستة أشهر لم يدخل إليهم عميل واحد لبيع العملات الأجنبية خاصة الدولار أو اليورو.
وعندما سألتهم فى فضول: حتى الأجانب والسياح أحجموا عن استبدال عملاتهم بالجنيه، فماذا يفعلون إذًا للإنفاق على رحلاتهم على أرض مصر، فقال لى أحد مديرو مكاتب الصرافة: يا أستاذة كل من يأتى لمصر من السياح عرف طريق السوق السوداء، فلماذا يأتى لمكتب صرافة ليبيع لنا الدولار أو اليورو بالسعر المحدد لنا من البنك المركزي!، فى حين يمكنه بيع عملته بضعف ثمنها أو أكثر فى السوق السوداء!
وعندما سألته: وكيف يصل الأجنبى السائح إلى السوق السوداء؟، أجابنى بصورة بها إيحاءً بأنى جاهلة بطبيعة ما يجرى على أرض مصر قائلًا: من خلال عامل الفندق أو مدير الفندق نفسه الذى يقيم به، ومن خلال سائق التاكسى الذى يتنقل به للأماكن السياحية، ومن خلال «الخرتية» الذين ينتشرون بالأماكن السياحية، وغيرهم كثيرون، وبالطبع يجذبونه لبيع عملاته بسعر أعلى من البنك ومكاتب الصراف ويستفيد هؤلاء الوسطاء أو السماسرة أيضًا من فارق السعر، فسعر الدولار تجاوز الستين جنيهًا وسعر اليورو يقترب من السبعين جنيهًا فى السوق السوداء، فيما البنوك ومكاتب الصرافة تحدد الأسعار بقيمة نصف هذا المبلغ تقريبًا، فلماذا يلجأ الأجنبى إذًا إلى البنك أو إلى مكاتب الصرافة؟!
كارثة سوداء، السوق السوداء حرمت البنوك الوطنية من توافر العملات الأجنبية بها وخربت ما تبقى من أمل لقيمة الجنيه المصرية، السوق السوداء حرمت أى مصرى يرغب فى السفر إلى الخارج من الحصول على ما يحتاج إليه لسفره، مما يضطره إلى شراء ما يحتاجه بسعر السوق السوداء بضعف القيمة، وعطلت مصالح المستوردين وخربت بيوتهم، فأصبح من المستحيل لأى مستورد مصرى التمكن من توفير ما يحتاج إليه من عملات لزوم تعاملاته التجارية مع الخارج، سواء من البنوك التى باتت تعتذر صراحة عن توافر عملات بها، أو من الصرافة التى كانت تتوافر بها قبل عام واحد فقط من تاريخنا هذا كل ما يحتاج إليه المستوردون بل المواطنون العاديون ممن سيسافرون للخارج بصورة حرة تتيح حركة العمل والاستيراد وتيسر السفر، تسير الحياة بصفة عامة التى تعقدت بصورة خانقة أصبح أغلبنا لا يجد معها الحل.
والمواطن الذى لديه حساب بنكى باليورو، عندما يحاول سحب جزء من أمواله لدواعى سفره أو أعماله، يفاجأ بأن البنك يعتذر له بعدم توافر المبالغ التى يطلبها كاملة، بل هناك ما هو الأسوأ عندما يقوم المصريون بتحويل مبالغ من العملات الأجنبية لذويهم وأسرهم على حسابات بعملات أجنبية يفاجأون برفض البنك صرفها لهم بنفس العملة، بل يصرفون الحوالات بالجنيه المصرى وبسعر البنك الرسمى، الأمر الذى يفجر التساؤلات الغاضبة، وماذا بعد؟ وللحديث بقية..

[email protected]