رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

سرقة المال أمر يمكن تعويضه رغم ما به من خسارة مادية، أما سرقة الفكر فهو ما لا يمكن أن يعوضه مال الدنيا، هذا هو إيمانى وإيمان أى كاتب أو أديب له فكره المحترم المتفرد به، لأنه كنزه الثمين غير القابل للبيع ولا المساومة ولا حتى الخضوع للتدليس تحت مزاعم الاقتباس، وأرى أن سرقة الفكر والأدب على حد سواء من أبشع أنواع  جرائم السرقة، فلا أتصور أبدًا أن يقبل أى إنسان طبيعى محترم له شخصيته أن يبيع «دماغه» أو يؤجر «مخه».
والمؤسف أن سرقة الفكر والأدب أو السطو الجزئى عليها تحت مسمى الاقتباس لا يعانى منها المفكرون أو الكتّاب الشباب فقط، كما لا يرتكبها أيضاً لصوص فكر وأدب من الشباب فقط،  بل هناك أسماء أدباء كبار ضُبِطوا مُتلبِّسين بسرقة أعمال غيرهم من نصوص روائية، مسرحية، شعرية، والأكثر احترافًا يلجأون إلى السرقة من الأعمال الأجنبية من خلال ترجمتها وسرقة محتواها، أو حتى سرقتها حرفياً، ويعتمدون فى هذا على أن العامة لا يقرأون الكتب غالبًا باللغات الأجنبية، ولا المفكر أو الكاتب الأجنبى سيتمكن من ضبطهم ومقاضاتهم، ويعتقدون بهذا أنهم أفلتوا من فضيحة السرقة.
وأذكر أنى قرأت تقريرًا صحفيًا منذ فترة طويلة، كشف أن الأديب والمفكر توفيق الحكيم واحد من هؤلاء الذين اقترن اسمهم بتهمة السرقة الأدبية منذ بداية مشواره، خاصة فى أول نص مسرحى له بعنوان «العريس» 1942، وقال الصحفى عاصم زكريا فى تقريره الذى نُشر فى مجلة «المصوّر» أغسطس عام 1993، أن المسرحية مقتبسة من مسرحية فرنسية مجهولة رجِّح الناقد فؤاد دوراة أن اسمها «مفاجأة أتور».
المدهش أن هذا التقرير الصحفى كشف أن توفيق الحكيم اعترف بـ «الاقتباس» فى أعماله الأدبية «سجن العمر» و«من البرج العاجى»، كما كشف نقاد بعد ذلك أيضًا أن رواية «حمار الحكيم» مقتبسه من رواية «أنا وحمارى» للإسبانى خوان رامون خيمينيث 1881 – 1958، ومن الكتاب الكبار الذين أشارت لهم اصبع الاتهام بالاقتباس الشديد جمال الغيطانى، حيث أشار الكاتب الصحفى عصام زكريا إلى أنه اقتبس كثيرًا من أدب «ابن إياس» الأديب المصرى الكبير وأفضل المؤرخين فى العهد المملوكى «1448م-1523م»، خاصة فى روايته «الزينى بركات»، وأن الغيطانى قام بنقل صفحات كاملة بالنص من «ابن إياس».
وحتى لا أدخل فى مهاترات مع اتهام ودفاع عن هذا وذاك، فمن المؤكد أن السرقات الأدبية والفكرية موجودة  على مر التاريخ الإنسانى الفكرى والأدبى، ولهذا تم تشريع قوانين فى دول العالم لمعاقبة اللصوص من هذا النوع وحماية الملكية الفكرية، ولكن للأسف هذه القوانين لم ولن تتمكن من ضبط عمليات الاقتباس والتشوية التى تحدث للنصوص الأدبية، وهو تشويه متعمد لأصول النص الأدبى يعمد إليه اللصوص خاصة من كتاب السيناريو للفرار من العقوبات القانونية مع الاحتفاظ بجوهر الفكرة، وإضافة الرتوش  من عبارات وكلمات ومواقف، خاصة فى تلك الأعمال الأدبية المسروقة التى يتم تحويلها إلى أعمال فنية عبر السينما أو التليفزيون.
وإذا كانت مواقع التواصل قد أسهمت قليلًا فى كشف بعض هذه السرقات والاقتباسات، إلا أن الكثير والكثير من السرقات الأدبية فى الفن أو حتى فى الأدب الهجين نفسه لن يتم كشفه بسبب تشويه أصول النصوص الأدبية، ولا يتبقى أمام الأديب المسروق سوى الرهان على يقظة ضمير اللص ليعود إلى ضميره ونفسه، ويعترف بنسب ما اقتبسه إلى صاحبه، أو حتى يشير إليه فى العمل المنسوخ أو المقتبس.
للأسف أصبح من الصعب ضبط هذه السرقات، لأنها تأخذ مضمون الفكرة، و«تحبيشها» بالتوابل الرديئة والحريفة للبعد بها عن الأصل، ومهما كان هذا التزييف، فإن الفضح سيحدث إن آجلًا أم عاجلًا، ويجب ألا ينسى هؤلاء اللصوص أبداً عقاب الله، السرقة سرقة مهما كان نوعها، فهى جريمة أمام الله.
 


[email protected]