رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

لم يكن مفاجئا أن تنتهى جولة وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن الرابعة للمنطقة والخامسة لتل أبيب، منذ السابع من أكتوبر دون أى موقف جديد لإدارته من حرب إسرائيل الوحشية ضد الشعب الفلسطينى فى غزة والضفة الغربية. الرجل يأتى ويذهب وكأنه يجلس فى أرجوحة دوارة لأحد الملاهى الترفيهية، تأخذه من نقطة وتعيده إليها دون هدف، سوى تزجية الوقت والتسلية، وأثناء تلك الأرجحة يجدد موقف إدارة بايدن المتتكرر والثابت بدعم الحرب الإسرائيلية لمواصلة تدميرغزة وقتل شعبها بطرق أقل بشاعة، أو كما تقول تصريحاته «تجنب إلحاق الضرر بالمدنيين وحماية البنية التحتية للمدينة ،وضمان توزيع المساعدات الإنسانية فى أنحاء القطاع. ولأنها تصريحات شكلية لا يعنيها ، يقولها فى العواصم العربية، ويقول عكسها فى تل أبيب، فلم يحدث شىء من هذا. بل أن ماحدث حتى الآن هو العكس تماما، حيث تم تدمير 65% من مبانى القطاع، معظمها منازل سكنية ومستشفيات ومدارس، وأبنية حكومية، واستشهاد أكثر من 23 ألف معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، بزعم القضاء على حركة حماس واقتلاعها من القطاع.

وكانت الإدارة الأمريكية هى من بدأت بترويج مصطلحات جديدة تجب قواعد القانون الدولى المنظمة للحروب، بوصف حرب الأبادة الجماعية على الفلسطنيين، بأنها حق لدولة الاحتلال فى الدفاع عن النفس، فضلا عن حشد الدعم السياسى والعسكرى لمواصلة الحرب التى تدخل شهرها الرابع، دون أن يحقق نتينياهو الهدف المعلن منها، بتحرير الرهائن والقضاء على حماس، بينما المخفى منها هو السعى لهتجير الفلسطنيين من أرضهم بالاستيطان والحواجز والحروب. وأمام تصريحات المسئولين إسرائيليون يتعهدون فيها أثناء زيارته، بمطاردة أعضاء حركة حماس فى أى مكان سواء فى لبنان وتركيا أو قطر، وتهديدهم بتحويل بيروت وجنوب لبنان إلى إلى غزة وخان يونس، صمت بلينكن تماما، ذلك أن احترام سيادة الدول طبقًا لميثاق الأمم المتحدة، لا سيما إذا كانت عربية أو إسلامية، ليست فى حسابات إدارته التى توافق على إزهاق أرواح الشعب الفلسطينى خدمة لأغراض انتخابية!

وفى القاهرة التى سمع منها للمرة الألف، رفضها للتهجير القسرى أو بالترضية، وعودة المهجرين فى القطاع إلى بيوتهم، وإقامة الدولة الفلسطينية فى القطاع والضفة دون فصل بينهما، قال بلينكن بأن الطريق للوصول إلى تلك الدولة يحتاج تكامل إسرائيل مع التزمات وضمانات أمنية من دول المنطق (H2) ,(H1) والولايات المتحدة لإسرائيل، داعيا للاحتشاد من أجل عزل إيران ووكلائها فى المنطقة، لكى نستدعى «بالصوت الحيانى» صرخة محمود درويش» كل هذا «لإسرائيل» وهذا لكل العرب»!

الجديد الذى حمله بلينكن هذه المرة لتعزيز الادعاء بأن الإدارة الأمريكية لا تستطيع الضغط على إسرائيل إلا فى حدود ضيقه، لتهدئة المشاعر الجماهيرية الغاضبة فى الداخل الأمريكى المطالبة بوقف الحرب، ومنع تدفق السلاح والأموال لإسرائيل لكى توقف حربها الانتقامية من شعب بأكمله، هو التلويح لنتينياهو بموافقة السعودية على مواصلة خطوات التطبيع معها، ووعد من عدد من الدول الخليجية بإعادة الأعمار لغزة بعد توقف الحرب.

ومنذ عام 1948 وحتى قبل سنوات خلت، كانت القضية الفلسطينية فى المفهوم الشعبى والرسمى هى قضية العرب المركزية. لكن الخلافات بين الأنظمة العربية، حالت دون تشكيل رؤية موحدة للتعامل مع تلك القضية. كما انعكست تلك الخلافات على منظمة التحرير الفلسطينية بعد أن شجعت بعض الأنظمة على تأسيس فصائل للمقاومة الفلسطينية تتبع سياساتها، وهو ما أدى إلى إضعاف المنظمة، ودفعها للذهاب وحيدة إلى أوسلو لتوقع على تسوية تعترف بإسرائيل، وتعترف الأخيرة بالمنظمة ممثلا للشعب الفلسطينى، وتقام على أساسها السلطة الوطنية فى الضفة والقطاع. ولم تلتزم إسرائيل بتنفيذ الالتزامات التى يوجبها الاتفاق تجاه الفلسطنيين بل قامت بقتل الرجلين اللذين وقعا على اتفاق أوسلو: إسحاق رابين وياسر عرفات!

فى عام 1840 قال اللورد بالمر ستون وزير الخارجية البريطانى: ستكون فلسطين اليهودية، سدا فى وجه أى محاولات شريرة لإنشاء دولة عربية تضم مصر والشام وتهدد مصالحنا». وكانت بلاد الشام فى ذلك الزمن كيانا مترابطا يضم سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، قبل التقسيم الاستعمارى لاتفاقيات سايكس – بيكو ،وقد غدا هذا القول فيما بعد، فى العام 1917 وعد بلفور، الذى انتهى باقامة دولة إسرائيل. أقول هذا لكى أذكر الأشقاء فى المملكة العربية السعودية ،أن إسرائيل لاحدود لأطماعها فى المنطقة ، وأن التطبيع معها دون شروط يغريها بالتمادى فى التوسع والعدوان، وأن الوثائق التى لديها لتحقيق حلمها بدولة من النيل للفرات لا تحصى، وأن واحدا من مسئوليها قد أعلن أثناء حرب غزة، أن حدود إسرائيل ستمتد إلى مكة والمدينة وجبال سيناء.

والمملكة فى ظل القيادة الشابة الشجاعة للأمير محمد بن سلمان بما يمتلكه من رؤية تسير بخطى حثيثة نحو التحديث والتقدم والمنافسة فى الساحة الدولية بشروط العصر، تملك من القوة، ما يجعلها ترهن خطوات التطبيع مع إسرائيل، بالمبادرة السعودية التى صاترت عربية لقمة بيروت 2002، التى تحظى فيها إسرائيل، للمرة الأولى منذ نشأتها، باعتراف عربى من كل دول المنطقة، مقابل الجلاء عن الأراضى التى احتلتها فى العا1967 وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. ليس فقط دفاعا عن حقوق الشعب الفلسطينى، لكن حفاظا على أمن واستقرار دول المنطقة ، وهما أمران لن يمكن التوصل إليهما دون حل عادل للقضية الفلسطينية.